محمد صادق الحسيني ||
"الهنود" هم الذين جعلوا من اميركا عالماً يختلف عن اوروپا ، بدءاً من "الفُشار" ورقائق الذرة المحمصة ( كورن فليكس) وانتهاء بالدستور والديمقراطية وكراهية الاستبداد والطغيان ومعايير الجمال . حتى عهد غير بعيد كان دهن الوجوه بالمعجون الابيض الزينة الارستقراطية المحببة لنساء اوروپا . أما اليوم فان نساء اوروپا واميركا ينفقن مليارات الدولارات سنوياً للسفر الى الشواطئ والمنتجعات والجلوس ساعات طويلة تحت أشعة الشمس لتلويح أجسادهن بلون الذهب البرونز ، وهو لون بشرة هؤلاء الذين نسميهم زورا الهنود الحمر (فقط لان الاحمق كولومبس المبحر للهند لاكتشافها من اجل تجارة التوابل لما وصل لبلاد هؤلاء السكان ورآهم حمر البشرة سماهم الهنود الحمر).
"الهنود" هم الذين علمّوا الغزاة البريطانيين معنى النظافة واهمية الاغتسال كل صباح.
فلقد جهد "الهنود" ، الذين كانت تغث نفوسهم من رائحة هؤلاء الغزاة ، في إقناع رسل "الحضارة" بضرورة الاغتسال اليومي وبان النظافة ليست شراً ، لكن عبثاً . يقول روبرت لويب مؤرخ ما يسمى الحجاج:
"معظم هؤلاء الحجاج تعودوا شظف العيش في انجلترا. لهذا قال هندي لاخر قبل ان يصل (المستوطن الحاج الانجليزي) جون: ستجد انه هو وعائلته على غرار من سبقوهم تفوح منهم رائحة كريهة، خاصة حين تضطر الى ان تكون معهم في مكان مغلق ...!"
ويضيف المؤرخ مفسراً :
"ذلك انهم لا يغتسلون ولا يعرفون الحمّام ... ومما يزيد الامر سوءاً انهم لا ينظفون ثيابهم سوى مرة او مرتين في السنة ..!"
يقول فليكس كوهن احد ألمع فلاسفة التشريع الاميركي في دراسة بعنوان "امركة الانسان الابيض":
"ان التغيير الذي طرأ على حياة الانسان الابيض في اميركا بسبب المعلمين الهنود كان اكبر من اي تغيير احدثه المعلمون البيض....
اننا اذا خسرنا ما اهدتنا الروح الهندية فاننا قد نكون على استعداد للتنازل كاملاً عن حرياتنا كما اضطر الاوروبيين الى ذلك ..
ان حق التصويت للمرأة والرجل ، وانموذج الولايات داخل ما نسميه الاتحاد وعادة اعتبار الزعماء خدما للشعب وليس يادة عليهم والالحاح على اننا يجب ان نحترم تنوع البشر واختلاف احلامهم ، *كل هذا اخذناه عن حياة الهنود كما كانت قبل وصول كولومبس *.
حتى المساهمة الاميركية الوحيدة في قاموس الحكومة الديمقراطية اتضح انها كلمة مستعارة من اللغة الهندية. فحين استخدم الرئيس اندو جاكسون كلمة ( أو كاي o.k)
وصارت على كل شفة ولسان في اميركا ثم في العالم، سخر منه الارستقراطيون في الكونغرس ظنا منهم انه يستخدم الحرفين الاولين من كلمتي All Correct، وانه انما اخطأ في التهجئة لكن ( أو كاي) او ( أو كه) كما يلفظها هنود شكتاو *، تعني في لغتهم : *( تم الاتفاق) . كانوا يستخدمونها في مجالس الحكم للتعبير عن الموافقة على ما يقوله المتكلم . وكان الرئيس جاكسون قد سمعها منهم عندما كان يفاوضهم وهو برتبة جنرال .
ان الاميركيين الاوائل ( السكان الاصليين) علمونا الزراعة ، ونظام الحكم ، والرياضة ، والتربية، ، وصاغوا نظرتنا الى الطبيعة والانسان .
من (هنود) اميركا جاء الحلم بان يكون الناس كلهم أحراراً. منهم تعلمنا ان الحكم ليس وقفاً لحق الملك الالهي ( كما كان في كل اوروپا) بل ما يرتضيه الشعب ويتفق عليه المحكومون.
بهذا وبكثير غيره ساهم الهنود في تحضير اوروپا."
وعيك بصيرتك
https://telegram.me/buratha
