احمد موسى جياد/ استشارية التنمية والابحاث/العراق/ النرويج
تشير المعلومات ادناه الى قيام وزارة الكهرباء بابرام مذكرة تعاون/تفاهم مع معهد العراق للطاقة؛ وبما ان وزير الكهرباء الحالي، الاخ د. لؤي الخطيب، هو من يدير المعهد المذكور منذ تشكيله ولغاية إستيزاره قبل عدة اشهر فان مذكرة التعاون هذه قد تشكل حالة واضحة من "تناقض المصلحة" التي تعتبر بكل المقاييس والممارسات القانونية شكل من اشكال الفساد. كذلك قد يترتب عليها التزامات مالية على وزارة الكهرباء وقد تؤثر سلبيا على فرص التدريب والتطوير لكادر الوزارة.
وعليه وفي ضوء المعلومات ادناه:
اتوجه الى الاخ رئيس مجلس الوزراء بعدم الموافقة على او التخويل بالموافقة على هذه المذكرة لوجود حالة "تناقض المصلحة" وذلك استنادا الى قانون عقد المعاهدات وكذلك بحكم كونه رئيس المجلس الاعلى لمكافحة الفساد؛
ارى قيام مجلس القضاء الاعلى وهيئة النزاهة ولجنتي النزاهة والطاقة في مجلس النواب والمفتش العام في وزارة الكهرباء بالتحقق من قانونية قيام الوزير بالترويج الى وحضور مراسيم توقيع مذكرات تعاون بين جهتين اجنبيتين؛
كما وانني ارى ان معهد العراق للطاقة لا يمتلك الملائة المالية والامكانيات المادية التقنية والتنظيمية والبشرية التي تمكنه من تنفيذ الالتزامات المذكورة في مذكرة التفاهم.
استند في مداخلتي هذه على الحقائق والاعتبارات التالية:
اولا: في الوقت الذي ادعم فيه بكل قوة جهود ومحاولات الاستفادة من الخبرات العراقية المتواجدة خارج الوطن فانني، وعن قناعة راسخة، رفضت ولمرات عديدة وارفض مطلقا سلوك الطرق والاساليب الضبابية التي تشكل او يمكن ان تشكل ممارسة لنوع من الفساد ومنها استغلال المنصب الذي يشكل" تناقض المصالح" احد اشكالها؛
كما وانني اربط مذكرة التعاون هذه بقضية مقلقة سابقة (تم اثارتها كذلك من قبل بعض النواب) حيث عمل وزير الكهرباء رسميا وبعد عدة اسابيع من استيزاره على استقدام شخصين من معارفه ( وديع رياض وديع و ليث سعد وديع) الذين يعملون في نشاطات الاستثمارات الدولية للعمل معه في الوزارة "تطوعيا" وبدون اجر "لاعمال محددة واضحة ولمدة زمنية معينة" حسب ما ذكره الوزير ذاته دون تحديد ماهية تلك الاعمال ولا المدة الزمنية !!! (كتاب وزارة الكهرباء رقم 65666 بتاريخ 18/12/2018 .
وهذا الامر خطر للغاية حيث يتيح فرصة ثمينة لا تعوض لتجميع المعلومات مجانا عن مشاريع وخطط الوزارة والتي يمكن استخدامها في العطاءات الدولية لعقود مشاريع الوزارة مما قد يضر بالمصلحة الوطنية واضعاف الموقف التفاوضي للوزارة وتضخيم الكلف وفتح المجال لبيع تلك المعلومات وللعمولات وغيرها من الممارسات الفاسدة والمفسدة.
وفي الوقت الذي يؤكد كتاب الوزارة "لعدم وجود مانع يحول دون ذلك" فانني ارى عكس ذلك تماما؛ حيث تشير الدراسات والخبرة الدولية المتعلقة بالفساد ان من اهم الممارسات الفعالة لمحاربة الفساد هي عدم خلق البيئة والفرص المناسبة لممارسة وتشجيع الفساد.
وقد تشير كلتا الحالتين الى تخطيط مسبق ومنسق يربط كلاهما وجود حالة واضحة من تناقض المصلحة.
ثانيا: تم توقيع المذكرة قيد البحث في بغداد من قبل السيد ياسر المالكي عن معهد العراق للطاقة والسيدة بشرى حمزة- مديرة تدريب وبحوث الطاقة في وزارة الكهرباء. ولم يتم لحد الان نشر كامل نص المذكرة باستثناء ما مدون ادناه؛ كذلك لا تتوفر معلومات عن المفوضات والخطوات والاجراءات التي قادت الى التوقيع النهائي على المذكرة وهل تم الحصول على موافقة الجهات العليا حسب الاصول القانونية ام لا.
وبما ان مكان المعهد المذكور في لندن لذلك يعتبر ، من الناحية القانونية، جهة اجنبية؛ وعليه يخضع نفاذ هذه المذكرة الى موافقة رئيس مجلس الوزراء او التخويل بالموافقة استنادا الى المادة 3 الفقرة "ثانيا" من قانون عقد المعاهدات رقم 35 لسنة 2015 بحكم كون المعهد المذكور متواجد في بريطانيا.
وهنا توجد حالتين:
في حالة موافقة رئيس الوزراء على المذكرة فهذا خطأ فادح عليه سحب موافقته باسرع وقت لوجود تناقض المصلحة خاصة وانه رئيس المجلس الاعلى لمكافحة الفساد؛
اما الحالة الثانية فتتمثل بقيام رئيس الوزراء باخذ زمام المبادرة وتوجيه وزارة الكهرباء بالغاء المذكرة واتخاذ الاجراءات الضرورية لايقاف استشراء ظاهرة تناقض المصلحة (الفاسدة والمفسدة) في وزارة الكهرباء.
ثالثا: يبدو انه تم التخطيط لمراسم التوقيع على هذه المذكرة بعناية لتتوافق مع زيارة المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة للعراق!!!!
لكن المؤسف وغير المقبول اخلاقيا وغير المسموح به قانونيا وبروتوكوليا ان يقوم وزير الكهرباء بالترويح الى وحضور مراسم توقيع مذكرة تفاهم اخرى بين جهتين اجنبيتين: الاولى مقرها في باريس- فرنسا (وكالة الطاقة الدولية) والثانية مقرها في لندن- بريطانيا ( معهد العراق للطاقة).
ان ممارسة العلاقات العامة للترويج الى جهتين اجنبيتين لا تليق بوزير عراقي ولا تبرر مطلقا استخدام وقته وجهده ووقت وجهد بعض منتسبي وزارته وامكانيات الوزارة.
ولكن هنا ايضا نجد الدليل الاضافي على تناقض المصلحة.
وعليه فانني ارى قيام كل من مجلس القضاء الاعلى وهيئة النزاهة ولجنتي النزاهة والطاقة في مجلس النواب والمفتش العام في وزارة الكهرباء بالتحقيق والتحقق من قانونية قيام الوزير بالترويج الى وحضور مراسيم توقيع مذكرات تعاون بين جهتين اجنبيتين؛
كذلك ارى قيام الاخ رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الاعلى لمكافحة الفساد باتخاذ الاجراءات الوقائية قبل اكتمال التحقيق اعلاه والاجراءات الضرورية في ضوء نتائج ذات التحقيق.
رابعا: وقد يكون الاخ الوزير معذورا حيث ان ليست لديه خبرة عمل يوم واحد في الحكومة العراقية!! انني اعرف الاخ وزير الكهرباء الحالي منذ عام 2008 وهو يعمل مع شركة الهلال النفطية Petroleum Crescent (لصاحبها السيد حميد جعفر واولاده مجيد وبدر) المتواجدة في الامارات العربية.
ومن الجدير بالذكر ان لهذه الشركة عقود نفطية مع حكومة اقليم كردستان تم بسببها ادراجها في القائمة السوداء من قبل وزارة النفط؛ ومع ذلك فقد تمكنت الشركة في عهد وزارة جبار لعيبي من الحصول على عدة رقع استكشافية في جولة التراخيص الخامسة السيئة التي نظمت في شهر نيسان 2018.
ومن الجدير بالذكر ايضا ان من ضمن نشاطات شركة الهلال المذكورة تاسيس وتمويل معهد العراق للطاقة في لندن؛ وعليه ومنذ 2008 ولغاية إستيزاره قبل عدة اشهر يقوم الاخ لؤي بادارة المعهد المذكور. وبسبب هذا الارتباط الوظيفي فان مواقفه معروفة بدعم عقود الاقليم ومهاجمة عقود الخدمة لوزارة النفط.
علما بان موظفي المعهد على الملاك الدائم لا يتجاوز اثنين ولكن للمعهد "مجلس" فخري يتغير اعضاءه باستمرار وبسرعة!!!!
تركز نشاط المعهد في السنوات الاخيرة على تنظيم ندوة "محفل العراق للطاقة" والتي تمول بشكل اساسي من قبل شركات النفط الدولية العاملة في العراق وذلك حسب الاعلانات الترويجية لتلك الندوات. ومن الجدير بالذكر ان السيدة نيسار الطلباني هي عضو حديث في مجلس المعهد ومسؤولة عن ندوة محفل العراق للطاقة لعام 2019
ومن الضروري ان اذكر بانني تعاونت مع الاخ لؤي في اكثر من مناسبة كان اخرها مساهمته عن الفدرالية في العراق في المجلة الدولية للدراسات العراقية المعاصرة نهاية عام 2018 والتي كنت محررها الضيف.
خامسا: وكما ذكر اعلاه فانه لم يتم لحد الان نشر نص المذكرة لتقييمها بشكل كامل باستثناء ما مدون ادناه؛ ولكن تشير مذكرة التعاون الى "تقديم التسهيلات اللازمة لمنتسبي الطرفين"؛ وهذا يشكل التزام "مفتوح" على وزارة الكهرباء.
وبما ان مدة سريان المذكرة هي خمس سنوات فان هذا يعني ان المعهد المذكور سينال الافضلية طيلة فترة الوزير الحالي وعلى افتراض استمراره ما دامت الحكومة الحالية قائمة! وهذا قد يقود الى تقييد نشاطات التطوير والتدريب لكادر الوزارة واحتكارها حصرا بمعهد العراق للطاقة خاصة وان المعهد المذكور لا يمتلك التسهيلات والامكانيات المادية والتقنية والبشرية المؤكدة التي تؤهله لتنفيذ ما ورد في مذكرة التعاون هذه.
وفي حالة عدم الموافقة على استنتاجي هذا سواء من قبل وزارة الكهرباء او المعهد المذكور فانني ارى ان عليهما تقديم الوثائق الرسمية التي تتعلق بما يلي:
التحقق من الملائة المالية للمعهد (وخاصة مصادر تمويل المعهد منذ تاسيسه والميزانيات السنوية التفصيلية للعوائد والنفقات) التي تمكنه من "تقديم التسهيلات اللازمة لمنتسبي" وزارة الكهرباء ؛
الامكانيات المادية والتقنية التي يملكها المعهد (مثل المختبرات والورش الهندسية ومعدات وهياكل وبرامج التدريب والتطوير التي تم ذكرها في ملخص المذكرة ادناه)؛
المؤهلات العلمية والتقنية والتخصصية لكادر المعهد (التخصص والعدد وسنوات الخبرة) ؛
الخبرة الفعلية للمعهد (جرد بالنشاطات الفعلية التي قام بها المعهد و الجهة المستفيدة والعقود المنظمة لتلك النشاطات التي تم ذكرها في الملخص)؛
الهيكل الاداري والتنظيمي للمعهد (للمنتسبين الدائميين ومجال تخصصاتهم)؛
الشواهد المادية التي تثبت ان للمعهد المذكور امكانية "السعي لتوفير منح دراسية بالتنسيق مع الجامعات العالمية لملاكات الوزارة" في ضوء الهيكل الاداري والتنظيمي والمالي للمعهد!!
التاكد مما ورد اعلاه استنادا الى الوثائق الرسمية الصادرة من الجهات البريطانية المعنية (الحسابات المصرفية، مكتب الضرائب، استحقاقات واستقطاعات التقاعد، الرواتب الشهرية والاجور، حسابات المعهد السنوية مصدقة من مكتب مدقق قانوني في لندن، نسخ من العقود التي عقدها المعهد في مجلات هذه المذكرة خلال السنوات الماضية، تفاصيل الممتلكات المادية للمعهد ..الخ) ومن الجامعات العالمية التي يدعي المعهد علاقته بها.
27 نيسان 2019
https://telegram.me/buratha