فيما تتفاقم الخلافات السياسية داخل إقليم كردستان العراق بسبب تعنت بعض الأطراف ومحاولتها القفز على المشاكل والأزمات التي تسببت بها عبر عدم الالتفات للشركاء السياسيين في الإقليم وتقديم مصالح المواطنين الكرد العراقيين على المصالح الخاصة؛ شنت قيادات بارزة من مختلف الأحزاب والتيارات الكردية هجوما عنيفا على حكومة الإقليم بزعامة نجيرفان بارزاني متهمة إياها بالفشل والظلم، وحذرت من أن زيارات الأخير الخارجية ستزيد من تأزم الأوضاع وربما تؤدي إلى حروب داخلية، بينما كشفت حركة التغيير الكردية عن وجود "فضائيين" في قوات البيشمركة والموظفين في الإقليم ممن يتسلمون رواتبهم ويحضرون الدوام ليوم واحد كل "أربع سنوات" لأغراض انتخابية.
وقال النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني سالار محمود في تصريح صحفي تابعته "الصباح": إن "حكومة الاقليم مستمرة في نظامها الكارتوني وتريد ان يكون البرلمان كارتونيا ايضا"، مشيرا الى أن "الاجتماعات بين الحكومة والبرلمان بروتوكولية وغير مجدية لأن اتخاذ القرارات يعود الى الحكومة وحدها"، وأكد محمود "عدم نجاح اي حكومة في حال عدم احترامها لإرادة البرلمان، بل وإنها ستصبح حكومة ظالمة"، عاداً "حكومة الاقليم تظلم مواطني اقليم كردستان".
كما شن نائب عن كتلة الاتحاد الإسلامي في البرلمان الكردستاني هجوما عنيفا على الحكومة الحالية في الاقليم ، وقال النائب أبو بكر هلدني في بيان اطلعت عليه "الصباح": إن "حكومة كردستان تحاول خداع المواطنين من خلال وعودها وتعهداتها"، مؤكدا أنها "عاجزة عن إجراء وتحقيق إصلاحات حقيقية بسبب أن الفساد يجري في عروقها وشرايينها كمجرى الدم"، وأوضح هلدني ان "المسؤولين في إقليم كردستان كانوا يقطعون عهودا ووعودا فارغة طوال ستة وعشرين عاما لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، دون تحقيق شيء على ارض الواقع".
فضائيون في كردستان
من جانبها، كشفت النائبة عن كتلة التغيير شيرين رضا، عن وجود فضائيين في قوات البيشمركة الكردية وموظفي كردستان، مبينة ان "ادارة اربيل تمنح رواتب لأشخاص يعملون يوما واحدا كل أربع سنوات لأغراض انتخابية".
وقالت رضا في تصريح صحفي تابعته "الصباح": ان "اللجنة التدقيقية التي شكلتها الحكومة المركزية كشفت عن وجود أسماء وهمية في قوات البيشمركة بالإضافة الى دوائر كردستان يتسلمون رواتب من دون عمل"، واضافت ان “حكومة الإقليم سرقت ونهبت قوت المواطنين الكرد على مدى 26 سنة وان بقاءها على حالها يعني مزيدا من الجوع والفقر"، داعية "مواطني وموظفي الشمال للخروج بتظاهرات والقيام بانتفاضة ضد حكومة بارزاني".
وبينت النائبة، ان "اسقاط هذه الحكومة وتشكيل اخرى أكثر مهنية من اشخاص قادرين على حماية ثروات الاقليم الاقتصادية والطبيعية وبناء علاقات طيبة مع دول الجوار هي الخطوات التي تعمل عليها كتلة التغيير لإنقاذ الشعب الكردي من الاضطهاد والفقر"، وبخصوص الحوار مع بغداد قالت رضا: ان "الحكومة الاتحادية وضعت شروطا وعلى كردستان القبول بها من اجل بدء الحوار الدستوري بين بغداد واربيل لمناقشة تخفيض نسبة الاقليم في الموازنة العامة لعام 2018".
عضو الخلية التنفيذية في حركة التغيير محمد توفيق رحيم، قال في تصريح صحفي أمس الأحد: ان "المجلس الوطني في حركة التغيير سيصادق على التحول إلى المعارضة، الأسبوع المقبل"، موضحا أن "المجلس سيتخذ هذا القرار بناء على طلب الجماهير"، بحسب قوله.
واضاف رحيم، "مع أن هذا القرار جاء في وقت متأخر، إلا أنني مطمئن 100 بالمئة بأن المجلس الوطني للحركة سيصادق على التحول إلى المعارضة في الأسبوع المقبل"، وأضاف، أن "اغلب الآراء في المجلس الوطني، والمجلس العام، ومقرات حركة التغيير، تؤيد التحول إلى المعارضة"، موضحا أن "قرار العودة إلى خانة المعارضة مطلب جماهير كردستان والشارع في المرحلة الحالية التي يمر بها الإقليم"، وأشار إلى أن "حركة التغيير قريبة من نبض الشارع الكردستاني، وكان لها تأثير أكبر عندما كانت معارضة، وليس عندما كانت مشاركة في الحكومة".
مطالب دستورية
بدورها، دعت الجماعة الإسلامية الكردستانية، حكومة اربيل الى الإسراع بالاستجابة لمطالب الحكومة الاتحادية لتجنب كارثة إنسانية واقتصادية، وطالبت اربيل بإعلان تأييدها لقرار المحكمة الاتحادية بشان الاستفتاء وتسليم المطارات والمنافذ الحدودية والموارد النفطية كونها شروطاً اتحادية.
وقال النائب عن الجماعة احمد حمه في تصريح تابعته "الصباح": إن "إقليم كردستان مقبل على أزمة اقتصادية وإنسانية كبيرة في حال استمرار عدم تسليم رواتب موظفي الإقليم"، وأضاف أن "الحل الوحيد هو استجابة حكومة اربيل للشروط الاتحادية وتسليم المطارات الى سلطة الطيران المدني وكذلك إدارة بيع النفط الى بغداد وتسليم المنافذ الحدودية وتلبية جميع الشروط بما فيها الإعلان الرسمي لتأييد قرار المحكمة الاتحادية بشان بطلان الاستفتاء"، وتابع حمه، أن "تحقيق المطالب من قبل اربيل يضمن لها تسلم الرواتب والاموال الكافية لموظفي اقليم كردستان ولشعب الاقليم الذي يعاني سوء ادارة الحزب الديمقراطي الكردستاني".
زيارات خارجية
إلى ذلك، حذرت النائبة عن حركة التغيير الكردية تافكة أحمد، من أن الزيارات الخارجية لرئيس حكومة إقليم كردستان نجيرفان بارزاني ستعمق النزاعات وتولد حروبا داخلية، وقالت أحمد في تصريح صحفي أمس الأحد: إنه "ينبغي للطرفين المتنازعين في اربيل وبغداد الجلوس على طاولة حوار واحدة لحل المشاكل بدون اي تدخلات خارجية"، وأضافت أحمد، أن "تلك التدخلات ستولد نزاعات وحروباً داخلية بين حكومتي المركز والإقليم"، داعية إلى "تلافي تطور الأزمة والركون للحوار في حل المشاكل".
ومن المقرر أن يبدأ رئيس حكومة الإقليم نجيرفان بارزاني اليوم الاثنين زيارة إلى العاصمة الالمانية برلين، وذلك في ثاني زيارة اوروبية له بعد زيارته الأولى إلى باريس.
في السياق نفسه، عد النائب عن ائتلاف دولة القانون كامل الزيدي، الزيارات الخارجية لرئيس حكومة شمال العراق نجيرفان بارزاني محاولة لتدويل ازمة كردستان مع المركز او البحث عن وسيط دولي، مؤكدا أنها لن تجدي نفعا بسبب تفهم تلك الدول لموقف بغداد القانوني والدستوري.
وقال الزيدي في تصريح صحفي: إن "الزيارتين الاخيرتين لرئيس حكومة شمال العراق الى تركيا وفرنسا باءتا بالفشل اذ لم تحقق هدف كردستان بتدويل ازمته مع بغداد"، مشيرا الى ان "الزيارة الحالية الى المانيا لن تحقق اهدافها ايضا بسبب تفهم تلك الدول موقف بغداد القانوني والدستوري"، واضاف الزيدي، أن "حكومة شمال العراق تمر بظرف صعب من خلال الضغط الجماهيري في كردستان اضافة الى الخلافات السياسية بشأن تمسك رئيس الحكومة بالاستفتاء رغم رفضه من قبل المحكمة الاتحادية"، وتوقع الزيدي بأن "حكومة كردستان ستواجه مشاكل كبيرة خاصة بعد اعلان كتلة التغيير انسحاب وزرائها رسميا من الحكومة".
حديث طالباني
من جانب آخر، دحض القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني "مزاعم الحزب الديمقراطي الكردستاني بالتواطؤ مع بغداد أثناء عمليات استعادة السلطة في كركوك والمناطق المتنازع عليها".
وأشار بافل نجل الرئيس الراحل جلال طالباني في حوار مع صحيفة "التلغفراف" البريطانية أمس الأحد، الى ضرورة "اخماد نيران الخلاف بين بغداد واربيل حتى لا يستغل داعش الازمة باعادة تشكيل مجاميعه"، ودعا طالباني بريطانيا بحسب الصحيفة الى "التفاوض لوضع حد لاربعة اشهر من المواجهة بين القوات العراقية والكردية المتحالفة سابقا في الحرب ضد الجماعة الإرهابية"، وأوضح القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، ان"سبب وجوده في لندن هو لاقناع المجتمع الدولي بالمساعدة في بدء المفاوضات بين حكومة اقليم كردستان وبغداد في أقرب وقت ممكن قبل تدهور الوضع، لتحريك البلاد الى الامام".
تقرير صحفي
إلى ذلك، أفادت صحيفة "الحياة" اللندنية، في مقال نشرته أمس الاحد، للكاتب المختص في شؤون الطاقة وليد خدوري، بأنه وفقاً لقانون النفط والغاز النافذ في كردستان، فإنه ليست هناك ضرورة لموافقة البرلمان على ابرام العقود النفطية مع الشركات المستثمرة، بينما لفتت الى أن اقليم كردستان قد يضطر الى مخاطبة الانتربول لإرجاع وزير النفط الهارب آشتي هورامي.
وذكر الكاتب في مقاله، أن "رئيس لجنة الصناعة والطاقة في برلمان كردستان العراق، شيركو جودت، يحاول استجواب وزير الثروات الطبيعية في الشمال، آشتي هورامي، لكن من دون جدوى، نظراً إلى اختفائه منذ نحو شهرين في الخارج"، وأضاف، أن "هورامي غادر أربيل بُعيد الاستفتاء إلى جهة مجهولة، وأعلن جودت أنهم سيطلقون حملة لإعادة وزير الثروات الطبيعية إلى كردستان، وإذا تم منع إرجاع وزير الثروات، فسوف ننظم حملة لإرجاعه ونبلغ الشرطة الدولية (إنتربول) والجهات الخارجية بذلك"، وذكر جودت أن "هورامي هرب مع الصندوق الأسود لمعلومات نفط الإقليم".
ونقل الكاتب: ان "السفير الأميركي في بغداد دوغلاس سيليمان أعرب الأسبوع الماضي أمام وسائل الإعلام، عن قلق واشنطن من العقود النفطية التي أبرمها الإقليم مع شركات النفط العالمية، وقال سيليمان: إن العقود والمبيعات النفطية التي أبرمتها وزارة النفط العراقية مع الشركات العالمية كانت على قدر كبير من الشفافية، لكننا قلقون من عقود نفطية منفردة قامت بها حكومة الإقليم مع شركات نفطية عالمية".
https://telegram.me/buratha
