محمد كاظم خضير ||
التطور التي تشهده العلاقات العراقية - الإيرانية في المرحلة الراهنة ينعش الأمل لبناء إستراتيجية جديدة وإحداث توازن في العلاقات الدولية بما يخدم مصلحة البلدين.
هذه العلاقات كانت العامل الرئيسي في صمود العراق وإيران في وجه مخططات الدول المعادية التي تسعى إلى إضعاف البلدين وزعزعة استقرارهما ونشر الفوضى في المنطقة ككل، وإن العراق وإيران هما الصخرة التي سوف تتحطم عليها كافة المشروعات الأمريكية الغربية في المنطقة.
فعندما هاجمت داعش 2014، ردت طهران على هذا التهديد بدعم الحكومة العراقية » وإنطلاقاً من ذلك إن المعطيات والنجاحات الميدانية تثبت فاعلية التنسيق بين العراقية وإيران على المستويات السياسية والعسكرية خلاف التنسيق بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية . إن قدوم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبغداد يعكس تقديراً لافتاً لمكانة العراق في الساحة الدولية، فالملفات التي ستناقش في هذه الزيارة وما سيصدر عنها من رسائل وإشارات هي كثيرة، خصوصاً ما يتعلق بالحوار الإيراني _ العراقي _السعودي وتعزيز المحادثات الرامية للتوصل إلى حل سياسي فيها لتحقيق وعودة الحياة السياسية إلى ظروفها الطبيعية ، وتنسيق سياسات دول المنطقة والدور الذي يمكن أن تلعبه إيران في بناء واقع جديد بما يخدم هدف السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، ومن حسن الحظ وجود توافق في الرؤى بين بغداد وطهران حول العديد من الملفات الصعبة.
وقد يبرز من خلال هذا الاجتماع أيضاً عدة عناوين ورسائل إلى أمريكا من خلال الحوار المشترك الأمريكي العراقي تحمل مسارا للمرحلة المقبلة أهمها، استمرار الدعم الثابت لعراق ، وتعزيز التنسيق العسكري في الحرب على الإرهابيين، وتفعيل الطاقات السياسية لدى العراق وإيران للتوصل إلى آلية شاملة لأنسحاب الأمريكي ودعم العراق في مرحلة مابعد انسحاب القوات الامريكية ، بالإضافة إلى دعوة للغرب إلى عدم الازدواجية في الملف الاجتماعات فينا بخصوص البرنامج النووي ، فضلاً عن التأكيد على استمرار دعم العراق حتى اجتثاث الإرهاب، كون التعاون الوثيق والمتنامي بين ايران- العراق هو العامل الرئيسي لهزيمة الإرهاب واجتثاثه من جذوره في المنطقة. وبالتالي فإن توقيت زيارة ظريف لبغداد مهم جدا في ظل هذه الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة حالياً، لذلك نضع زيارة ظريف إلى بغداد في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين الصديقين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها وأدواتها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد في بغداد ، ووضع العصي في عجلات أي جهود خيّرة لتقريب وجهات النظر لإيجاد حل للأزمة الأيرانية _السعودية ، بما يلبي طموحات الشعب الايراني والسعودي بالانتقال نحو مستقبل أفضل بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية.
كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين العراق وإيران متينة، وخارج المساومات والصفقات ولا يمكن أن يعكر صفوها ازدياد حجم التحديات. اليوم إيران لا تتوانى عن دعم القوى السياسية الشيعه ، بصفتها حليفا إستراتيجيا بالمنطقة ضد توسع النفوذ الأمريكي الذي بات مهيمنا على العراق والعالم ، لذلك فإن تحدي القوى السياسية الشيعة لأمريكا وأخواتها نابع من الدعم الإيراني لهم ، كما أن صمود وثبات الموقف الإيراني والدعم الإيراني مثلت عوامل هامة في بقاء النسق العراقي ونجاحه، وقابل ذلك اهتزاز وتراجع مستمر في الموقف الغربي وتخبط كبير في الموقف العربي باتجاه العراق ، وانكشاف دور الامريكي ومخططاتها في العراق ، لذلك ندرك جيداً أن إيران من هذا المنطلق أسهمت بقدر كبير في تغيير الصورة الجيوسياسية في الشرق الأوسط ما جعل خسائر الأمريكيين تزداد وتتعاظم في المنطقة. أختم مقالي بالقول...
إن التضحيات التي قدّمها العراقيين في مواجهة الإرهاب، تؤكد على دور العراق المحوري، وعبرها سترتسم ملامح عالم جديد تكون فيه لاعباً أساسياً في المنطقة، وإنني على ثقة تامة بأن الشعب العراقي قادر على تجاوز وتخطي أزمته ومحنته الراهنة بفضل تماسكه ووحدته الوطنية، لأنه يدرك جيداً دوره في المنطقة العربية من خلال عودته ليتبوأ موقعه ومكانته
https://telegram.me/buratha