حازم أحمد فضالة ||
نتابع دعوةً غريبة -على ما يبدو- من قِبَل بعض الإعلاميين لترشيح سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني -دام ظله- لما يسمى (جائزة نوبل للسلام)، نحترم هذه الدعوة وأصحابها، ولا نشكك بنيات من طرحها وروَّج لها قطعًا، إلا أننا نناقشها.
ما هي الجائزة، ومن أسس لها، وهل يكون مناسبًا ترشيح هذه الزعامات الدينية العالمية لأجلها؟
جائزة نوبل للسلام هي ضمن الجوائز الخمس التي وضعها (ألفرد نوبل)، وحسب المصادر: تُمنح جائزة نوبل سنويًا في العاصمة النرويجية (أوسلو) في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) من قِبَل اللجنة النرويجية لجائزة نوبل، ومُنِحَت لأول مرة سنة: 1901.
مجلس النواب النرويجي يُعيِّن هيئة خاصة؛ وظيفتها اختيار المرشحين المناسبين للجائزة، وذلك حسب وصية نوبل، إذ تُمنَح للذين قدموا أكبر وأفضل أعمال أدَّت إلى التآخي بين الأمم؛ لأجل إلغاء، أو تخفيض الجيوش الدائمة، كذلك من أجل الحفاظ على السلام وتعزيز السلام.
ألفرد برنارد نوبل:
مهندس كيميائي سويدي، ولد بتاريخ: 21-تشرين الأول-1833، وهو مسيحي بروتستانتي لوثري، كان عمله الأساس هو (المتفجرات)، إذ تملك أسرته مصنعًا للمتفجرات، وعمل في مجال المتفجرات مثل: النيتروجليسرين، ومادة الديناميت التي اخترعها سنة: 1867، ومادة الجليجنيت التي اخترعها سنة: 1875، ومادة الباليستيت التي اخترعها سنة: 1887... وكان قد تسبب مرة في قتل خمسة أشخاص -في حادثة- لأن موقعًا لمادة النيتروجليسرين قد انفجر عليهم.
بعض الأنواع الذين مُنِحَت إليهم جائزة نوبل للسلام
١- باراك أوباما (الرئيس الأميركي السابق)
مُنِحَت الجائزة لأوباما سنة: 2009؛ لجهوده الاستثنائية لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب!.
٢- كيم داي جونغ
الذي تسلم رئاسة كوريا الجنوبية (المستعمرة الأميركية) في عام: 2000.
٣- الثلاثي: الفلسطيني ياسر عرفات، الصهيوني شيمون بيريز، الصهيوني إسحاق رابين.
مُنِحَت الجائزة لهم معًا في عام 1994 بفضل (جهودهم لإحلال السلام في غرب آسيا) من خلال التوقيع على اتفاقيات أوسلو!.
وقفة مع المرجعية الدينية (سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني -دام ظله-)
البابا فرنسيس عندما زار المرجعية الدينية في النجف الأشرف بتاريخ: 6-آذار-2021؛ كان قد أُصدِرَ بيانٌ من المرجعية الدينية يوضح خلاصة الزيارة، نذكر منه الآتي:
١- ذكرت المرجعية الدينية تحديدًا في بيانها:
«الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية... ».
وهذا رفضٌ قاطعٌ لثقافة الاستكبار العالمي، ورفضٌ للحروب الأميركية والغربية والصهيونية ضد شعوبنا، فالذي يتكلم بالسلام عليه رفض هذه الحروب عمليًا أولا.
٢- الرفض القاطع للاحتلال الصهيوني لفلسطين، إذ قالت المرجعية الدينية:
«... ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة»
فهنا نقرأ التوكيد المُركز على إدانة الاحتلال الصهيوني لأرض وشعب فلسطين، إدانة الاحتلال الإسرائيلي للقدس، ومن هنا نجد أنَّ المرجعية تمسك بالبوصلة وتوجِّه المسلمين، ومدَّعي السلام -إن كانوا صادقين- نحو رفض هذا الاحتلال الظالم.
لكن جائزة (نوبل للسلام) تُمنَح إلى السياسي الصهيوني شيمون بيريز في سنة: 1994، وكذلك تُمنَح إلى الصهيوني إسحاق رابين (رئيس وزراء الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين حتى سنة: 1995)، علمًا أنه مُنِحَ الجائزة سنة: 1994!.
وتُمنَح الجائزة إلى أوباما (الرئيس الأميركي السابق) الذي أقحَمَ شعوبنا ودولنا في حرب الإرهاب السلفي (داعش)، إذ بدأ الحرب الإرهابية ضد سورية سنة: 2011، وتآمر أوباما ضد العراق سنة: 2014؛ من خلال نقل الجماعات الإرهابية من سورية إلى العراق، وكاد الإرهاب يجتاح لبنان لو لا حزب الله، كذلك أوباما دمر اليمن بحرب طاحنة من قبل التحالف السعودي القذر من تاريخ: 25-آذار-2015 حتى الآن!.
٣- أشارت المرجعية في البيان بأنّ الزعامات الدينية في العالم دورها يكون:
«... الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي... ».
وهنا مكانة المرجعية الدينية في النجف الأشرف وثقلها العالمي الوازن تؤهلها أن تخاطب (مرجعيات ألفرد نوبل) وتعطي لها درسًا في التعامل مع الأزمات العالمية المفتعلة؛ التي دمَّرَت مفهوم السلام الذي لم يبقَ منه في أخلاقيات الغرب إلا اسمه المرمي على مُجَسَّم جائزة نوبل البائسة.
ختامًا نقول، إنَّ ترشيح مرجعياتِنا الدينية لجائزة غرْبيَّة كان قد أسَّسَ لها خبير متفجرات طحنت ملايين البشر؛ لَهُوَ ترشيح فظيع، ويحطّ من شأن مرجعياتنا الدينية، ومن مكانتها العالمية!.
المعايير لنيل الجائزة هذه التي تساوي بين الصهيوني إسحاق رابين الغاصب لفلسطين، وبين مرجعياتنا الدينية هي معايير دون الشرف، وهي ضد الهوية الإسلامية والتشيُّع، وهي ضد مبادئنا وثقافتنا الأصيلة.
https://telegram.me/buratha