التقارير

حادثة الحريق بالحمدانية بسبب الاهمال


 

نعيم الهاشمي الخفاجي ||

 

شاءت الأقدار يتحول حفل في  قضاء الحمدانية في محافظة نينوى شمال العراق،  والذي يقطنه شركاءنا بالوطن من ابناء المكون العراقي المسيحي الاشوري، تحول الحفل والفرح، إلى مكان للموت، الكارثة وقعت بعد منتصف الليل بقليلاً،  ليل الثلاثاء الأربعاء، بعدما شب حريق هائل في القاعة، مخلفاً  أعداد كبيرة من الضحايا والمصابين في إصابات حروق كبيرة.

بلا شك هذه الحادثة الأليمة، مؤلمة لكل إنسان عراقي لديه ضمير إنساني وأخلاقي،  حاول بعض شركاء الوطن وبشكل خاص من اراذل فلول البعث وهابي وبعض الحمقى الشوفينيين استغلال تلك الحادثة، بطرق غير شريفة لتوظيفها للهجوم على خصومهم، وهذا الأسلوب في قمة الخسة والنذالة، ماحدث في الحمدانية، وسائل الإعلام نقلت الحدث، كل حسب مصلحته، وليس لنقل حقيقة ما وقع، لذلك  وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع  الخبرية التي يديرها إعلاميين ونشطاء يدعون أنهم نشطاء مدنيين، يمتهنون الكذب والتدليس، قاموا في عمليات تشويه الحقائق لتحقيق مآرب سياسية، وسبق لهؤلاء أن تاجروا بفرج صابرين الجنابي وبمؤخرة شيخ الموصل وعفيفها الشيخ ولي فلول البعث الشيخ أبا تبارك اللوطي.

بكل الاحوال، ماحدث هو جريمة مؤلمة يتحمل مسؤوليتها ليس طرف واحد، وإنما أطراف عديدة، منها تشيد بناية بدون توفر شروط السلامة الصحية، وعدم وجود أبواب للخروج الاضطراري من أسوار وجدران القاعة الخلفية.

حادثة حريق  الحمدانية المؤلم، اعتدنا نسمع  نفس الأقوال، المتكررة،  للمسؤولين سواء بالحكومات المحلية، أو من  وزارة الصحة او المسؤولين بالدولة،  عن  وجود خلل في إجراءات وشروط السلامة،   التي يلزم وجودها في الأماكن سواء كانت حكومية أو قاعات تجارية او مولات، تلزم عدم إعطاء موافقات من مؤسسات الدولة، إلا بتوفر شروط  لضمان السلامة قبل المباشرة في  بناء تلك الأماكن، والغاية للمحافظة على سلامة وحياة المواطنين، سبق أن وقعت حرائق سابقة مثل حريق  مستشفى ابن الخطيب في بغداد، و حريق مستشفى آخر  في الناصرية وحرائق وقعت في أسواق تجارية في بغداد واغلب المحافظات العراقية، أتعجب بل وأصيب بالذهول، أين الاجهزة الرقابية لوزارة الصحة العراقية،  واجب فروع الصحة مراقبة النظافة في الأسواق ومراقبة أبواب الخروج الاضطراري وتوفر معدات وأجهزة مكافحة الحريق من خلال توفير قناني غاز مخصصة لاخماد الحرائق، بل يفترض في وزارة الصحة، تكليف فروع الوزارة بالمحافظات والاقضية والنواحي والقصبات مراقبة شروط توفر السلامة الصحية بكل الفنادق والصالات والمولات والاسواق، واجب وزارة الصحة إلزام البقالين وباعة الفواكة والخضار ومحلات القصابيين والمقاهي وضع أجهزة كهربائية مخصصة لقتل الذباب والبعوض، لايعقل تشاهد اسراب لملايين الذباب يحلق في الأسواق ومتجمع على الفواكه والخضار في أعداد كبيرة، وكأن وجود اسراب الذباب عامل صحي وليس عامل لنشر الأمراض.

هناك فساد وانتشار ظاهرة الرشاوى مقابل إعطاء موافقات بدون توفر شروط السلامة، من قبل المسؤولين والموظفين، لا يمكن تحميل ذلك للحكومة في بغداد فقط، وإنما من يتحمل المسؤولية صاحب ومالك القاعة او المول او المتجر الذي لم يوفر شروط السلامة الصحية، ويتحمل المسؤولية الموظف والمسؤولين في المجلس البلدي الذين سمحوا بناء قاعات وأسواق بدون الزامهم استعمال مواد اولية غير قابلة للاشتعال، وتوفير شروط السلامة الصحية.

السيد رئيس الوزراء الاستاذ محمد شياع السوداني ذهب بنفسه لمكان الحادثة، وأرسل وزير الداخلية ووزير الصحة وأيضا كان  حضور لقوات الجيش العراقي وقوات الشرطة الاتحادية وقوات الحشد في مكان الحادثة، رئيس الوزراء أصدر قرارات بتسهيل نقل الجرحى للعلاج حتى في خارج العراق، إن اقتضت الضرورة لذلك،  وكذلك امر في مساعدة العوائل المتضررة مادياً، وأن كانت المساعدة المادية لم ولن تعوض الأنفس التي احترقت و اختنقت وماتت، لكن السيد رئيس الحكومة بادر في المساعدة وكذلك بعلاج الجرحى خارج العراق إن اقتضت الضرورة، للتعبير عن تعاطفه مع العوائل العراقية المسيحية المتضررة.

راينا تعاطف شعبي كبير لضحايا الحادثة، مرجعية السيد الامام السيستاني بادرت في إصدار بيان تعاطف مع أسر الضحايا ومساعدتهم ومشاركتهم في مصابهم الأليم، قادة أحزاب الإطار الشيعي ذهب الكثير منهم إلى مكان الحادثة لمواسات عوائل الضحايا والجرحى، شيوخ القبائل وزعامات شيعية أخرى أصدرت بيانات تعاطف وأرسلوا وفود ومساعدات إلى قضاء الحمدانية.

في ساعة وقوع الحادثة، حاولت  مجاميع فاقدة إلى الشرف والضمير، المسارعة في   تحميل مسؤولية الحريق على فريق مسيحي اشوري قاتل وشارك في هزيمة داعش،بل المثير للسخرية أن بعض حثالات فلول البعث وهابي بمنصة إكس قالوا سبب الحريق إيران.

تباينت الأقوال حول سبب الحريق، لكن كما قيل أن اهل مكة ادرى بشعابها، الكاتبة والباحثة العراقية المسيحية ايزابيلا بنيامين كتبت مقال مهم حول الحادثة إليكم نصه،( منقول للكاتبة والباحثة المسيحية الاشورية،ايزابيلا بنيامين.

حول حريق الحمدانية،

(شهداء) حريق الحمدانية،

لا أكره احد ولكني اكره الاستغلال.

في زلة لسان وأثناء تأبين القتلى في المقبرة المسيحية قال القس عمانوئيل توما : (اتمنى في الاحتفالات القادمة أن تضعوا المشروبات الروحية خارج مكان الاحتفال ، لأنكم رأيتم ماذا فعل اشتعال الخمر بالمدعوين).

هذا الكلام الذي اذاعتهُ الاذاعة الاشورية في نقل مباشر، دفعني للاتصال بقريبتي التي كانت في الحفل ، وسألتها عن ملابسات الحادث الذي احرق اكثر من ثلاثمائة مسيحي آشوري بينهم بنت خالتي الشابة الجميلة. فقالت : ان سبب الحادث هو أن احد النساء جفلت من صوت مفرقعات رماها طفل وبسبب خوفها انقلبت الطاولة التي كان عليها مئآت الأقداح وقناني الخمر السريع الاشتعال فألتهب المكان بسرعة هائلة فاجأ المدعوين المشغولين بالرقص والشرب ، وانفجرت بقية القناني التي يبلغ عددها اكثر من اربعمائة قنينة هي هدايا لحفل الزفاف.

إذن ان سبب اشتعال المكان بهذه السرعة هو كميات الكحول الهائلة التي كانت في وسط قاعة الاحتفال قرب الباب ولهذا لم يستطع المدعوين الهروب لأن الباب كان يمور بالنيران المشتعلة وقناني الكحول المنفجرة ترمي بشضايا الزجاج فحوصر الجميع وهكذا كانت الفاجعة.

 لعل الغريب في المسألة أن ممثل الآشوريين السريان  سمير ميخا في مجلس المحافظة انتقد القس على كلامه هذا ، لأن بعض السياسيين الاشوريين يريدون أن يحسبوا قتلى حريق الخمر (شهداء). ينالون كامل حقوق شهداء الحشد الآشوري. طبعا هذا استغفال للدولة واستغلال وانتهازية. لأن العراق في كل يوم تحصل فيه حرائق ويسقط ضحايا بالعشرات. في حرائق او حوادث سيارات.

على كل حال أنا لست ضد اي قرار ، ولكن على أي انسان يتحمل نتيجة غفلته وأفعاله ، وحادث الحمدانية هو نفس ما حصل لكنيسة العذراء في الموصل الذي اشتعلت فيها النيران نتيجة اشتعال (الخمر المقدس في المذبح). الذي يشربونه قبل الصلاة لنيل بركة يسوع في أولى معجزاته صانع للخمور.فاشتعلت الكنيسة واحترق المصلّين بالعشرات.  حيث يقول الإنجيل أن يسوع المسيح كان في أحد الأعراس ، ولمّا فرغت الخمر طلبت منه امه القديسة مريم العذراء ان يصنع لهم الخمر ، فطلب يسوع أن يملأوا سبعة اجران كبيرة بالماء ، ثم قرأ عليها إسم الله فتحول الماء إلى خمر صرف أعجبت الوالي الروماني الذي كان حاضرا. وهذه هي الخمر المقدسة التي يتم شربها في المناولة.

يقول يوحنا في إنجيله، (في اليوم الثالث للعرس كانت أم يسوع هناك.ودُعي يسوع أيضا للعرس،ولما فرغت الخمر قالت مريم العذراء لإبنها يسوع : ليس لهم خمر ..  وكانت هناك ستة أجران ، فقال لهم يسوع : املأوا الأجران ماء . ثم قال لهم اسقوا . فلما ذاق رئيس المتكأ الخمر قال أنها خمر جيدة. فسكروا جميعا وكانت هذه اولى آيات مجده). إنجيل يوحنا 2 ، 3 ، 9.

هذه الخمر هي سبب مصيبة قاعة الحمدانية. علما أن الكحول مصنوعة محليا وفيها اكثر من تسعين بالمائة من الكحول. أي أنها اسرع اشتعالا من البنزين. ثم ساعدت كراسي البلاستك على اتمام بقية الحريق.

الغريب هو تعلق المسيحية بالخمر مع أنهم يقرأوا قول الرب : ( يكون عظيما أمام الرب الذي لا يشرب خمرا ولا مسكرا). إنجيل لوقا 1، 15.

انتهى مقال السيدة ايزابيلا بنيامين، وقد ذكرت رواية يمكن تصديقها، لأنها قريبة من الواقع، في الختام، للاسف يتم استغلال الضحايا بالدول العربية بابشع الطرق، بزمن العمليات الإرهابية التي كان ينفذها فلول البعث، بصماتهم واضحة على العمليات الطائفية القذرة، وتجد فيالقهم الإعلامية ومنابر خطب صلاة الجمعة في مساجدهم يذرفون الدموع ويصورون ما وقع من تلك العمليات يقف خلفها الشيعة، وأن الميليشيات تستهدفهم وتقتلهم…..الخ من الأكاذيب، يتبعون أساليب التلقين المتكرر لاقناع من لاعقل لهم من اتباعهم انهم أبرياء وأنهم مظلومين، بلا شك، عندما يعاني البلد من صراع قومي ومذهبي مستدام، ويكون تراخي وعدم استخدام القوة مع رؤوس الإرهاب، يتجرأ هؤلاء الجبناء على نشر الفوضى والقتل وعدم الاستقرار، ضحايا المكون العراقي المسيحي خسارة لكل أبناء الشعب العراقي.

 

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

30/9/2023

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك