التقارير

حرب النفط وترامب الحائر


السعودية أطلقت النار بقوة على قدميها عندما أشعلت حرباً نفطية شرسة ضد روسيا في الوقت الخطأ، وذلك عبر خفض الأسعار وإغراق الأسواق بالنفط الرخيص وبكميات ضخمة تتجاوز 13 مليون برميل يومياً.

وهذا بالطبع ألحق خسائر فادحة باقتصاد المملكة تقدَّر بمليارات الدولارات، خاصة أن ما يزيد على 85% من إيرادات السعودية يأتي من مصدر واحد، هو النفط. 

وقد تتعمق الخسائر في الأيام المقبلة مع قرب وصول سعر النفط إلى 20 دولاراً للبرميل حسب توقعات بنوك الاستثمار العالمية الكبرى، وهو ما يعني فقدان السعر نحو 70% من قيمته في الربع الأول من العام الجاري 2020. 

ورغم الخسائر الفادحة جراء تهاوي أسعار الخام الأسود التي قد تُجبر السعودية على التوسع في الاقتراض الخارجي والسحب الكثيف من الاحتياطي الأجنبي الذي تراجع بشدة خلال السنوات الأخيرة، ما زالت المملكة تواصل حربها النفطية الشرسة التي قد تغرق الجميع في المجهول، وخاصة مع تهاوي الطلب على النفط الخام بسبب تفشي كورونا.

روسيا حاولت أن تردّ الصاع صاعين للسعودية وتشنّ حرباً نفطية معاكسة عبر زيادة الإنتاج لمستويات قياسية، لكنها لا تزال تتحسس أسلحتها وتقدم رجلاً وتؤخر أخرى، خاصة أن خوض حرب كتلك في هذا التوقيت يضرب الاقتصاد الروسي وعملته الروبل في مقتل.

بل وقد تقوض نتائج الحرب النفطية تلك المستقبل السياسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يخطط للبقاء في منصبه إلى ما لا نهاية.

كذلك فإن موسكو تواجه أزمة اقتصادية مزدوجة بسبب تهاوي أسعار النفط والأعباء المالية الضخمة المترتبة عن تفشي كورونا، وربما هذا ما يفسر محاولات موسكو فتح جبهة مفاوضات مع الرياض لإعادة الاستقرار إلى سوق الطاقة، علماً بأن الطرفين نفيا إجراء هذه المفاوضات رغم تصريحات ترامب التي تؤكد وجود اتصالات بين الجانبين السعودي والروسي.

كذلك فتحت موسكو جبهة مفاوضات أخرى مع الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط من خارج أوبك، ربما للضغط على الرياض عبر ترامب، أو لربما للسعي لتشكيل تحالف منافس لمنظمة أوبك التي تقودها السعودية.

وما بين السعودية وروسيا يقف ترامب حائراً، فهو يدعم موقف السعودية في حربها النفطية ضد موسكو لأسباب عدة، منها الرغبة في إضعاف الاقتصاد الروسي، وتجفيف منابع موسكو المالية، وإرباك خطط بوتين الاقتصادية الذي وعد في وقت سابق بضخ 400 مليار دولار لإنعاش الاقتصاد خلال السنوات الأربع المقبلة.

كذلك فإن الحرب النفطية أدت إلى تهاوي أسعار الخام الأسود ومعها الوقود من بنزين وسولار، وهو ما يسعد الناخب الأميركي الذي يحتاج ترامب صوته في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وفي المقابل، فإن عين ترامب الأخرى على شركات النفط الصخري والبنوك الممولة لها، التي ترفض سياسة الإغراق السعودي للأسواق، لأنها قد تخرج هذه الشركات من الإنتاج وتجمد أنشطة التنقيب والحفر، بل تؤدي إلى تعثرها المالي وتوقفها عن سداد مديونيات البنوك البالغة مليارات الدولارات.

ترامب الذي ضغط على السعودية ودول الخليج مرات عدة لخفض سعر النفط حتى يصل البنزين إلى المواطن بسعر رخيص، يكافح الآن لإعادة التعافي إلى سوق النفط خوفاً من أن يفقد تبرعات شركات النفط الصخري والطاقة لحملته الانتخابية المقبلة

أو أن تتسبب أزمة استمرار تهاوي أسعار النفط في أزمة ائتمان كبرى تؤدي إلى إفلاس الشركات والبنوك الكبرى الممولة لها، وهو ما يضعه في مأزق كبير أمام كبار المستثمرين والممولين، خاصة مع اقتراب خطر الركود من الاقتصاد الأميركي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك