تُعرف بأنها مدينة ناطحات السحاب، والرائدة على صعيد تطور البنى التحتية، إنها إمارة دبي، التي استثمرت الطفرة النفطية باتجاه أن تقيم دعائم منصّة عالمية تجذب إليها رؤوس الأموال والمستثمرين ورجال الأعمال من شتى أنحاء العالم، لكنّ هذه المدينة المفعمة بالحيوية والطموح، أصابها ما أصاب مئات المدن حول العالم من شلل جرّاء جائحة فيروس كورونا المستجد.
بين فكّين
فمع توقف الرحلات الجوية، وإلغاء الفعّاليات الاقتصادية، باتت هذه الإمارة التي تقع على ساحل الخليج لدولة الإمارات العربية المتحدة، باتت بين فكين؛ فيروس كورونا وأزمة اقتصادية متزايدة، إذ إن الشبكة الواسعة من الصناعات المرتبطة بالدولة كانت تعاني ضغوطاً مالية، قبل أن يتفشّى الوباء، لكنّ كورونا زادت الطين بلّة.
وعلى الرغم من أن دبي استطاعت أن تنقذ نفسها من أزمة مالية خانقة أصابتها قبل عقد من الزمن إثر الأزمة المالية العالمية، غير أنها في الأزمة الراهنة، قد لا تتمكن من الحصول بسهولة على ضخّ نقدي، بالنظر إلى انهيار أسعار النفط العالمية.
تقول الباحثة في معهد أميركان إنتربرايز الذي يدرس اقتصادات دول الخليج العربية، كارين إي يونغ : "إنهم يعملون على تسهيل نقل وشراء الأشياء، إضافة إلى تسهيل حركة الناس"، مستطردةً بالقول: "هذا ليس العالم الذي نعيش فيه حالياً".
محطة بين الشرق والغرب
وكانت إمارة دبي بذلت جهوداً كبيرة من أجل أن تصبح مركزاً للتجارة العالمية، وهذا ما جاء في "وثيقة الخمسين" التي أُعلنت مطلع العام الماضي وتتضمن تسعة بنود تعبّر عن رؤية حاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي قاد الدفة في الكثير من عمليات التطوير والإنماء التي شهدتها المدينة.
وجاء في وثيقة الخمسين: "قدر دبي أن تكون محطة بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، وقدر دبي أن تكون مطار العالم وميناءه الرئيس".
وبالفعل، قبل أن يجتاح فيروس كورونا العالم، ويوقف الرحلات الجوية، كان مطار دبي الدولي يعدّ واحداً من أكثر المطارات في العالم إزدحاماً، فيما احتّل ميناء جبل علي الضخم مركزاً عالمياً متقدماً على صعيد عمليات الشحن البحري.
"ستكون هناك أسئلة حول العولمة"
جائحة كورونا التي لم تكن في الحسبان، دفعت دبي، أسوة بباقي الإمارات العربية المتحدة، لإعادة النظر بشأن الاعتماد على التجارة العالمية، وخلال مؤتمر عن بعد لمعهد بيروت، وردا على سؤال حول تأثير الوباء، أقر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش بأنه "ستكون هناك أسئلة حول العولمة".
في هذه الأثناء، ينتظرُ دبي سدادُ الديون التي اقترضتها على إثر الأزمة المالية لعام 2009، هذه الديون التي سيكون لزاماً على دبي دفعها بحلول نهاية هذا العام، إذ سيكون على الإمارة والشركات المرتبطة بحكومتها دفع 9.2 مليار دولار (8.48 مليار يورو) من الديون المستحقة، مع فاتورة ضخمة بقيمة 30.6 مليار دولار (28.2) بحلول عام 2023، وذلك وفقاً لشركة "كابيتال ايكونومس" للتحليل الاقتصادي، ومقرها العاصمة البريطانية، لندن.
لكنّ الكثير من المراقبين والمتابعين يرون بأن إمارة دبي التي تمكنت من تجاوز العديد من الأزمات المالية والاقتصادية التي مرّت بها سابقاً، لقادرة على تخطي هذه الأزمة، وفي هذا السياق تقول كارين إي يونغ: أعتقد أنهم سوف يديرون الدفّة من جديد، وسيعملون على إيجاد حلول جديدة من أجل ذلك.
https://telegram.me/buratha