سعد الزبيدي *||
زرت الأردن عام ١٩٩٥ فوجدت أن معظم سياراتها قديمة ومعظمها كانت تعمل على وقود ال (گاز) ولكن رغم قدمها إلا أنها كانت سيارات صالحة للاستعمال حيث لا سيارة تسير في الشوارع إلا التي تكون مفحوصة سنويا ولا نقص فيها وكانت سيارات السرفيس كما يطلقون عليها متاحة للجميع ورخيصة لمن يستعملها. ثم عدت عام ٢٠٠٠ فوجدت أن معظم السيارات القديمة قد تبخرت بقرار من ملك حسين رحمه الله أتاح لأصحاب السيارات القديمة أن يستبدلوها بسيارات حديثة بعد أن يستغنوا عنها مقابل إلغاء الضريبة والگمرك عنهم ومما يذكر أن مبلغ الگمرك في الأردن يعادل ثلاثة أضعاف ثمن السيارة وبهذا أنتعش سوق السياحة بفضل قرار حكيم غير وجه الشارع الأردني وتم الإحتفاظ ببعض السيارات القديمة لاستخدامها في الأفلام الوثائقية والدراما الأردنية.
كان العراق من أكثر الدول التي امتازت بشوارعها الحديثة الكبيرة وكانت تستوعب السيارات التي بلغت نصف مليون سيارة إلى ماقبل الإحتلال وكان للحصار أثر كبير في تراجع عدد استيراد السيارات الحديثة وكانت معظم السيارات تستورد من شواطئ كوريا الجنوبية حيث مقابر السيارات المنتهية الصلاحية وكان يتم استيرادها مجانا وقد أثرى عدد غير قليل من التجار وبعضهم تم تكريمه من قبل شركات كيا وهيونداي لأنهم فتحوا سوقا للمواد الاحتياطية لهذه السيارات دون فتح مكاتب إقليمية لهذه الشركات والحال ينطبق على استيراد بعض السيارات من أوربا وقد أثر الحصار على نفوس العراقيين مما انعكس على استيرادهم السيارات بنهم كبير نتبجة الفوضى وعدم وجود ضريبة گمركية بادئ الأمر مما تسبب في استيراد جميع أنواع الخردة من كوريا الجنوبية واليابان وأوروبا وأمريكا وتم دخول حتى السيارات ذات المقود الأيمن وأصبحت هناك ورش لتحوير السيارات من المقود الأيمن إلى المقود الأيسر وذهب نتيجة ذاك كثير من الضحايا نتيجة حوادث السير وكان لانتعاش الدخل للفرد العراقي مع فوضى التعيينات وارتفاع سعر برميل النفط لما فوق ١٤٠ دولارا ومنح المصارف الأهلية المملوكة لأحزاب السلطة قروضا لشراء السيارات ومن يمتلكون أسهمها أو لديهم حصة في بعض دول الجوار أو عمولات في استيراد سيارات غير مطابقة للمواصفات ومقاييس السيطرة النوعية والجودة مما أدى إلى إغراق العراق بسيارات غصت بها الشوارع حتى وصل عدد السيارات إلى ما يصل ٥ مليون سيارة وقد ازدهرت تجارة بيع الأرقام حتي وصل سعر الرقم إلى مايقارب ٥٠٠٠ دولارا بينما أسعار الأرقام المميزة وصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات وهناك بعض الشخصيات استغلت مناصبها للمتاجرة بالضغط على مدراء المرور العامين للحصول علي أرقام مميزة ومن ثم بيعها بأسعار خيالية للاغنياء الباحثين عن الشهرة والظهور وهناك ضباط في مديريات المرور يستحوذون علي الأرقام المميزة لبيعها إلى أصحاب معارض السيارات رافق الاستيراد العشوائي للسيارات استيراد غير مسبوق لأنواع الدراحات النارية وما يعرف بالتكتك حيث ملأت الشوارع بها وأصبحت مناطق شرق القناة تشبه نيودلهي غير أن في نيودلهي لاتوجد دراجة نارية أو تكتك بلا إجازة سوق أو سنوية ولن تجد من يسوق هذه المركبات دون سن الرشد الغريب في الأمر أن العسائر العراقية دعمت هذه الفوضى حيث شرعت قانون يقف بصف سائق الدراجة والتكتك أن كان هو مخطئ أو مصيب ومما يذكر أن أعداد الدراجات النارية والتكتك فاق عدد السيارات مما يعني أن هناك ١٠ مليون مركبة مابين سيارة ودراجة وتكتك في شوارع العراق المنتهية الصلاحية وكلنا يعلم أن الفساد الذي ضرب مفاصل الدولة طال مشاريع الطرق والجسور فلم تعد الطرق آمنة كسابق عهدها ومحمية بسياج امني على جانبي الطزيق أو سياج يمنع دخول الحيوانات إلى الطريق العام وصارت مشاريع التبليط وإقامة الجسور بابا من أبواب السرقة وصار هناك أكثر من شارع في العراق يعرف بطريق الموت نتيجة المطبات والحفر التي سببها الفساد في تبليط الشوارع ومخلفات الحروب حيث آثار المفخخات والعبوات وإنهاك الطريق نتيجة عدم تخصيص شوارع للمركبات الطويلة التي تنقل حمولات أكثر من المسموح ووقوفها لفترات طويلة في طابور دخول السيطرات في صيف العراق الحار جدا وعدم وجود نية حقيقية في إدامة الطرق مما أدى إلى خسائر بشرية كبيرة جدا حيث بات العراق من أكثر الدول في حوادث السير نتيجة عدم اتباع ارشادات السلامة العامة وتهالك الطرق وعدم وجود شوارع تحتوي على خطوط وانعدام الإنارة في معظم الشوارع الخارجية وكان للإهمال المتعمد في تطوير السكك الحديدية والنقل العام وعدم الاستقادة من النقل النهري وعدم توسيع الشوارع أو إقامة شبكة طرق وجسور وانفاق تواكب العدد الهائل للمركبات بل التجاوز علي الرصيف والشارع العام و عدم وجود خطط استراتيجية لبناء مدن حديثة أو إقامة مشاريع متروات أو أي مشروع يخفف الزخم عن الشوارع والآثار السلبية الخطيرة من الازدحامات التي تغتال وقت لمواطن وتكون سببا في ضياع مئات الملايين من الوقود نتيجة التوقف لساعات ولتلوث البيئي الخطير من الوقود المملوء بالرصاص الذي يمثل السبب الأكبر في زيادة نسب المصابين بأمراض سراطانية وكمارتعودنا أن ترتكب الحكومات أخطاء كبيرة ثتم تقرر البحث عن الحلول لتقع هذ الحلول وبالا على رؤوس المواطنين.
أنا مع قرار تسقيط السيارات القديمة بشرط أن يتم تعويض المتضرزين ماديا أو اعفاء من يسقط سيارة قديمة باستيراد سيارة حديثة مطابقة للمواصفات العالمية من الضريبة والگمرك وياحبذا لو تم التثقيف من أجل التشحيع على استيراد سيارات كهربائية أو استغلال الدولة حالة الكساد التي يمر بها الاقتصاد العالمي لإبرام عقود مع شركات تصنيع السيارات لإقامة مصانع لها علي الأراضي العراقية للتحول بالعراق لاستخدام سيارات صديقة للبيئة والتخطيط الحقيقي لإقامة طرق وجسور تليق بالعراق وابرام عقود لإقامة متروات وقطارات معلقة مع شركات عالمية وليس التعاقد مع لبنان لتي لا تمتلك لا مترو ولا سكك حديد علي أراضيها .
*كاتب ومحلل اسياسي.
https://telegram.me/buratha