التقارير

امريكا تحاصر لبنان والعراق يبادر الى مساعدته: هل بتنسيق بين الظالم والمُعين؟  


د. جواد الهنداوي * ||

 

           ما يعانيه و يواجهه لبنان من حصار اقتصادي و نقدي ، وتهديد عسكري اسرائيلي و أمريكي شاهدٌ آخر على استبداد و ظُلم امريكا ، و تجرّد ادارتها الحالية من القيم والمشاعر الإنسانية و الأخلاقية تجاه معاناة الشعوب . و العجبْ هو أنَّ امريكا تسّوقُ هذه الجرائم للرأي العام وتصنفّها تحت عنوان " الديمقراطية و حقوق الانسان والدفاع عن الشعوب " ، كما هو الحال في تعريفها للأسباب الموجبة لاستصدار " قانون قيصر " الامريكي ،في فرض الحصار على سوريا ، حيث تنّصُ ديباجةالقانون ، على انه صدرَ من اجل الدفاع عن مصالح الشعب السوري !

       التلغراف البريطانية كتبت في ٢٠٢٠/٧/١، و نقلاً عن مراسلتها في بيروت ،  سناريوهات سوداوية في لبنان ، وتوقعات بموت الناس من الجوع ، و فقدان العملة اللبنانية ما يقارب ثمانين بالمائة قيمتها الحقيقية .

      حصار نقدي مطبق على المصارف اللبنانية وحرمانها من إمكانية فتح اعتماد لشراء المازوت و توليد الطاقة الكهربائية .

         في إطار هذه السياسة الامريكية الماضيّة في قساوتها لتركيع لبنان والمساس بكرامته و سيادته ، يبادر العراق في مَدّ يد العون للبنان ،حيث يزوره اليوم وفداً اقتصادياً ،عارضاً على لبنان إمكانية تزويد العراق النفط للبنان مقابل منتجات زراعية و صناعية .

      لا يسعنا ،بطبيعة الحال ،الاّ مباركة هذه المبادرة ، والتي تنّمُ عن شعور ومسؤولية تجاه ما يتعرض اليه شعب لبنان الشقيق . ونتمنى ان تبادر  الدول العربية الاخرى وتحذو حذو العراق تجاه لبنان .

     هل سيُقدم اشقاء لبنان ، من الدول الخليجية النفطية و الغنية  ، والذين لهم مصالح سياسية و اقتصادية و أصدقاء في لبنان ، و تشهد لهم احداث و وقائع لبنان ، حضور و ضلوع في كل شاردة و واردة ، بمبادرة لكسر الحصار الامريكي على لبنان ،كمبادرة العراق؟

     هل سيُقدم هولاء الأشقاء ، والذين وظفوا اعلامهم و دبلوماسيتهم للدفاع على لبنان من التدخلات الخارجية ، و خاصة الإيرانية ، على كسر المنع والحصار الامريكي على لبنان ، والمساهمة بدفع الحيف والظلم والمجاعة عن شعب لبنان ؟

      يتوقع المواطن اللبناني بأنَّ المملكة العربية السعودية او قطر هي مَنْ تبادر قبلَ العراق في إعانته ،لما للمملكة او لقطر من علاقات ونفوذ و جاه لدى الإدارة الامريكية ، ولما للبلديّن الشقيقيّن علاقات ، وعلى كافة الصُعد ، مع لبنان الدولة ومع لبنان الأحزاب .

      امريكا تنظر الى العلاقة العراقية اللبنانية بعين الشك و الحذر ،لانها تراها من منظار حزب الله و الحشد الشعبي ، ومن منظار علاقة مقاومة ، و لطالما حرصت امريكا على الحيلولة دون تواصل بري عراقي لبناني ، و عِبرَ سوريا ، كما ان مبادرة العراق المباركة تُعتبر خطوة تُعارض و تكسر الحصار الامريكي ، و الغريب ، حتى ساعة كتابة هذا المقال ،لم نسمع اعتراض او تصريح او تعليق أمريكي !

      نتساءل ايضاً ، هل ستصل المساعدات العراقية قبل وصول البواخر الإيرانية الى ميناء اللاذقية في سوريا ، ونيّتها إيصال المازوت والغذاء الى لبنان براً ؟

       هل سيطلب لبنان من ايران التريث في إرسال مساعداته لأنّ العراق كفّى و وفىّ!

     هل مبادرة العراق نحو لبنان هي فاتحة عهد جديد وسياسة جديدة للعراق تجاه أشقاءه العرب ممن يعانون من ويلات الحصار والعقوبات الامريكية كسوريا واليمن ؟

     نتمنى ان تتُرجم ديمقراطية العراق واستقلاله في خطوات سياسية ذات ابعاد اخلاقية و إنسانية ، وفي مقدمتها العون والانتصار للشعوب المهددة بالجوع والموت بسبب الحصار او بسبب الحرب كاليمن .

      خطوة العراق ،مبادرة العراق ،دليل آخر على غباء التصّرف الامريكي ،على غباء السياسة الامريكية تجاه المنطقة ، والتي ساهمت ،كما ذكرنا ،في مقالات سابقة ، الى توسّع نفوذ ايران و الى إعطاء مناسبات لإيران لملئ الفراغ ، وقيامها بدور و واجب مساعدة الشعوب المضطهدة من قبل امريكا .

     ونكرر السؤال : هل تحّول مبادرة العراق دون وصول  معونات ايران الى لبنان ؟

 

* سفير سابق ، رئيس المركز العربي الاوربي

                 للسياسات و تعزيز القدرات ، بروكسل

                 في ٢٠٢٠/٧/٣ 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك