التقارير

فوضى واشنطن الخلّاقة.. حينما تتكشف كل الاوراق!

2121 2019-11-29

عادل الجبوري

 

   بعد ايام قلائل من الزيارة السريعة والخاطفة التي قام بها نائب الرئيس الاميركي مايك بينس الى العراق، جاء رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، في زيارة اثيرت حولها الكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات، من حيث طبيعة الموضوعات التي تم بحثها واثارتها مع المسؤولين الذين التقاهم في بغداد، وسر التوقيت.

   لاتختلف زيارة الجنرال ميلي عن زيارة بينس من حيث الجوهر والمضمون، والدوافع والاهداف، فبينس الذي حط رحاله في قاعدة عين الاسد غرب محافظة الانبار، ثم التقى كبار المسؤولين الاكراد في مطار اربيل دون ان يأتي الى بغداد، اطلق تصريحات واوضح مواقف، تنطوي على الكثير من التجاوزات، وتعد تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية، لذلك قوبلت زيارته برفض وتنديد واستهجان سياسي وشعبي واسع.

   اما الجنرال ميلي، فقد جاء ليندد ويدين وينتقد الحكومة ويدافع عن الجماعات التي تثير العنف وتعتدي على الممتلكات العامة والخاصة، وتحاول تعطيل الحياة، وترويع المواطنين، والاساءة الى الحرمات والمقدسات.

   مثل هذه التصريحات والمواقف، تعزز الفرضيات والادلة والحقائق التي تؤكد تورط الولايات المتحدة الاميركية والكيان الصهيوني واطراف اقليمية اخرى بمخططات واجندات اثارة العنف وبث الفوضى في العراق، وبالتالي تشويه صورة الحركة الاحتجاجية الاصلاحية التي تبنت مطالب مشروعة، تعكس جانبا كبيرا ومهما من طموحات وتطلعات وهموم الجماهير.

   وفي واقع الامر تمثل تجاوزات بينس وميلي امتدادا لتجاوزات واساءات رئيسهما ترامب، ورفيقهما وزير الخارجية مايك بومبيو، وغيرهما من ساسة البيت الابيض، الذين لم يتركوا مناسبة والا واساءوا  وتجاوزوا فيها على العراق.

   واذا نظرنا الى الامور من زاوية اوسع واشمل، فيمكن القول والتأكيد ان زيارة رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة للعراق لاتخرج عن سياق المخططات والمشاريع الاميركية الساعية الى اثارة الفوضى والاضطراب في الشارع العراقي وعموم المنطقة، مثلما يؤكد الكثيرون، وهي –أي الزيارة-لايمكن ان تكون بريئة، بل انها تأتي في سياق نشاط ابتزازي  تمارسه واشنطن منذ فترة غير قصيرة، لايستهدف العراق لوحده، وانما يمثل العراق جزءا منه، لان مساحات الاستهداف اكبر من ذلك بكثير، ولعل ما جرى ويجري في لبنان وايران وربما دول اخرى يؤشر الى ذلك بوضوح.

   وفي ذلك يشير وزير الداخلية العراقي الاسبق باقر جبر الزبيدي الى "ان مشروع زعزعة نظام الحكم في العراق بدأ منذ استقدام السفير الأميركي في اليمن، ماثيو تويلر، ليقوم بالمهام الدبلوماسية في بغداد". مؤكدا "ان المشروع الأميركي الإسرائيلي يستكمل بإسقاط الأنظمة في سوريا ثم الأردن، اما فيما يخص العراق فأن تواجد تنظيم داعش بين جنوب الموصل وأعالي الفرات والوديان الثلاث، حوران/ الأبيض / قذف، والأنبار وجبال حمرين والخانوكة سوف يكون رأس جسر للإرهاب الذي سيأتي من غرب العراق والذي يخطط لاستهداف كربلاء والنجف وسامراء".

  ويضيف الزبيدي قائلا، "ان الحركات الدينية المنحرفة سوف تنشط بالتزامن مع هذه الهجمات، وهدفها إثارة الفتنة الطائفية كما كانت تفعل الوهابية في بداية القرن العشرين".

   ولعل عموم احداث العنف والفوضى التي رافقت التظاهرات السلمية في عدد من المدن العراقية، من بينها النجف الاشرف وكربلاء المقدسة، تؤكد مثل هذه القراءة التحليلية، والتي تعززها وتدعمها احداث العنف المماثلة التي شهدتها كل من لبنان وايران خلال الاسابيع القلائل الماضية، هذا في الوقت الذي اخذت تتلاحق الادلة والبراهين والمؤشرات على تورط واشنطن وتل ابيب وابو ظبي والرياض بما يجري في العراق من انزلاق نحو الفوضى والتخريب والتدمير.

   وبينما المنطق السليم يفرض ادانة واستنكار كل ما يؤدي الى ازهاق الارواح وسفك الدماء وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، الا ان المنابر السياسية والاعلامية في العواصم المشار اليها، تروج وتشجع على ذلك، وتوعزه الى النفوذ الايراني في العراق، في حين بات معظم العراقيين يعرفون من كان يرسل الانتحاريين الى العراق ليفجروا انفسهم وسط الاسواق وقرب اماكن العبادة والمدارس والمستشفيات والدوائر الحكومية المخلتفة، ومن يمول بالمال والسلاح والاعلام، ومن اوجد تنظيم  القاعدة وتنظيم داعش الارهابيين.   

   ولاشك ان هذه الاطراف الممولة والداعمة، تريد التعتيم على الحقائق الدامغة بأية طريقة، وما حجز السلطات الاماراتية للسياسي العراقي عزت الشابندر عدة ايام، لانه كشف عن تورط واسرائيل ودول خليجية من بينها الامارات، بدعم الجماعات الارهابية والسعي لاثارة الفوضى في العراق، الا دليل واحد على مثل ذلك التورط.

   وقد كشفت مصادر خاصة نقلا عن اوساط مخابراتية، "ان إحتجاز الشابندر جاء على خلفية تسريبه لمعلومات حصل عليها على الأرجح من دولة قطر تبين حقيقة المشروع الذي تقوده اسرائيل في العراق وتشارك فيه الإمارات بالدعم المالي".

   واشارت المصادر الى "ان الامارات عملت ايضاً على تمويل الجيش الاميركي في تسليح أربعة عشائر بمحافظة الأنبار لتأسيس وضع عسكري جديد يمهد لانفصال الأنبار بعنوان كونفدرالية لإدخالها في مشروع صفقة القرن وتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيها".

   كل ذلك وغيره يحصل على الارض وخلف الكواليس وعبر الفضاء الالكتروني، ويأتي بينس وبعده الجنرال ميلي الى العراق في زيارات خاطفة وسريعة، دون ان يكون لهم يد في ذلك، فهذا ما هو غير منطقى ولا معقول.   

  وربما نشهد زيارات اخرى بعد زيارتي بينس وميلي، لاسيما في ظل فشل واحباط مخططات واجندات واشنطن وحلفائها واتباعها، وتكشف مجمل خطوط وخيوط تلك المخططات والاجندات، التي تمثل "الفوضى الخلّاقة" في هذا الوقت بالذات عنوانها الابرز والاوضح اكثر من أي وقت مضى.

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك