على أية حال، وبعد انتظار طويل جاءت أجابة رئيس الوزراء بالقول بأنه لا يتحمل ذنباً أو مسؤولية لأنه تنازل عن ميناء العراق الوحيد و لكن المقبور السيد المالكي هو من تنازل طبقا لاتفاقية تنظيم الملاحة الموقعة بين العراق و الكويت عام 2013 و الصادرة بقانون رقم 43. و رغم أن السؤال كان و لا يزال كيف سيصدر العراق نفطه؟ فبعد أن كان العراق يملك ميناءه الخاص ويصدر نفطه متى أراد أصبح العراق عاجزا عن تصدير قطرة نفط واحدة لأنعدام المنفذ الخارجي سواء أكان برياً أم بحرياً!! لكن العبادي أراد تبرير تصرفه الانفرادي و الغير قانوني!!
فلحد هذه اللحظة لم يصدر قانون من البرلمان الحالي أو السابق بترسيم الحدود بين الكويت والعراق.
الغريب أن الاتفاقية تتكلم عن السفن التي يحق لها استخدام الميناء و ليس عن ترسيم الحدود. أن استخدام الميناء للملاحة يختلف تماماً عن ملكية الميناء! فعقد الإيجار مثلا لا يمكن أن يشبه سند الملكية! كما لا يمكن للمؤجر أن يستخدم عقد الإيجار كسند للملكية! ومع ذلك، تنص الاتفاقية على احترام المياه الاقليمية لكلا الطرفين والمياه الاقليمية هي جزء من اقليم الدولة تماما كأراضي الدولة الفرق الوحيد هو أنها مياه و ليست أرض. حيث تنص المادة الأولى على أن الغرض من هذه الاتفاقية هو "تنظيم الملاحة في خور العبدالله" و ليس ترسيم الحدود.
أما المادة الرابعة فتنص " يمارس كل طرف سيادته على الجزء من الممر الملاحي الذي يقع ضمن بحره الاقليمي..." فالاتفاقية تقرّ بأن خور العبدالله عراقي و أن للعراق حق سيادي عليه! جزء منه يقع داخل العراق.
كما تنص الاتفاقية في المادة السادسة على أنه " لا تؤثر هذه الاتفاقية على الحدود بين الطرفين في خور العبدالله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993"
فالاتفاقية تنص صراحة على أنها لا تهدف لترسيم الحدود فكل دولة لها الحق في استخدام الجزء الخاص بها من الممر الذي يقع بين البلدين لكنها لا تعطي الجزء العراقي من الممر للكويت!!
بل إن المادة العاشرة من الاتفاقية تمنح العراق الحق في استيفاء الرسوم و الاجور من السفن التي تستخدم الميناء وهذا مورد مالي العراق بأمس الحاجة اليه. حيث تنص المادة العاشرة من الاتفاقية على " لا تستوفى الرسوم إلا مقابل الخدمات التي تؤدى إلى السفن. أما الإيرادات الناشئة عن إرشاد السفن أو إي خدمات أخرى و كذلك الخدمات التي يؤديها أحد الطرفين تستوفى من قبل الطرف الذي قام بإرشاد السفن أو قدم الخدمات المذكورة اعلاه." الاتفاقية تضمن حق العراق باستيفاء اجور عن اي خدمات يقدمها للسفن و هي كثيرة منها خدمات الارشاد، الارساء، تعبئة الوقود، اعمال الصيانة وغيرها. كل هذه تمثل مورد مالي العراق بأمس الحاجة اليه!! خاصة و أن العبادي يشتكي دائما من قلة الموارد المالية!!
كما تم توقيع و تحرير الاتفاقية في بغداد بما يحفظ للعراق كرامته باعتباره شريكاً على قدم المساواة مع الكويت. بعد ذلك قام السيد المالكي بعرض الاتفاقية على البرلمان طبقا للدستور و قام البرلمان بالمصادقة عليها ثم نشرت كقانون في الجريدة. مرفق نص الاتفاقية كما نشرته جريدة بابل.
فتصرف السيد العبادي المنفرد بتقديم ميناء العراق على طبق من الذهب للكويت مخالفة دستورية وقانونية فاضحة!! فالعبادي لا يملك حق ترسيم الحدود بل كان عليه أن يحذو خذو المالكي و يتصرف مثله حيث يسعى لتوقيع اتفاقية لترسيم الحدود و يعرض الاتفاقية على البرلمان للمصادقة عليها و بعد ذلك يصادق عليها رئيس الجهمورية أو أحد نوابه ثم تنشر بالجريدة الرسمية ثم تشكل لجنة من الخبراء من كلا الطرفين لترسيم الحدود. العبادي أنتهك الدستور والقانون بشكل أضر بمصالح العراق و أخلَّ بسيادته!!! لو أن هذا التصرف حدث في إي دولة ديمقراطية لنجم عنه عزل رئيس الوزراء و محاكمته فورا فلا يحق لرئيس الوزراء انتهاك الدستور و القانون!! صحيح أنه المسؤول التنفيذي الأول لكنه ليس فوق الدستور والقانون. إن أستجواب العبادي و سؤاله عن الاسباب التي دعته إلى عدم احترام الدستور والقانون هو أقل ما يمكن للبرلمان أن يقوم به. ترسيم الحدود يجب أن يتم عن طريق معاهدة تحدد الحدود بين الطرفين يناقشها البرلمان و يصوت عليها و بعد ذلك يصادق عليها رئيس الجمهورية أو أحد نوابه ثم تنشر بالجريدة الرسمية كقانون ملزم. ثم يقوم الطرفان بتشكيل لجنة لترسيم الحدود من الخبراء و الفنيين. لكن العبادي لم يلتزم بكل هذه الاجراءات منتهكا الدستور والقانون. أن مخالفة الدستور تضع العبادي تحت طائلة القانون و تلزم البرلمان باستجوابه كما تسمح للمحكمة الاتحادية بمحاكمته. و يبقى السؤال الحقيقي لماذا قام العبادي بمنح ميناء العراق الوحيد للكويت؟
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha