لم تعد زيارة أربعين الإمام الحسين عليه السلام، حدثاً محلياً أو إقليماً، بل تجاوزت الحدود وأصبحت حدثاً عالمياً تتداوله وسائل الاعلام الغربية وتسلط الضوء عليه، حتى وصفت الصحيفة الأشهر في بريطانيا “الاندبندت”، زيارة الأربعين بأنها “أعظم تجمع ديني في العالم، وتفوق حج المسلمين إلى مكة بنحو خمس مرات من حيث عدد الزائرين”.
المشهد الفريد
مفكرون وأكاديميون وإعلاميون، من شتى بقاع العالم، تابعوا زيارة الأربعين كحدث له خصوصيات عديدة واستثناءات فريدة، بحسب رؤيتهم، وقد ضاقت بهم سبل التحليل ثم التعبير، فاكتفوا بوصف هذا التجمع بـ “المدهش، المحيّر، الإعجاز، العظيم، المشهد الفريد”، وبالرغم من أنها أشد وأقوى كلمات الانبهار والتعظيم والتفخيم، إلا أنهم بكلماتهم الموجزة بينوا عجزهم عن وصف حقيقة ما يرون من حدث يتجاوز الحسابات ويفوق التوقعات، فكل شيء في هذا الحدث العظيم شيء عظيم.
ونظراً لوصول أصداء زيارة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، الى اقصى بقاع العالم، بدأت الدعوات الى إدراج هذه الزيارة المليونية في موسوعات الأرقام القياسية ضمن اقسام (أكبرُ تجمُّع بشري)، و(أطولُ مائدة طعام في العالم)، و(أكبر عدد للمُتطوعين في حَدَثٍ واحد)، وغيرها من الأمور التي تجعل من زيارة الاربعين من أهم وأبرز التجمعات في العالم.
زيارة استثنائية هذا العام
وزيارة الاربعين لهذا العام 1444 هـ، يتوقع لها أن تكون الأكبر من حيث عدد الزائرين المشاركين فيها، لاسيما بعد أن كانت الزيارة مقتصرة على العراقيين خلال العامين الماضيين وبالتالي أصبحت متاحة للجميع هذا العام مع تسهيلات دخول الزائرين الى العراق من مختلف بلدان العالم.
وتوافد الى العراق حتى يوم السبت العاشر من ايلول الحالي 1,933,938 زائراً من منافذ العراق الحدودية والجوية والعدد قابل للزيادة خلال الايام المقبلة، وغالبية هؤلاء الزائرين الأجانب من مواطني الجمهورية الاسلامية الايرانية إضافة لزائرين من مختلف الجنسيات والبلدان العربية والآسيوية والافريقية وحتى الأوروبية.
وبالتزامن مع زيارة الاربعين لهذا العام أقيمت في محافظة كربلاء المقدسة فعاليات وانشطة مختلفة من بينها مؤتمر نداء الأقصى الدولي الذي شهدت مشاركة دولية واسعة، وكان أبرز الحاضرين، حفيد غاندي وحفيد مانديلا ومفتي روسيا رافيل عين الدين ووالد الشهيد محمد الدرة ووالدة الشهيدة الممرضة رزان النجار.
دعوات للتخطيط
وعن زيارة الاربعين وضرورة الاهتمام بها مع اتساع المشاركة فيها من العراق وبلدان العالم يقول النائب الاول لمحافظ كربلاء علي الميالي في حديث لوكالة ايرث نيوز، إننا “على بعد ايام من ذروة الزيارة وكل المجتمع الكربلائي بمواكبه وحكومته المحلية والعتبتين الحسينية والعباسية والدوائر الخدمية يعملون بوتيرة متصاعدة على مدار 24 ساعة”.
وشدد الميالي على ضرورة ان “تكون هناك خطة للكهرباء خلال زيارة الاربعين إضافة الى تخصيص ايدي عاملة وعجلات وآليات وهذا الامر يتطلب جهداً من الحكومة المركزية وليس المحلية فقط”.
وبين الميالي أن “أكثر من 30 مليون زائر سيحيون زيارة الأربعين وهذا العدد يحتاج الى جهد عالي المستوى لتنظيم هذه الزيارة”، مشدداً على ضرورة أن “تكون هناك هيئة علياً لزيارة الاربعين يقع على عاتقها تنظيم الزيارة ومتطلباتها”.
انتعاش اقتصادي
من جهته قال رئيس رابطة الفنادق والمطاعم السياحية في كربلاء محمد صادق الهر في حديث لوكالة ايرث نيوز، إن “هذا العام يشهد زيارة مختلفة عن الاعوام السابقة بالرغم من ان السنوات السابقة كانت الزيارة هي الاكبر عددا وعدة بالنسبة للزيارات الحسينية لكن في هذا العام هنالك توسع كبير في هذه الزيارة”.
وأضاف الهر أن “الدول التي دخل مواطنوها الى العراق لإحياء زيارة الاربعين بلغ قرابة 90 دولة وبأعداد كبيرة جداً”، مؤكداً أن “جميع الفنادق في كربلاء والبالغ عددها 1000 فندق تقريبا بين فندق سياحي و فندق شعبي بالإضافة الى الشقق السياحية وغيرها قد امتلأت بالزوار بعد ان كانت في السنين السابقة شبه خالية بسبب جائحة كورونا وكانت اعداد الزائرين الاجانب محدودة واقتصرت على العراقيين فقط”.
وأشار الهر إلى أن “الاسواق في محافظة كربلاء وبقية المحافظة التي يمر خلالها زوار الاربعين شهدت انتعاشاً اقتصادياً لم تشهده منذ سنين بسبب الطلب على المواد الغذائية وكذلك باقي السلع الأساسية وحتى الكمالية بالإضافة الى موضوع النقل وخطوط الطيران والنقل الداخلي والخارجي والفنادق والمطاعم”، مبيناً أنه “برغم توفير الطعام والمنام في المواكب والحسينيات إلا أن المطاعم والفنادق تعمل بشكل جيد”.
وتابع الهر “نتأمل ان تصل اعداد هذه الزيارة الى اكثر من 25 مليون زائر وربما يفوق هذا العدد”.
ومع اقتراب موعد ذروة زيارة الاربعين، مازال مئات الآلاف يواصلون مسيرهم صوب كربلاء المقدسة وضريح سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين، لإحياء زيارة الأربعين، مع توقعات بأن تكون زيارة هذا العام الأكبر والأوسع مشاركة.
https://telegram.me/buratha