التقارير

الفساد في العراق والأزمة المالية

2512 2018-07-28

يحتل العراق المرتبة التاسعة في العالم فيما يتعلق بموارده الطبيعية (النفط والغاز ومواد معدنية، ووفرة مياه وأراضي خصبة)، لكن وبسبب عدم إستغلال هذه الثروات الموجودة في باطن الأرض وظاهرها نتيجة الفساد المالي والتخبط الإداري؛ بالإضافة الى فشل الخطط الموضوعة من قبل واضعيها، نجد العراق يعاني من أزمة إقتصادية كبيرة، انعكست سلبا على حياة المواطن، والنتيجة إخفاق الدولة في تحقيق التقدم والرخاء للبلد.

حل عام 2018 والبلد محمل بأعباء ديون بعشرات المليارات من الدولارات، ودمار كبير خلفته الحرب مع تنظيم داعش الإرهابي، وهو الأمر الذي أضاف أعباء أخرى على كاهل الحكومة، الأمر الذي نتج عنه حالة من الترقب والخوف، حول ما سيكون عليه الوضع الإقتصادي للبلد عموما، وفي ظل وجود أحزاب متنفذة jنهب ثروات البلاد، ناهيك عن أزمة إقتصادية خلفها هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية، إنسحبت على مشاريع البلاد والخدمات وباقي القطاعات من زراعة وتعليم وصحة وتجارة
لكن ما هي أسباب الأزمة في العراق؟ هل هي أزمة موارد، أم أزمة تخطيط، أم أنها أزمة بين الأحزاب السياسية التي تحكم البلد، خاصة وأننا نلاحط أن هذه الأحزاب التي تحكم، هي نفسها تنتقد الحكومة في كل شاردة وواردة، وكأنها ليست مشاركة في ما يجري من خراب فيه.
إن السبب الرئيسي في أسباب الأزمة في العراق سياسي بالدرجة الأولى، حيث كان نتيجة التنافس السياسي بين الأحزاب الحاكمة نشوء مافيات الفساد وصراعات وسرقات انحدر العراق من جرائها الى منحدر مظلم لا يمكن الخروج منه، ما دام الجميع يفكرون بنفس الطريقة الموجودة الأن، بالإضافة الى أن تهجير ملايين العراقيين من بيوتهم ونشاط أعمالهم، ساهم بشكل أو بأخر في هذه لأزمة، ولا ننسى هنا إبادة آلاف العراقيين وتدمير مدن كاملة بسبب الحرب على الإرهاب، كانت كلها أسباب في الأزمة.
إن رائحة الأزمات مستمرة في العراق في ظل عملية سياسية تسير بعكس اتجاه السير الصحيح، كل هذا جاء مع بدايات تشكيل مجلس الحكم وما تبعه من توغل أحزاب وسياسيون متنفذون لإدارة الدولة، الأمر الذي نتج عنه معاناة مستمرة للمؤسسات الحكومية من صفقات الفساد، من خلال تسلطها على إدارة ملف الإعمار والخدمات والإصلاح، لقد كانت هناك صفقات يسيل لها اللعاب؛ ما نتج عنه هدر للمال العام بمئات المليارات من الدولارات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل الى أن البلاد مهددة بكارثة إقتصادية، نتيجة الممارسات الفاشلة في التخطيط والإدارة المالية وتوزيع الثروات، وعندما نتحدث عن إدارة موارد الدولة الأساسية يقفز الى أذهاننا النفط كمورد أساسي ووحيد في تمويل نفقات الدولة وإقامة المشاريع الإستثمارية، ولأنها لا تعترف بفشلها في كيفية إدارة هذه الموارد، نجد توقف أغلب القطاعات الإنتاجية التي من الممكن أن تقوم بتمويل الموازنة العامة، لو كانت الحكومة جادة في تفعيل القطاعات الإنتاجية هذه، والتي من المؤكد أنها كانت ستحل جزءا كبير من مشكلة البطالة التي لم تجد الحكومة لها حلا جذريا؛ خاصة مع تأكيد صندوق النقد الدولي على عدم تعيين موظفين جدد في المؤسسات الحكومية.

بسبب الأزمة الإقتصادية المفتوحة على مصرعيها نتيجة إنخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية والحرب على الإرهاب، والذي نتج عنه ركود إقتصادي وقلة تمويل، نجد أن على الحكومة التفكير جديا في تفعيل القطاعات الإقتصادية المدرة للدخل، والتي من خلالها أيضا يتمكن السوق من الإكتفاء بنسبة كبيرة من الإنتاج المحلي، وأهم هذه القطاعات هو القطاع الزراعي.
قد يقول قائل أن هناك مشكلة تواجه القطاع الزراعي، تتمثل بشحة المياه وإغداق التربة في كثير من المناطق الزراعية، نتيجة الهدر في السقي وعدم إستخدام الفلاح للمكننة الزراعية والتقنيات المستخدمة، والتي تساهم في تقليل إستخدام المياه للسقي، خاصة المحاصيل الموسمية، ونقصد بهذه التقنيات الري بالرش والري بالتنقيط، بالإضافة الى إمكانية الزراعة في مناطق لم يتم إستثمارها من قبل، من خلال حفر الآبار الإرتوازية وتخصيص كميات من المياه يستطيع من خلالها الفلاح زراعة أنواع كثيرة من المحاصيل الزراعية التي تستورد من خارج العراق، وبذلك نضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، منها الإستغناء عن إستيراد المحاصيل الزراعية من الخارج وسحب جزء كبير من البطالة المتفشية بين الشباب، وتعزيز الأمن الغذائي للبلد، وتحريك عجلة القطاع التحويلي، والذي يعتمد في بعض فقراته على المحاصيل الزراعية.
وتعتبر مصادر الواردات التي يعتمد عليها العراق من أهم أسباب الأزمة الاقتصادية التي ستنعكس، وتخلق أزمات جديدة في العام الحالي، فهي تعاني من آفة الفساد والسرقات وسيطرة الميليشيات والأحزاب المتنفذة على وارداتها، فهناك ملفات كثيرة يعتمد عليها العراق في وارداته، من أبرزها: ملف النفط والثروات الطبيعية التي ينتعش فيها البلاد، فالنفط من أكثر الملفات غموضا في الاقتصاد العراقي، حيث لم يتم إطلاع الرأي العام على العقود التي تبرمها الوزارة.
وبلغت خسائر العراق من تهريب النفط منذ سنة 2003 قرابة 120 مليار دولار، وموضوع تهريب النفط في استمرار وتزايد في ظل سلطة الميليشيات وإدارتها على مؤسسات الدولة.
كما أن للمنافذ الحدودية والفساد المستشري فيها دورًا أساسيًا في هذه الأزمة، حيث أصبحت المنافذ الحدودية في العراق آفة ينخر فيها الفساد، وتتوغل مافيات مختصة تتعامل بصورة مباشرة على إدارة المنافذ؛ للسيطرة على الواردات ونهبها، وهو ما يثير الخوف؛ لكون ما يجري عند المنافذ الحدودية يؤثر على قطاعات الصحة والمال والأمن، ويمتلك المسيطرون على تلك المنافذ موظفين داخلها؛ يسهلون لهم الحصول على الأموال من خلال ابتزاز التجار، وتمرير بضائع غير صالحة، وغيرها من الأساليب التي جعلت من المنافذ مرتعًا كبيرًا للفساد المالي والإداري.
يمكن أن نقول: إن الملفات التي ذكرناها أعلاه هي أبرز وأهم أسباب تدهور الاقتصاد العراقي، وما ستجره من تداعيات وانتكاسة اقتصادية في العام الجديد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك