أفاد تقرير بلومبيرغ أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يحسن تقدير الأمور، وجر الولايات المتحدة إلى حرب تجارية وحرب عملات لا نهاية لهما.
وقالت الوكالة إن خطة ترامب للضغط على بكين لتتحمّل تكاليف التعريفات الجمركية التي فرضتها واشنطن على السلع الصينية أثرت سلبا على اقتصاد بلاده.
وبحسب تقرير الباحث بيتر كوب، كان ترامب يهدف بخطته لرفع العائدات المالية للحكومة الفدرالية، وعدم إلحاق الأذى بالمستهلك الأميركي، والضغط على المنافسين الصينيين. لكن التقارير الاقتصادية كشفت أن المستهلكين الأميركيين يتحملون أعباء جميع تكاليف التعريفات تقريبا نظرا لأن المصدرين الصينيين لم يعملوا حتى الآن على تخفيض الأسعار بشكل كبير لأن هوامش صافي الأرباح كانت ضئيلة بالفعل ولم يكن لديهم مجال لإجراء تخفيضات.
وقال الباحث إنه رغم أن الصين قد خفضت أسعار منتجاتها بشكل فعّال في الخامس من أغسطس/آب من خلال إضعاف عملتها، بيد أن هذا الإجراء أثار غضب الرئيس الأميركي ودفع وزارة الخزانة إلى اتهام السلطات الصينية بشكل رسمي بالتلاعب بالعملة، الأمر الذي قد يثير غضب الصينيين ويجعل عقد صفقة تجارية ثنائية أكثر صعوبة.
ويبدو أن ترامب لا يملك فكرة واضحة عن التجارة الخارجية وأهدافه الرئيسية وكيفية تحقيقها -يقول الكاتب- حيث إنه جر الولايات المتحدة إلى حرب تجارية وحرب عملات لا نهاية لهما.
ونقل التقرير عن فيليب ليفي كبير الخبراء الاقتصاديين بشركة فليكسبورت أن واشنطن لم تكن تملك خطة واضحة عند دخولها حربا تجارية ضد الصين، في حين تتمثل خطة الخروج من هذه الحرب في تهديد المنافسين الصينيين لإخضاعهم للشروط الأميركية.
وأورد الباحث أن قيمة اليوان الصيني قد انخفضت بنسبة 5% منذ أبريل/نيسان الماضي، وهو ما أثر على قيمة السلع.
مشكلة كبيرة
ويمثل انخفاض اليوان أمام الدولار مشكلة كبيرة لترامب -وفق الكاتب- حيث سيسهل انخفاض العملة الصينية (اليوان) على بكين التمسك بحصتها في السوق الأميركية. ونتيجة لذلك، من المحتمل ألا يتمكّن ترامب من تحقيق هدفه المعلن، ألا وهو إعادة وظائف المصانع إلى الولايات المتحدة على نطاق واسع.
وأوضح أن اتهام الخزانة للصين بالتلاعب بالعملة يعتبر تجسيدا آخر لرفض التعامل مع الحقائق على أرض الواقع. ففي الماضي، كبحت الصين قيمة عملتها لكسب ميزة تنافسية، لكنها في السنوات الأخيرة فعلت عكس ذلك حيث دعمت اليوان مقابل كسب القوى بالسوق.
وخلال هذه المرحلة من النزاع -يقول الكاتب- لا يمكن للرئيس الصيني شي جين بينغ تقديم تنازلات كبيرة لترامب لأنه سيُعتبر خاضعا لقوة أجنبية معادية.
ونقل التقرير عن آن كروجر -وهي من بين أبرز الخبراء الاقتصاديين السابقين بالبنك الدولي وأصبحت الآن أستاذة باحثة بجامعة جونز هوبكنز قولها "لقد كان خطأ فادحا من جانب إدارة ترامب الإعلان عن حرب تجارية مع الصين بدلا من تقديم شكاوى مشروعة لمنظمة التجارة العالمية".
وأشار الباحث إلى أن سعر صرف الدولار مقابل اليوان سيكون الرقم الأكثر أهمية في العالم المالي خلال الأسابيع القليلة.
الجميع يخسرون
ويقول الباحث أيضا إن ترامب محق في قلقه حول تراجع قيمة اليوان. فرغم أن هذا التراجع يحمي المستهلكين الأميركيين من ارتفاع الأسعار فإنه يجعل البضائع الأميركية أكثر تكلفة بالصين، مما يلحق ضررا بالمُصدرين الأميركيين. أما بالنسبة للصين فيمكن اعتبار تراجع قيمة اليوان سلاحا قويا.
ويضيف أن الحرب التجارية تعود بالضرر على جميع المصدرين الأميركيين تقريبا، وتلحق ضررا للمزارعين بعدما أوقفت الصين مشترياتها من السلع الزراعية الأميركية ردا على إعلان ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات الصينية.
ونقل الباحث عن روجر جونسون رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين أن إستراتيجية ترامب المتمثلة في التصعيد المستمر والعداء "زادت الأمور سوءا".
ويلفت إلى أن معاناة الصين من الصراع التجاري مع الولايات المتحدة تُرضي ترامب، لكن ما يعود بالضرر على بكين ليس بالضرورة نافعا لواشنطن لأن الجميع يخسر في الحرب التجارية.
وخلص الباحث إلى صراع ترامب يقود الولايات المتحدة والعالم إلى مكان تبقى معالمه غير واضحة.
https://telegram.me/buratha