تقرير/ كيف تعاطت المرجعية الدينية مع التظاهرات منذ بدايتها؟
د. علي فاضل الدفّاعي
ابتدأت التظاهرات المطلبية يوم الثلاثاء 1/10/ 2019 وقد رافق تلك البداية سقوط عدد من الضحايا من المتظاهرين والقوات الامنية مما استدعى ان يكون للمرجعية الدينية العليا مواقف منها، فكان عدد الخطب منذ انطلاق التظاهرات احد عشر خطبة، باستثناء خطبتها بتاريخ 18/10 التي تزامنت مع الزيارة المليونية لاربعينية سيد الشهداء عليه السلام فأن جميعها تناولت الاحداث الجارية ووضعت مفاتيح للحل وبوصلة طريق ومسار واضح للخروج من الازمة، وقد طالعتُ هذه المواقف لأبين كيف تعاطت المرجعية الدينية مع التظاهرات.
الخطبة بتاريخ 4/10
- ادانت الاعتداءات على المتظاهرين السلميين وعلى القوات الامنية وعلى الممتلكات العامة والخاصة.
- اشارت الى ان المظاهرات قد انساقت في العديد من الحالات الى اعمال شغب.
- شددت على ان مجلس النواب بما له من صلاحيات تشريعية ورقابية يتحمل المسؤولية الاكبر، كما نبهت السلطة القضائية بأنها تتحمل مسؤولية كبرى وذكرت انها لم تقم بما هو ضروري، واما الحكومة فقد طالبتها بأن تنهض بواجباتها بما في وسعها لتخفيف معاناة المواطنين.
- ثم اكّدت الدعوة الى تبني مقترحها الذي طرحته في عام 2015 بتشكيل لجنة من خارج قوى السلطة لتحديد الخطوات المطلوبة لتحقيق الاصلاح المنشود.
الخطبة بتاريخ 11/10
- جددت الدعوة الى عدم استخدام العنف والعنف المضاد في الحركة الاحتجاجية.
- حمّلت الاجهزة الامنية مسؤولية الدماء الغزيرة التي اريقت سواء من المتظاهرين الابرياء او من العناصر الامنية.
- ابدت تعاطفها مع ذوي الشهداء ومع الجرحى مؤكدة تضامنها مع المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين.
- طالبت بقوة الحكومة والجهاز القضائي باجراء تحقيق يتسم بالمصداقية وكشف المتورطين امام الراي العام وتقديمهم للعدالة ووضعت مدة زمنية اسبوعين، وبينت ان هذا المطلب هو الاكثر اهمية في الوقت الحاضر.
- اكّدت على انه لن يتيسر المضي بأي مشروع اصلاحي مالم يتم فرض هيبة الدولة وضبط الامن وفق سياقاته القانونية.
- بيّنت أنّه ليس لها مصلحة او علاقة خاصة مع اي طرف في السلطة وانها لاتنحاز الا الى الشعب.
الخطبة بتاريخ 25/10
- اكدت على الالتزام التام بسلمية التظاهرات، بل وناشدت المتظاهرين ان يمتنعوا من المساس بالعناصر الامنية والاعتداء عليهم بأي شكل من الاشكال ولو برميهم بالحجارة او القناني الحارقة، ورعاية حرمة الاموال العامة والخاصة وعدم التعرض لاي جهة حكومية او شعبية.
- كذلك طالبت القوات الامنية ان يوفروا الحماية الكاملة للمتظاهرين في الساحات والشوارع المخصصة لحضورهم .
- نبهت من ان الانزلاق للعنف سيؤدي الى الفوضى والخراب ويفسح المجال للتدخل الخارجي.
- اكدت على ان الاصلاح الحقيقي ممكن اذا تكاتف العراقيون ورصوا صفوفهم في المطالبة بمطالب محددة.
- ثم تصدت المرجعية لتوضيح تلك المطالب التي يتفق عليها العراقيون ومنها:
1- مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين 2- استرجاع اموال الشعب 3- رعاية العدالة الاجتماعية 4- اعتماد ضوابط عادلة في التوظيف الحكومي 5- حصر السلاح بيد الدولة 6- الوقوف بحزم امام التدخلات الخارجية 7- سن قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية.
- جددت مناشدتها للمتظاهرين ان لا يعتدوا على قوات الامن فهم (اباؤكم واخوانكم وابناؤكم الذين شاركوا في الدفاع عنكم واليوم يقومون بواجبهم في حفظ النظان العام فلا ينبغي ان يجدوا منكم الا الاحترام والتقدير) وكذلك ناشدت القوات الامنية.
- اشارت الى ان التقرير الذي نشرته الحكومة بخصوص نتائج التحقيق لم يحقق الهدف وبيّنت اهيمة تشكيل هيئة قضائية مستقلة لمتابعة هذا الموضوع.
الخطبة بتاريخ 1/11 اكدت على مبدأ اساس التزمت به المرجعية الدينية منذ تغيير النظام السابق الا وهو ان تحديد النظام السياسي والاداري للبلد يكون من خلال ارادة العراقيين بالاستفتاء العام على الدستور والانتخابات الدورية لمجلس النواب وان الاصلاح كذلك يخضع لهذا المبدأ فهو موكول الى الشعب العراقي من اقصى البلد الى اقصاه وليس لاي شخص او مجموعة او جهة بتوجيه معين او اي طرف اقليمي او دولي ان يصادر ارادة العراقيين.
الخطبة بتاريخ 8/11 وهي ذكرى مرور اربعين يوماً على شهداء التظاهرات
- جددت المطالبة بمحاسبة قتلتهم وواست عوائلهم واكدت على السلمية وبيّنت ان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق القوات الامنية.
- نبذت تبادل الاتهامات بين المواطنين عند اختلافهم في المشاركة او عدمها.
- اشارت الى ان القوات المسلحة ومن التحق بهم _في اشارة الى الحشد الشعبي_ لهم فضل كبير على الجيمع ولا يجوز ان يبلغ مسامعهم اي كلمة تنتقص من قدر تضحياتهم.
الخطبة بتاريخ 15/11
- ادانت الاعتداء على المتظاهرين السلميين والقوات الامنية والمنشآت الحكومية والخاصة.
- اهمية الاسراع في اقرار قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية، واقرار قانون جديد للمفوضية بحيث يوثق بحيادها ومهنيتها.
- اكدت على ان معركة الاصلاح التي يخوضها الشعب العراقي تخصه وحده ولا يجوز السماح بان يتدخل فيها اي طرف خارجي.
الخطبة بتاريخ 22/11 كانت مختصرة جدا طالبت فيها الاسراع بانجاز قانون الانتخابات وقانون المفوضية لانهما يمهدان لتجاوز الازمة الكبيرة.
الخطبة بتاريخ 29/11
- طالبت المتظاهرين السلميين ان يميزوا صفوفهم ويتعاونوا في طرد المخربين.
- طالبت مجلس النواب ان يعيد النظر في خياراته، وكانت اشارة فُهم منها طلب استقالة الحكومة فقدم على اثرها السيد عادل عبد المهدي استقالته.
- ولاول مرة تشير المرجعية الى الاعداء وادواتهم، وانهم يخططون لاهداف خبيثة من نشر الفوضى والخراب والاقتتال الداخلي لجر البلد الى عصر الديكتاتورية.
الخطبة بتاريخ 6/12 وفي معرض تأكيدها المستمر على السلمية
- ذكرت ان المسؤولية تضامنية بين القوات الامنية والمتظاهرين.
- طالبت بمساندة القوات الامنية واحترامها وتعزيز معنوياتها وتشجيعها على القيام بدورها.
- شكرت رجال العشائر الذين قاموا بدور مشهود في حماية السلم الاهلي.
- طالبت جميع المتضررين الى سلوك السبل القانونية في المطالبة بحقوقهم.
الخطبة بتاريخ 13/12
- اكدت كثيرا على الذكرى الثانية لاعلان النصر على داعش واستذكرت بإكبار الشهداء وتوجهت بالتقدير الى عوائلهم والى الجرحى والى الابطال الذين لا يزالون يواجهون بقايا الارهابيين.
- ذكّرت بضرورة بناء الجيش وسائر القوات المسلحة وفق اسس مهنية ليكون هدفها هو : 1- الدفاع عن الوطن ضد اي عدوان خارجي 2- حماية نظامه السياسي المنبعث عن ارادة الشعب وفق الاطر الدستورية والقانونية
- اطلقت على الاحتجاجات الاصلاحية وصف معركة الاصلاح وعبّرت عنها بأنها (لا تقل ضراوة عن معركة الارهاب ان لم تكن أشدَّ واقسى والعراقيون الشرفاء الذين استبسلوا في معركة الارهاب قادرون على خوض غمار هذه المعركة والانتصار فيها ايضا ان احسنوا ادراتها)، مؤكدة على السلمية كشرط اساس للانتصار فيها.
- نددت اخيرا بالجريمة البشعة والمروعة في منطقة الوثبة ومن قبلها السنك وشددت على ان يكون القضاء العادل هو المرجع في كل ما يقع من جرائم.
من خلال هذه المتابعة السريعة لخطب المرجعية العشرة التي رافقت التظاهرات، او كما اسمتها المرجعية الدينية بــ(الاحتجاجات الاصلاحية) نلاحظ انها ارادت ان تنتشل هذه الحركة الشعبية من عبث المخربين ومن تدخلات الايادي الخارجية بل وحتى الحزبية، لتكون وسيلة حقيقية للاصلاح فركّزت في جميع مواقفها على السلمية كشعار ثابت، لتبدّد بذلك احلام الانقلابيين، او اي مخطط آخر يروم اصحابه اتخاذ خيار عسكري او يقوم على العنف.
ثم انها أكّدت مراراً وتكراراً على ان اي اصلاح يجب ان يكون تحت سقف الدستور ووفق الاطر القانوينة، وهذه قمة ما توصل اليه النضج البشري من تأسيس منظومة لحماية الحقوق وفق اُطرٍ يحتكم لها الجيمع بعيداً عن فرض الارادات.
بذلك كانت السلمية والدستورية هما أبرز معالم الاصلاح التي تريدها المرجعية.
بقي ركنٌ جوهريٌ من اركان الاصلاح، فإنّ ركني تحقيق السلمية والاستناد الى الدستور يحتاجان الى من يتصدّى لخوض غمار معركة الاصلاح بأن لا يحيد عن الركنين الاساسيين المتقدمين، ولا شكّ ان _الشرفاء الذين استبسلوا في معركة الارهاب_ بتلبيتهم للفتوى قادرون على الانتصار في هذه المعركة ايضا، (ان احسنوا ادارتها)، وهذه دعوةٌ باسلوب الحضّ؛ لتحثّنا وتُرغبنا وتحذّرنا ايضا.
https://telegram.me/buratha