التقارير

المشهد السياسي في العراق


هادي بدر الكعبي ||    بدأت ملامح المشهد السياسي في العراق مختلفة بعض الشيء عن السابق وقد استغرق هذا المشهد بالاقاويل والتحليلات التي تتحدث عن مستقبل الأوضاع ومالآتها القريبة أو البعيدة. وفي هذه الأجواء تأتي قراءة مختصرة ومتواضعة تحاول التأمل بعين من الواقعية لترسم لنا بوضوح مشاهد الموقف السياسي في العراق ولاسيما بعد نتائج الانتخابات المبكرة وما رافقها من إرهاصات كادت الأوضاع فيها أن تصل إلى مديات ومضاعفات سلبية قد تعصف بالعملية السياسية،لذا يمكن قراءة المشهد على النحو الآتي وهو: ١- مازالت الأخبار تتحدث عن ان محوري التشيع السياسي في العراق( الاطار التنسيقي والكتلة الصدرية) لم يتوصلوا إلى توافقات لنزع فتيل الأزمة بل إن الخلافات بينهما مازالت متجذرة وأن ما جرى بينهما في اللقاء الأخير لا يعدو كونه: أ- لقاء لترطيب الأجواء وكسر الجليد بين الأطراف المختلفة. ب- لقاء لأجل إرسال رسائل تهدئة إلى الجمهور الشيعي ومحاولة إعطاء انطباع لدى هذا الجمهور بأن حدة التوتر والخلاف ممكن حله من خلال الحور والتفاهم. ت- محاولة جس النبض حول أولويات كل طرف وتوجهاته السياسي وغيرها. ث- حضور السيد مقتدى الصدر ولقائه بالآخرين وهو واثق بأن البعض من اطراف الإطار التنسيقي سوف تكون تحت سيطرته وتتفق معه دون البعض الآخر من الإطار. ٢- كشفت الأحداث بعد انتهاء اللقاء بين الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية بأن كل طرف منهما راح يسرب ويسوق مجموعة من الأخبار والتسريبات لأجل: أ- المبالغة في قراءة الحدث وأهميته. ب- وايضا لأجل محاولة كلا منهما تثبيت ما يؤمن به من مبادى و استراتيجيات. ٣- الكتلة الصدرية تعتقد بأن البعض من قوى الإطار التنسيقي ترتكز استراتيجيا في الوقت الراهن على اتباع مناورات تسعى من خلالها إلى  تأخير مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات لأقصى فترة ممكنة، من أجل: أ- فسح المجال أمامها لممارسة أقصى ضغوط ممكن عبر الاحتجاجات وتنظيم الحملات الاعلامية وغيرها. ب- هذا الضغوط التي تستخدم من قبل تلك الاطراف هي لإقناع الكتلة الصدرية بالتوصل إلى صفقة سياسية معهم. ٤- الآن الساحة السياسية الشيعية تشهد حركة مسارات متعددة ومنها: أ- ضرورة الدفع نحو مزيد من التواصل والتنسيق ما بين الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية لأجل الوصول إلى تفاهمات و تحديد المسار بالاتجاه الذي يحفظ المصالح الشيعية العليا. ب- بينما في الخط الآخر نرى حركة كبيرة من التنافس لأجل كسب القوى السياسية الصغيرة و بعض المستقلين حتى يمكن تشكيل الكتلة الأكبر التي تأخذ على عاتقها مسئولية تشكيل الحكومة ورسم مستقبل العملية السياسية القادمة. ٥- توجد مخاوف حقيقية لدى الكتلة الصدرية من تأخير المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية العليا،لذا من المحتمل ان الكتلة الصدرية ستذهب نحو انتهاج خيار تفعيل التظاهرات في أغلب المحافظات لأجل التأثير على المحكمة الاتحادية العليا والضغط على الكتل السياسية بضرورة المصادقة على نتائج الانتخابات. ٦- بدءت الكتلة الصدرية تستشعر أن سيناريو تشكيل الحكومة بينها وبين (تقدم والحزب الديمقراطي الكوردستاني) وبعض القوى الصغيرة والمستقلين يتلاشى مقابل ذاهبها  نحو التوافق والتفاهم مع الإطار التنسيقي لأجل تشكيل الكتلة الأكبر أولا ومن ثم التواصل مع بقية القوى السياسية الكردية والسنية لتشكيل الحكومة الجديدة لاسيما وأن الوقائع والأحداث جعلت الطريق غير معبد أمامها في تحقيق مغزاها لاسيما بعد ولادة التحالف الجديد (العزم) بقيادة خميس الخنجر. ٧- ذهاب الكتلة الصدرية نحو التوافق مع الإطار التنسيقي سوف يحقق لها: أ- الحصول المكاسب الحكومية والسياسية التي تستطيع من خلالها تقوية نفوذها وسلطانها السياسي. ب- التخلص من العزل السياسي في حال تكونت تحالفات سياسية تكون هي الأساس وتكون الكتلة الصدرية  ثانوية أو هامشية. ت- التخفيف من حالة الغربة التي تعيشها وسط المجتمع الشيعي،وايضا للتخفيف من لهجة الاتهامات الموجهة لها. ٨- تعاني الساحة السياسية السنية من خلافات وتجاذبات حادة تمنع المكون السني من التوصل إلى اتفاق يجمع القوى والأحزاب السياسية السنية على رأي موحد،والمعوقات التي تقف وراء ذلك هي: أ- تقاطع المصالح حول المكاسب والمناصب وعلى قيادة المكون السني سياسيا. ب- تأثيرات الدول الإقليمية(تركيا و السعودية و قطر و الامارات) على الساحة السنية. ت- الخلاف الحاد على منصب رئيس مجلس النواب، فتحالف العزم بزعامة خميس الخنجر يرفض مع بعض الزعامات السنية ترأس الحلبوسي رئاسة مجلس النواب مرة أخرى،حتى أن تحالف العزم ذهب باتجاه العمل على اختيار مرشحين لشغل المنصب بدلا عن الحلبوسي وتقديمهم إلى القوى السياسية الأخرى. ٩- تحالف العزم يعتبر أن الأنباء والأخبار التي تتحدث عن التحاق بعض المستقلين بالتحالف مع (تقدم) بزعامة الحلبوسي هو تضليل إعلامي وهي اخبار عارية عن الصحة. ويزعم تحالف العزم أيضا بأنه بعد المصادقة على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية العليا سوف يلتحق بتحالف العزم نواب مستقلين من الانبار ونينوى وبغداد. ١٠- شهدت الساحة السياسية السنية مساعي حثيثة لأجل توحيد صفوف القوى السنية وتشكيل البيت السني من خلال دخول اللاعب الإقليمي ولاسيما التركي على الخط،حيث استضافت أنقرة لقاء جمع بين خميس الخنجر و محمد الحلبوسي بعد اجتماع مع اردوغان قبل الانتخابات البرلمانية بأيام قليلة. وقد كشف (مشعان الجبوري) من خلال مقابلة تلفزيونية معه في ٢٠٢١/١٠/٢٦ عن بعض تفاصيل اللقاء،إذ اخبر بأن اردوغان طلب من خميس الخنجر أن يتحالف مع محمد الحلبوسي وأن يكون الحلبوسي هو رئيس مجلس النواب العراقي القادم،وأنه شجع الطرفين على ضرورة التحالف مع استعداد تركيا أن تكون طرفا ضامنا لتنفيذ الاتفاق بينهما.مشيرا إلى أن تركيا تقدم نفسها على أنها دولة راعية لأهل السنة في العراق. [١١- محاولة اردوغان لتوحيد الساحة السياسية السنية وجعلها تحت عباءته عبر تشكيل تحالف بين العزم و تقدم وترأس الحلبوسي له جاء لأجل اهداف وغايات وهي: أ- تركيا لديها وجود عسكري في العراق تحاول من خلاله أن تلعب دورا في تحقيق توازن جيو- امني، و جيو- سياسي داخل العراق وخارجه بما يضمن مصالحها الاقتصادية وغيرها. وتركيا إلى الآن قد ابقت على قواتها ولكن في ظل غياب الضمانة السياسية تسعى تركيا إلى تقنين وجودها العسكري من خلال تشكيل تحالف سني يأخذ على عاتقه لعب دور  في الضغط على الحكومة القادمة باتجاه تحقيق هذا الأمر.  ب- اردوغان يسعى لان تكون له حصة في صفقة إعادة إعمار عدد من المدن العراقية لأجل إيجاد أحد المخارج للاقتصاد التركي المتأزم الآن  ولكن من خلال إطار تشكيل هذا التحالف السني. ت- اهم الأحزاب السياسية السنية القريبة من تركيا ولاسيما الحزب الإسلامي قد إصابة الضعف والافول وبالتالي تركيا تبعث عن إيجاد البدائل السياسية لها داخل الساحة العراقية. ث- أنقرة لجأت هذه المرة إلى ورقة توحيد البيت السني على أن يكون تحت زعامة الحلبوسي كونها تعلم أن خط الحرير يمر من خلال الانبار ومنها يرتبط العراق بالشام وصولا إلى البحر المتوسط. ١٢- يعتبر تشكيل تحالف العزم في الساحة السياسية السنية خطوة مهمة كونه يقطع الطريق أمام عودة الحلبوسي مرة أخرى لترأس مجلس النواب،وايضا يجعل الكتلة الصدرية تذهب اضطرارا نحو التفاهم والتوافق مع الإطار التنسيقي،كونه(تحالف العزم) استطاع بولادتها أن يعطل الحراك السياسي الذي كان جاريا في السابق إلى حين الوصول إلى اتفاق شيعي- شيعي ومن ثم التوافق مع الكتل الأخرى لتشكيل مسار الحكومة المقبلة.  ١٣- القوى السياسية الكردية تميل إلى انتظار حركة المسار السياسي الشيعي أين تتجه مع تبني تلك القوى موقف عدم الاصطفاف مع أي طرف سياسي شيعي دون الآخر. ١٤- بعض الاخبار تشيء الى أن هناك حوارات داخلية في صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وقد أفضت تلك الحوارات إلى وجود آراء بإزاء مصلحة الحزب في التحالفات السياسية القادمة. حيث ترى بعض الشخصيات داخل الحزب بأن مصلحة الحزب الديمقراطي الكوردستاني التحالف مع الكتلة الصدرية للاعتبارات الآتية وهي: أ- يوجد هناك تحول و انعطافة كبيرة في السلوكيات السياسية للكتلة الصدرية عما كانت عليه سابقا،فاليوم الكتلة الصدرية بخطابها تتجه إلى الاعتدال وتغادر كافة الممارسات التي عرفت عنها سابقا. ب- هؤلاء الأشخاص لديهم انزعاج من بعض الفصائل الموجودة داخل الإطار التنسيقي كون تلك الفصائل متهمة من قبلهم بأنهم هم من استهدفوا مطار اربيل سابقا. ت- الاتفاق مع الكتلة الصدرية قد يسمح للحزب الديمقراطي الكوردستاني أن يحقق مكاسب مهمة على صعيد الكثير من الملفات التي توصف بأنها عالقة ما بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم ولاسيما موازنة الإقليم والوضع في كركوك والمناطق المتنازع عليها ومنصب رئاسة الجمهورية وغيرها من الأمور. في قبال هذه الرؤية يوجد رأي آخر يعترض على خطوة التحالف مع الكتلة الصدرية كونها تتسبب في: أ- ارباك التوازنات السياسية والامنية والاقتصادية داخل الإقليم ربما تصل النوبة فيها إلى استقلال سليمانية عن الإقليم. ب- توجد خشية من أن الذهاب نحو الكتلة الصدرية بشكل منفصل من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني قد يدفع فصائل المقاومة المنضوية تحت الإطار التنسيقي إلى استهداف الحزب ووجوده ومصالحه. ت- أصحاب هذا الخيار يؤكدون على عدم الانخراط في الخلافات والمناكفات الجارية الآن في العاصمة بغداد والعمل على ضمان سلامة الإقليم وتحقيق مصالحه الخاصة ولاسيما المالية. ١٥- أزمة نتائج الانتخابات قد تبدو الصورة فيها غامضة ومشوشة بعض الشيء لدى البعض بعد الكثير من الشد والجذب وانقسام الكتل السياسية بازائها. ولكن التعاطي مع ازمتها للخروج بأقل الخسائر الممكنة يحتم على القوى السياسية ولاسيما التي تشك في نزاهة العملية الانتخابية الذهاب إلى خيار القبول بقرار المحكمة الاتحادية العليا بالمصادقة على نتائج الانتخابات، كون ذلك يحقق الآتي:  أ- منع التداعيات الخطيرة المحتملة والتي يمكن أن تدخل البلاد في متاهات وصراعات كبيرة ذات خطورة وعلى كافة المستويات. ب- الحفاظ على شرعية البرلمان والحكومة القادمة بدلا من الطعن بشرعيتها أمام الرأي العام العراقي والإقليمي والدولي. ت- فتح نوافذ الحوار أمام القوى السياسية للعمل بصورة أكثر جديه والذهاب إلى بناء تحالفات لتشكيل الحكومة الجديدة. ث- إعطاء رسالة بأن العراق فيه قيمة دستورية أو قانونية قادرة على إيقاف التدهور وضبط الإيقاع.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك