نور الجبوري ـ متابعة ||
بينما لم يتبق متسع من الوقت قبل الاجتماع الجديد لمجلس الأمن لتمديد مهمة اليونيفيل في لبنان، بدأ هذا البلد إجراءاته لمنع تكرار سيناريو العام الماضي في تغيير مهمة القوات الدولية وإلغاء هذه التغييرات، وحسب تقارير إعلامية، في نهاية الشهر الجاري، سيعقد مجلس الأمن الدولي، مثل كل عام، اجتماعا لتمديد مهمة "اليونيفيل" (ما تسمى قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ومقرها في لبنان)، وفي هذا الصدد، سيتخذ لبنان إجراءاته الدبلوماسية، وقد بدأ لمنع تغيير مهمة اليونيفيل، ونشرت صحيفة الأخبار مذكرة بهذا الصدد وأعلنت أنه في الأيام القليلة المقبلة، سيزور وفد رسمي برئاسة عبد الله بو حبيب وزير خارجية الحكومة اللبنانية المؤقتة، إلى جانب منير شحادة منسق حكومة هذا البلد مع اليونيفيل، وسيقوم نيابة عن وزارة الدفاع اللبنانية بزيارة إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات التحضير والتشاور التي ستعقد قبل اجتماع مجلس الأمن بشأن تمديد مهمة اليونيفيل في لبنان.
· الإجراءات الدبلوماسية اللبنانية لمنع تغيير مهمة اليونيفيل
رسميّاً، أطلق لبنان خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حملة دبلوماسية صامتة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ولا سيما روسيا والصين، ويصرّ لبنان بموجبها على رفض أي تغيير في مهمة القوات الدولية في العراق، جنوب هذا البلد، ويرفض أيضًا التغييرات التي تمت إضافتها العام الماضي بضغط من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، ويؤكد على إلغاء هذه التغييرات، وحسب هذه التغييرات، التي أُعلن عنها العام الماضي واحتج عليها لبنان، يمكن لقوات اليونيفيل إجراء عمليات تفتيش ودوريات في منطقة جنوب الليطاني بحرية ودون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني.
وتمت إضافة هذه التغييرات باقتراح من الولايات المتحدة وبالتعاون مع فرنسا وإنجلترا، وتمت الموافقة عليها دون اعتراض من الصين وروسيا، بينما كان هناك اختلاف في الرأي بين وزارة الخارجية والتمثيل اللبناني في الأمم المتحدة، لكن الآن يحاول الجيش اللبناني تصحيح هذا الخطأ بالتعاون مع وزارة الخارجية ومنع وقوع خطأ أكبر محتمل لصالح الكيان الصهيوني.
· ضرورة إلغاء التغييرات التي أدخلت على مهمة اليونيفيل
بوضوح، قال مصدر عسكري لبناني للإعلام المحلي، إن البعثة الدبلوماسية اللبنانية في مجلس الأمن تصرّ على تعديل البند الخاص بحرية حركة "اليونيفيل" دون التنسيق مع الجيش اللبناني، وكان الجيش اللبناني قد دعا في وقت سابق ممثلي الدول المشاركة في اليونيفيل وبحث معهم آلية العمل الميداني والتعاون بين الجيش اللبناني والقوات الدولية وفق القرار 1701، وتابع هذا المصدر العسكري: "أظهرنا لممثلي الدول المذكورة بشهود وأدلة كيف تجاوزت بعض قوات اليونيفيل الجيش اللبناني، لذلك سنطرح صيغة جديدة لنشاطات اليونيفيل ، حيث لا تكون تحركات هذه القوات بموجبها خارج إطار التنسيق مع الجيش اللبناني"، حيث يخشى الجيش اللبناني من الموافقة على بنود جديدة في الجلسة المقبلة لمجلس الأمن قد تغير مهمة اليونيفيل.
من ناحية ثانية، إن العامل الآخر الذي يقلق الجيش اللبناني هو إمكانية فرض خطة ترسيم جديدة بين لبنان والكيان الصهيوني بما يتماشى مع مصالح تل أبيب، وتم ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة منذ عام 1923 وتسجيلها في اتفاقية الهدنة لعام 1949، وعند تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي كان اللبنانيون يتحدثون عن ثلاث نقاط عند رسم "الخط الأزرق"، وبعد اجتياح الكيان الصهيوني للبنان عام 2006، زادت هذه النقاط الثلاث إلى 13 نقطة، ولا يفرط لبنان بأي منها، وقد أكدت المعلومات أن الجيش اللبناني بعث برسالة إلى مجلس الأمن عبر وزارة الخارجية وطالب بإزالة مصطلح "ترسيم الحدود" واستبدال مصطلح "تحديد الحدود" وتغيير اسم "الجزء الشمالي من المنطقة "منطقة الغجر "حراج مدينة الماري"، وكان لبنان قد تقدم في وقت سابق بشكوى ضد الكيان الصهيوني بسبب زيادة وجوده المحتل في الجزء اللبناني من قرية الغجر الحدودية ورفعه إلى مجلس الأمن.
· لماذا تحاول واشنطن وتل أبيب تغيير مهمة اليونيفيل في لبنان؟
دخلت قوات اليونيفيل لبنان عام 1978 بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425، وتتألف هذه القوات من قوات عسكرية من عدة دول من بينها الصين والهند ونيبال واندونيسيا وفرنسا وايطاليا وايرلندا وبولندا، وتهدف هذه القوات إلى مراقبة حدود لبنان مع الأراضي المحتلة والحفاظ على السلام في هذه الحدود وإرسال التقارير إلى مجلس الأمن، ولهذا السبب تسمى هذه القوات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ويشار إلى أن المهمة الأساسية لهذه القوات في لبنان كانت حماية السلام ومنع الحرب والعدوان على لبنان، لكن منذ ذلك الحين، فرض الكيان الصهيوني حربين على لبنان عامي 1982 و 2006.
وتظهر هذه الحروب، وكذلك الأعمال العدوانية للكيان الصهيوني، أن وجود قوات اليونيفيل لم يمنع اندلاع الحرب في لبنان في السنوات الأخيرة، بل إن قوة حزب الله هي التي تسببت في عدم قدرة قوات الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة بعد حرب تموز، على مهاجمة لبنان، إضافة إلى ذلك، لم نشهد أي رد فعل يذكر من اليونيفيل ضد انتهاك الكيان الصهيوني لفضاء لبنان الجوي والبري والمائي، وهذا يدل على أن هذه القوات تعمل بالتنسيق الكامل مع أمريكا و"إسرائيل"، ولهذا السبب، تندلع أحيانًا صراعات بين اللبنانيين وهذه القوى، ومعظم اللبنانيين يحتجون على أداء اليونيفيل في بلادهم.
في النهاية، وعلى الرغم من أن أداء قوات اليونيفيل كان في كثير من الأحيان لصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن أمريكا وتل أبيب ، وخاصة في عام 2019، بذلوا جهودًا كبيرة لتغيير أداء هذه القوات، والآن، تتطلع الولايات المتحدة و"إسرائيل" إلى الاستيلاء الكامل على مبادرة اليونيفيل في لبنان وتحقيق هدفهما التقليدي المتمثل في إضعاف حزب الله ومحاولة تدميره في نهاية المطاف، ويعتقد الخبراء أن واشنطن تريد من اليونيفيل تنفيذ أوامر الحكومة الأمريكية في لبنان، ويبدو أن الهدف من هذه الضغوط هو تغيير طريقة عمل اليونيفيل بحيث يكون أداؤها متوافقا مع رغبات واشنطن، رغم أنها ليست بعيدة عن هذا الوضع، وبمعنى آخر، يريد الأمريكيون إدارة اليونيفيل من غرفة العمليات الأمريكية – الإسرائيلية، بما لا يتوافق مع الحق اللبناني الذي لا يختلف عليه شخصان.
مصدر : موقع الوقت
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha