|16-09-2020 تحت عنوان "ماكرون يريد أن يصبح قوة عظمى في الشرق الأوسط"، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية مقالاً للمحلل ستيفن كوك تساءل فيه عما إذا سينجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في صياغة المنطقة، مختزلاً أسباب تحركات باريس الأخيرة، لا سيما في لبنان والعراق، بثلاثة عناصر تتمثل باللاجئين والطاقة وتركيا. وانطلق كوك كاتباً: "عاد الفرنسيون إلى الشرق الأوسط- أو يبدو الأمر كذلك على الأقل"، مشيراً إلى أنّ ماكرون زار خلال شهر ونصف لبنان مرتين وتوجه إلى بغداد حيث التقى بنظيره العراقي برهم صالح ورئيس وزرائه مصطفى الكاظمي ورئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني. كما سلط كوك الضوء على التعزيزات العسكرية الفرنسية في المنطقة، لافتاً إلى أنّ باريس نشرت حاملة طوافات "تونير" (وصلت إلى مرفأ بيروت في 14 آب الفائت) وفرقاطة "لافاييت" في شرق المتوسط. وعلى الرغم من أنّ فرنسا ربطت هذه الخطوات بإغاثة لبنان، اعتبر كوك أنّها (الخطوات) لا تبرر وصول القوات والطائرات الفرنسية إلى جزيرة كريت أو وصول الطائرتيْن المقاتليْن إلى قبرص. وبناء على هذه المعطيات، استعرض الكاتب الدوافع الفرنسية الثلاث أعلاه. في ما يتعلق باللاجئين، ذكّر كوك بمساعي الرئيس نيكولا ساركوزي إلى إسقاط الزعيم الليبي معمر القذافي بموجب تدخل عسكري دولي، موضحاً أنّ الرئيس الفرنسي كان يخشى آنذاك تدفق اللاجئين باتجاه الشواطئ الأوروبية. واعتبر كوك أنّ المسألة نفسها تنطبق على ليبيا اليوم، حيث تتحالف فرنسا مع قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، إذ تحسب باريس أنّه يمكن أن يلعب دور الرجل القوي القادر على إبقاء ليبيا متماسكة ومنع الليبيين وغيرهم من الأفارقة من بلوغ جنوب أوروبا. في السياق نفسه، رأى كوك أنّ اللاجئين يمثلون أحد أسباب التحرك الفرنسي في لبنان، فيخشى الفرنسيون من موجة هجرة جديدة للبنانيين إلى أوروبا، لا سيما بعدما عصفت موجة اللاجئين السوريين بالسياسة الأوروبية وساهمت في نجاح الأحزاب القومية اليمينية والنازية الجديدة في عدد من البلدان، ناهيك عن أن ماكرون يستعد لإعادة انتخابه في العام 2022. وهنا، دعا كوك إلى الالتفات إلى موارد الطاقة في ليبيا والعراق ومياه لبنان وقبرص، مشيراً إلى أنّ ليبيا تمتلك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا وخامس أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم. وعلّق كوك بالقول: "ولذلك، تعمل شركة الطاقة الفرنسية "توتال" في ليبيا منذ نحو 7 عقود". أمّا في العراق، فتبلغ حصة "توتال" 22.5% في كونسورتيوم يدير حقل حلفايا النفطي، كما تملك حصة بنسبة 18% في منطقة استكشاف في كردستان. وكتب كوك: "كما تشارك في التنقيب عن الغاز بمحاذاة الساحل القبرصي الجنوبي مباشرة، المجاور للمياه اللبنانية، حيث يُعتقد بوجود كميات وفيرة من مصادر الطاقة". على صعيد تركيا، كتب كوك: "لطالما شككت فرنسا- إلى جانب غيرها من الدول الأعضاء- في تصميم تركيا على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أنّ أنقرة، باتت في عهد "العدالة والتنمية" أكثر استبدادية وقومية وعدائية دولياً، وإسلاميةً، ومتحدثاً عن تهديداتها بإطلاق العنان للاجئين باتجاه أوروبا. في الإطار نفسه، تطرّق كوك إلى "مقاربة تركيا العدوانية إزاء شرق المتوسط وشمال أفريقيا والمشرق"، فترى باريس أنّ التنقيب التركي عن الغاز بمحاذاة قبرص يمثل تهديداً لأحد أعضاء الاتحاد الأوروبي والمصالح التجارية الفرنسية. كما يتعارض دعم تركيا للحكومة في طرابلس مع رغبة فرنسا في احتواء اللاجئين ويعقّد جهودها الرامية إلى محاربة المتطرفين في منطقة الساحل المجاورة. وفي حال أصبحت ليبيا دولة زبونة لتركيا، كما يبدو أنّه يحصل، فلا بد من أن يتساءل المسؤولون الفرنسيون عن علاقة "توتال" القديمة مع طرابلس". في هذا الصدد، ذكّر كوك بتصريحات ماكرون في العراق التي شدد فيها على سيادة العراق ودعم فيها الحكم الذاتي لإقليم كردستان، معتبراً أنّها كانت بمثابة رسالة إلى تركيا، ومحذراً من أنّ الخطر الأكبر في الأخذ والرد الفرنسي-التركي يكمن في المتوسط. وفي قراءته، اعتبر كوك أنّ فرنسا اتخذت خطواتها في شرق المتوسط بصفتها قوة كبرى تتنافس مع قوة كبرى أخرى، وهي تركيا، على القوة المصاحبة لتوفير النظام في المنطقة وعلى الامتياز فيها، مؤكداً أنّ الأفضلية لفرنسا اليوم. كوك الذي أثنى على جهود ماكرون في لبنان ودعمه لحقوق قبرص واليونان في شرق المتوسط في وجه تركيا، اعتبر أنّ ما يرغب الرئيس الفرنسي بفعله بالقوة الفرنسية في المنطقة- باستثناء مواجهة تركيا- ما زال غير واضح. وعليه، عاد كوك إلى تغريدة ماكرون التي دعا فيها إلى تشكيل جبهة مشتركة لمواجهة تركيا في شرق المتوسط بعد قمة الدول الأوروبية المتوسطية، قائلاً: "كان ينبغي له أن يغرّد: "لتبدأ اللعبة الكبرى".
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha