ميثم العطواني
ان الحديث عن فاجعة غرق العبارة في نينوى يفتح لنا الباب كي نتناوله بشيء من الموضوعية، وما سوف ما نعرضه ليس إلا نقطة فى بحر، وحلقة من حلقات سلسلة الحوادث المؤلمة الطويلة، التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأبرياء لا لذنب اقترفوه سوى إهمال وتقصير المسؤولين كلا في موقعه ومسؤولياته، إبتداءا من حوادث سير المركبات المتكررة بشكلا يومي، ومن ثم الى حوادث الحرائق لاسيما تلك التي تطول الأسواق والمباني الكبيرة، وحتى حوادث الغرق التي ربما لم تكن كارثة العبارة في الموصل آخرها، والتي يرجع السبب الرئيس فيها الى التقصير، لأن عنصر السلامة من العناصر الأساسية في مشاريع الأماكن السياحية والمدن الترفيهية التي يكون من أول الأولويات في كل دول العالم، إلا ان في العراق لم يأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام سواء على مستوى الدولة أو المستثمر، وذلك بسبب مؤثرات يدخل الفساد المالي والإداري في مقدمتها، حيث ان إجراءات السلامة لم تعد مجرد إرشادات تكتب على اللوحات في مداخل المشاريع بمختلف أنواعها وأشكالها، بل شهدت الدول وحتى النامية منها تطور الى ما هو أبعد من ذلك، وباتت تتفن في إبتكار طرق السلامة التي تتناسب وحجم المشروع من حيث الضخامة وأعداد مرتاديه، وأخذت تفرض تلك الإجراءات على مواطنيها، حتى صارت مجتمعاتهم هي من تلتزم بوسائل السلامة لجماليتها وطرق التكنولوجيا الحديث المتبعة فيها .
وعندما نتحدث عن فاجعة غرق العبارة التي حصدت أرواح العشرات من النساء والأطفال، يجب علينا ان نتحدث بموضوعية، وذلك من خلال طرح السؤال المهم، من المسؤول عن الحادث؟، ومن ثم لماذا وقعت المسؤولية على عاتقه؟، قد تكون الإجابة ان المسؤولية تتحملها ثلاثة جهات بالدرجة الأولى، وهم كلا من مديرية الدفاع المدني في نينوى، ومديرية السياحة والآثار في نينوى، والمستثمر لمشروع الجزيرة التي وقع فيها حادث غرق العبارة .. ولمناقشة لماذا هذه الجهات الثلاثة، نجد التقصير الواضح من قبل الدفاع المدني وهو الجهة المسؤولة على التفتيش الذي يلزم بتوفير مستلزمات السلامة العامة، حيث لم نرى في حادث العبارة أدنى وجود لهذه المستلزمات، لا نجادات!!، لا زوارق إنقاذ!!، ولا حتى أبسط المستلزمات البدائية التي أكل الدهر عليها وشرب والتي يطلق عليها "جوب" يملئ هواء يستخدم للنجاة في مثل هذه الحوادث، فكم من محضر كشف وقع مسؤول الدفاع المدني لإدارة الجزيرة إقتضى بإن مستلزمات السلامة متوفرة وتعمل بصورة جيدة؟! ..
وأما عن مديرية السياحة، كان من المفترض عليها ان تأخذ بعين الإعتبار الموافقة على مواصفات العبارة الفنية وما يتناسب مع الأعداد التي تقلها، لا هي الزمت بتوفير عبارة حديثة وجنبتنا هذه الكارثة!!، ولا الزمت إدارة الجزيرة بعدد محدد تقله العبارة للحفاظ على راحة المواطن قبل الحفاظ على سلامته!!، لاسيما وان رئيس تركيا رجب طيب اوردغان قد أعلن تعقيبا على الحادث ان هذه العبارة انتهى عمر إستخدامها الافتراضي في تركيا منذ (200) عام!! .. وبقى ان نناقش دور المستثمر الذي يعد الدور الرئيس في القضية، الطمع والجشع دفعه للحصول على المزيد من المال دون ادنى التفاتة الى الحفاظ على أروح الناس، حيث كانت العبارة تحمل عدد يفوق ضعف العدد الذي تستوعبه من الناحية الفنية!! .
ينبغي على لجنة التحقيق ان تكتب من ضمن توصياتها، إقالة مدير دفاع مدني نينوى، وإقالة مدير سياحة نينوى، وان تحيل المستثمر الى القضاء لينال جزاءه العادل، وعلى اللجنة ان تقر ايضا دوافع الفساد المالي هي من أكمنت خلف الحادث .
وعلى التاريخ ان يحفظ الصورة التي ظهر فيها محافظ نينوى نوفل العاكوب أثناء تصريح رئيس الوزراء بصدد الفاجعة الأليمة والإبتسامة العريضة تعلوا ملامح وجهه وهو يرتدي الرباط الأحمر!!، إذ لو كان إبن أو بنت العاكوب من بين الضحايا لأختلف حاله، واختفت إبتسامته، وسالت دموعه، وقامت الدنيا ولم تقعد .
https://telegram.me/buratha