كتابة وترجمة ـ فهد الجبوري ||
الأنظمة العربية تدفن " لاءات الخرطوم " وتهرول نحو تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني
بعد هزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران عام ١٩٦٧ ، عقدت الجامعة العربية قمتها الرابعة في الخرطوم ، وعرفت القمة باسم اللاءات الثلاثة حيث خرجت بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة : لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني .
ومنذ ذلك الحين ، لم يتحقق أيا من هذه الثوابت ، بل على العكس شاهدنا انحدارا واضحا في مسار المواجهة مع الكيان المحتل للأراضي العربية ، حتى أن بعض الأنظمة العربية بدأت بالسر والعلن تعمل على عقد الصلح وما يسمى زورا بالسلام وذلك على حساب الحقوق التأريخية للعرب وللفلسطينيين الذين ما زالو يرزحون تحت نير الاحتلال ، وتجري مصادرة أراضيهم ، وتبنى عليها المستوطنات في انتهاك واضح لكل القرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية ، وفي تحدي صريح لكل الحكومات والبلدان العربية التي تخلت عن كل التزاماتها الوطنية والقومية والشرعية ، وأخذت تهرول نحو تطبيع العلاقات مع العدو المتغطرس الذي لايعير أيةأهمية للسلام والاستقرار ، بل هدفه الاستراتيجي هو الهيمنة ومصادرة الحقوق والأرض ، معتمدا في ذلك على دعامتين أساسيتين هما الخضوع المذل للحكومات العربية ، والدعم غير المحدود الذي يتلقاه من الاستكبار العالمي بزعامة الولايات المتحدة .
وبعد هرولة حكومات البحرين والإمارات والمغرب والسودان نحو تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني في إطار ما سمي " باتفاقات ابراهام " ،
التي سبقتها أنظمة مصر والأردن ، لم يعد خافيا أن النظام السعودي يقيم حاليا علاقات سرية وعلنية مع هذا العدو، وهي في طريقها الى الإعلان الرسمي ولعل ذلك سيكون قريبا حسب تقرير لصحيفة جيروليزم بوست الاسرائيلية ، حيث كشفت في تقرير لها نشر الثلاثاء ٢٣ مارس عن لقاء سري حصل بين بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في نوفمبر ٢٠٢٠، وتتوقع حصول لقاء جديد بعد الانتخابات الاسرائيلية في حال نجح نتناياهو في تشكيل الحكومة الجديدة .
وفيما يلي ترجمة لهذا التقرير :
قبل الانتخابات الاسرائيلية كانت هناك تقارير تحدثت عن أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان مستعدا للاجتماع مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، ولكن الاجتماع لم يحصل في مارس ، وبينما أن اجتماعا سريا قد حصل في نوفمبر ٢٠٢٠ ، الا أن اجتماعا علنيا لم يحصل ، وبالرغم من وجود الشائعات حول إمكانية عقد اتفاق سلام مع الرياض ، أو أنواع اخرى من التحرك باتجاه العلاقات .
وقد اقترحت السعودية مبادرة سلام لليمن بعد ست سنوات من الحرب ، والهدف هو لإنهاء هذه الحرب الباهظة التكاليف ، والتي يقوم الحوثيون المدعومون من ايران بزيادة هجماتهم على المنشآت النفطية في السعودية .
ومبادرة الرياض هي أيضا محاولة لبيان " خداع طهران " لأنه اذا استمر الحوثيون في مهاجمة السعودية ، فإن السعودية سوف توضح أن هذا دليلا للولايات المتحدة بأن الحوثيين هم من يرهب السعودية .
إن الصورة الأكبر هي أن إسرائيل والسعودية لديهما قلقا مشتركا إزاء عملاء ايران وتهديداتهم ، وكذلك صواريخهم الطويلة المدى ، وطائراتهم المسيرة .
وفي مقالة له في كلوبز Globes هذا الأسبوع ، يقول الخبير في جامعة تل أبيب ياعور غوزانسكي إن إسرائيل تدعم السعودية ضد مختلف التهديدات . وإن هذا مثال واضح كيف أن الدولة اليهودية تتحدث بصراحة وعلانية حول المملكة ، وكيف أن الرياض مهمة لإسرائيل ، وإن رمزية هذا الاهتمام قد يسفر عنها لقاء بين نتنياهو والأمير محمد بن سلمان .
وقبل الانتخابات كان قد ينظر الى مثل هذا الاجتماع كنوع من أنواع الدعاية الإعلامية ، ولكن بعد الانتخابات ، قد يشكل دعما للاستقرار في المنطقة في حال تمكن نتنياهو من تشكيل الحكومة الائتلافية .
وهذا سيمنح نتنياهو محفزا لتشكيل حكومة مستقرة ، بدلا من الذهاب الى انتخابات اخرى بسبب عدم قدرته الواضحة في دعم ائتلاف مستقر خلال السنوات الأخيرة .
ولإعطاء وجهة نظر حول ذلك ، وبما أن ولي العهد السعودي قد وصل الى موقعه خلال عهد نتنياهو ، فإن نتنياهو هو وجه إسرائيل في السعودية ، وبما أن السعودية قد أصبحت قلقة من اتفاق واشنطن مع ايران في العام ٢٠١٥ ، فإنها قد توجهت الى إسرائيل باعتبار أنها أيضا قلقة من نهضة ايران في المنطقة .
وكانت السعودية قد عرضت على إسرائيل معاهدة سلام في المنطقة ، تستند على إقامة دولة فلسطينية ، وليس من الواضح اذا ما تستطيع تغيير هذا الهدف ، واحتضان إسرائيل أكثر بدون أي نوع من التحرك حول القضية الفلسطينية ، والانتخابات بالطبع قد أعطت نتنياهو فرصة اخرى لتغيير وجهات نظره حول الفلسطيينين ، وحاول هذه المرة استمالة أصوات العرب .
ولكن نتنياهو هو سياسي اللحظة الراهنة ، فبينما هو لا يريد صراعات أكثر مع حماس ، فأنه لا يريد دولة فلسطينية تظهر للوجود ، وأنه لا يستطيع أن يواجه اليمين المتطرف في إسرائيل.
إن الامير بن سلمان قد تسلق الى السلطة وهو ماض قدما في تغيير المملكة على نحو جذري . إن دعمه لاتفاقات ابراهام هو شئ أساسي ، لكن الرياض قد واجهت نقدا متزايدا من واشنطن حول سياساتها مما جعلها أكثر عزلة في الغرب ، وهذا من الطبيعي أن يجعلها أكثر قربا من إسرائيل بخصوص القضايا المشتركة .
مسارها العام غير واضح ، ولكن مع ذلك هل سوف تتمكن الرياض من إعادة رسم صورتها في الغرب ، أو أنها سوف تتمحور على نحو متزايد مع الشرق؟ هل أنها تسعى للعودة الى تأثيرها في المنطقة فيما يتعلق بسوريا ولبنان والعراق ؟ أو هل أبحرت تلك السفينة ؟
تركيا وقطر وروسيا قد تدارسوا مؤخرا مستقبل سوريا ، وهذا يبدو أنه سيهمش من دور السعودية . وأنها أيضا تركت إسرائيل خارج نطاق هذه المباحثات ذات العلاقة بالقضايا الأساسية في سوريا .
كل هذه توفر القضايا الأساسية أمام الرياض بخصوص عقد الاجتماع مع نتنياهو بعد الانتخابات اذا ما نجح في تشكيل الحكومة .
والإعلام السعودي حتى الآن ملتزم الصمت نسبيا حول الانتخابات الاسرائيلية ، متخذا مقاربة " ننتظر لنرى " .
ــــــــ
https://telegram.me/buratha