يبدو ان استمرار البنك المركزي بمزاده اليومي لتمويل استيرادات وصفت بالبائسة وأخرى وهمية عبر مصارف البعض منها لم تمارس عملها الائتماني مطلقا... سيؤدي عاجلا ام اجلا الى استنزاف العملة الصعبة وخاصة مع انخفاض أسعار النفط الذي يعتبر الممول الرئيسي لاحتياطيات البنك من هذه العملة التي يبدوا انها تتبدد في وقت صعب حسب قول المختصين.
مصارف اقل ما يقال عنها تأسست لتعتاش على مزاد العملة ولتكون اشبه بمكاتب للتحويل المالي مغلقة ابوابها معظم الأوقات امام المواطنين وتحمل لافتات لأسماء مصارف الا انها لا تمارس عملها المصرفي.
المزاد استنزاف للعملة الصعبة
ويقول الخبير المالي محمد الخزاعي في حديث لـ السومرية نيوز ان "معدل ما يبيعه البنك المركزي سنويا لتمويل استيرادات القطاع الخاص يتجاوز 40 مليار دولار وهو مبلغ كبير مقارنة ما يستورده العراق التي لا تتجاوز 30 مليار دولار سنويا"، مبينا ان "انخفاض أسعار النفط بشكل كبير سوف يؤدي حتما الى استنزاف العملة الصعبة".
وأضاف الخزاعي ان "المزاد أصبح مكان للربح للمصارف وخروج للعملة الصعبة لاستيرادات البعض منها وهمية من خلال تقديم بعض المصارف اعتمادات مستندية مزورة بحجة تغطية صفقات تجارية".
وأشار الخزاعي الى ان "بعض المصارف حصلت على رخصة ممارسة المهنة بدون تدقيق لأهلية هذه المصارف مما احجمت كليا عن ممارسة عملها الائتماني فيما اقتصر عملها الوحيد بالمشاركة في مزاد العملة".
خبير: مساهمة المصارف بالتنمية اقل من 13%
ويقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي في حديث لـ السومرية نيوز انه "لاتزال مساهمة القطاع المصرفي في العراق اقل ١٣ بالمئة بمؤشرات الشمول المالي التي تضع القطاع المصرفي المحلي في ذيل القطاع عربيا وفي، مرتبة متاخرة عالميا بحسب مؤشرات البنك الدولي ورغم رفع النسبة الخاصة بالشمول المالي اثر توطين الرواتب الا انها لا تزال اقل بكثير من المتوقع منها".
ويضيف ان "المصارف الخاصة في العراق ليس لديها تنمية حقيقية وانما هي قطاع استهلاكي اسوة ببقية القطاعات في العراق حيث ابتعدت عن الدور التنموي الائتماني واتجهت للمتاجرة بالعملة واعطاء قروض محدودة بفوائد مرتفعة".
ويشير علي الى ان "الزيادة الكبيرة في اعداد المصارف الخاصة بدون جدوى اقتصادية حقيقية تطرح بما لا يقبل الشك ان انشاءها جاء على خلفية ارباح المزاد وليس ممارسة النشاط المصرفي النظامي"، لافتا الى ان "لغاية الان نسبة مشاركة الجهاز المصرفي الخاص لا تزيد على ١٥ بالمئة من حجم الودائع الكلي في الجهاز المصرفي العراقي".
استيراد سلع " بائسة"
من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي عادل محمد سعيد في حديث لـ السومرية نيوز ان "الملايين من الدولارات تخرج يوميا من خلال المزاد الذي يجريه البنك المركزي لاستيراد سلع وبضائع غير نافعة واصافا إياها "بالبائسة"، مشيرا الى ان "هذه السلع اغرقت السوق واضرت بالإنتاج المحلي".
ويضيف سعيد ان "الكثير من المصارف الخاصة في العراق ابتعدت عن العمل الائتماني بسبب ضعف المردود منه وبالتالي اتجهت للحصول على حصتها من مزاد البنك المركزي العراقي وهو ما يبعدها عن اختصاصها المصرفي ويجعلها أقرب الى مكاتب الصيرفة".
ويطالب سعيد من "البنك المركزي بإعادة تدقيق رخص هذه المصارف والوقوف بشكل جدي على قدرة هذه المصارف على العمل المصرفي وتمويل استيرادات لبضائع وسلع يستفاد منها المواطن".
ويقوم البنك المركزي العراقي ببيع الدولار الى المصارف الاهلية وشركات التحويل المالي عبر المزاد الذي يجريه يوميا وبمقدار 150 مليون دولار والتي ترتفع هذه الارقام او تنخفض حسب الطلب من قبل هذه المصارف، مما يؤثر بشكل او باخر على احتياطي البنك المركزي العراقي والذي تاثر بشكل ملحوظ بالاونة الاخيرة نتيجة عدم التكأفو ما بين ما يحصل عليه من الدولار وما بين عملية البيع عبر المزاد.
وعارض عدد كبير من المختصين بالسياسة المالية مزاد العملة الذين اعتبروه بانه هدر للمال العام في هذه الظرف اذا لم يتم تنظيمة وتوظيفها بشكل صحيح بما يخدم المصالح العام والاقتصادي وادى الى تحويل العملة الصعبة الى خارج البلاد.
يذكر أن وتيرة الاتهامات تصاعدت بشأن عمليات تهريب العملة التي ألقت بظلالها على أسعار بيع الدولار في الأسواق المحلية وأدت إلى زيادة سعر صرفه قبل اشهر، ففي حين طالب نواب بضرورة أن تبادر الحكومة إلى إيقاف عمليات بيع العملة في مزادات البنك المركزي، أكد آخرون أن العراق يخسر أموالاً كبيرة جراء تهريبها يومياً إلى خارج الحدود.
https://telegram.me/buratha