يتوقع أن يرفع رفض البرلمان للتعديلات الحكومية على "العفو العام"، التجميد عن شمول المتهمين بجرائم الإرهاب بأحكام القانون المثير للجدل.
وعطلت الانتقادات "اللاذعة" التي وجهها لرئيس الحكومة، حيدر العبادي، للقانون تنفيذه بشكل جزئي برغم مرور ثلاثة أشهر على إقراره، برغم أنه ينص على "دخوله حيز التنفيذ بمجرد تصويت البرلمان عليه".
وقد يلجأ رئيس الحكومة، هذه المرة، إلى الطعن بالقانون جملة وتفصيلا، أو بقرار البرلمان الذي رد تعديلاته الأخيرة.
وحتى الآن لا تنظر اللجان القضائية المشكلة بموجب قانون العفو، بجرائم الإرهاب والاختطاف، فيما اقتصرت حالات الإفراج على حالات محدودة وجرائم بسيطة.
ورفض مجلس النواب في جلسة الخميس الماضي،(الأول من كانون الأول 2016 الحالي)، تعديلات قانون العفو العام بالأغلبية، وانتظر البرلمان مرور نحو شهر على تسلمه نسخة التعديلات ليقرر مناقشتها مؤخرا.
وتضمنت التعديلات استثناء جرائم الخطف من أحكام العفو، كما وضعت آليات جديدة لإعادة المحاكمة للمتهمين بقضايا الإرهاب.
كما نصت التعديلات الحكومية على بعض الفقرات التي يعتبرها البعض "استفزازية" كشمول المديرين العامين فما فوق من "مزوّري الوثائق" بأحكام العفو.
كذلك ينص التعديل الحكومي على النفاذ بأثر رجعي، وهو ما اعتبرته اللجنة القانونية مخالفة دستورية تسهّل الطعن أمام القضاء.
وانتقد رئيس مجلس الوزراء (قانون العفو العام)، بعد أيام من إقراره، ووصف إضافات البرلمان على بنوده بأنها "إجرامية".
وقال العبادي، إن "الحكومة ترفض هذا الموضوع وسنقدم تعديلاً على هذه الفقرات"، مضيفا "استثنينا كل جرائم الاختطاف من العفو، لكن مجلس النواب قيدها، بأن لا ينشأ عنه قتل أو عاهة دائمة".
وأجرى البرلمان تعديلاً على جرائم الإرهاب، التي استثنتها النسخة الحكومية من العفو، وذيّلها باشتراط عدم تسببها بالقتل أو العاهة او تدمير منشأة حكومية.
وقال العبادي، في هذا الصدد إنه "في حال شاهد رجل أمن إرهابياً يضع حزاماً ناسفاً فإنه يضحي بنفسه لتفكيك الحزام، وفي ضوء القانون سيطلق سراحه ،لأنه لم يقتل ولم يفجر نفسه".
وأقر مجلس النواب، في (الـ25 من آب 2016)، قانون العفو العام الذي شمل جميع المحكومين بالإعدام والعقوبات الأخرى باستثناء 13 فئة من الجرائم. وأبرز الحالات المستثناة من العفو هي الجرائم الارهابية التي نشأ عنها قتل او عاهة مستديمة، وجرائم الاتجار بالبشر وكل ما يندرج تحت عنوان (السبي) حسب ما يصطلح عليه عند الجماعات الارهابية والتكفيرية.
وبعد أيام من تشريع العفو العام، أصدر مجلس القضاء الاعلى تعليمات اوضح عبرها آليات تنفيذ القانون.
الإفراج عن المتشاجرين
لكنّ النائب كاظم الشمري، عضو اللجنة القانونية البرلمانية، قال إن اللجان التي شكلتها المحاكم "لا تنظر بقضايا الإرهاب والخطف"، وهي أبرز المواد التي كانت ضمن التعديلات الحكومية.
واضاف الشمري، في حديث مع صحيفة (المدى)، أن "حالات الافراج التي حدثت على وفق قانون العفو العام تتعلق بقضايا جنائية بسيطة مثل المشاجرات".
ويتوقع عضو اللجنة القانونية، أن تبدأ المحاكم، بعد ردّ التعديلات الحكومية، "بالافراج عن المتهمين بقضايا الارهاب والخطف على وفق القانون".
وكشف مجلس القضاء الأعلى، مؤخراً، عن شمول أكثر من خمسة آلاف متهم في محافظتين فقط بقانون العفو الخاص. وأعلنت رئاسة محكمة استئناف بابل عن شمول 3900 متهم بقانون العفو.
وقال رئيس الاستئناف القاضي حيدر جابر، بحسب موقع مجلس القضاء، إن "النسبة الأكبر كانت في محكمة تحقيق الحلة حيث شملت لوحدها 1343 متهماً بالعفو"، متوقعا أن "تزداد هذه الأعداد خلال المدة القليلة المقبلة".
كما كشفت رئاسة محكمة استئناف النجف الاتحادية عن شمول 1523 متهما بالقانون الجديد. كذلك يتوقع أن يشمل القانون خمسة آلاف متهم في البصرة، وثلاثة آلاف في ميسان.
فرصة ثانية للعبادي
وما زال أمام رئيس الحكومة فرصة ثانية لتحقيق رؤية في قانون العفو العام، برغم رفض البرلمان للتعديلات الأخيرة.
ويكشف النائب الشمري، رئيس كتلة الوطنية البرلمانية، عن "إمكانية إرسال العبادي لتعديلات جديدة لكن في مواد أخرى غير التي تم رفضها"، مؤكدا أن "قضايا الخطف والإرهاب لا يمكن تعديلها".
كما يمكن لرئيس الحكومة، أن يستخدم الخيار الآخر للتعامل مع القانون الذي يرفضه، وذلك بالذهاب إلى المحكمة الاتحادية للطعن بجميع بنود القانون.
لكنّ الشمري ذكر أن على العبادي أن "يجد ثغرة دستورية للطعن بها، ونحن نعتقد ان القانون لاتوجد فيه مخالفات".
وكان أمام رئيس الحكومة، بعد إقرار القانون، خياران للتعامل معه، إمّا الطعن به لمخالفته احكام الدستور، او تقديم مشروع قانون لتعديل الفقرات الإشكالية، وهو ما فعله بالنهاية.
بالمقابل تتحدث النائبة ابتسام الهلالي، عضو اللجنة القانونية، عن خيار آخر قد يلجأ اليه رئيس مجلس الوزراء.
وتوضح الهلالي، في تصريح لـ(المدى)، أن رئيس الحكومة "يمكن أن يذهب إلى المحكمة الاتحادية للطعن برفض البرلمان للتعديلات التي قدمها".
وحتى ذلك الوقت، لن ينظر البرلمان بأي قضية حتى الفصل التشريعي الجديد الذي سيبدأ في العام المقبل.
لماذا رفضت التعديلات؟
تعزو عضو اللجنة القانونية، رفض البرلمان لتعديلات الحكومة إلى "قناعة الأغلبية بأن بنود القانون جيدة ولا تسمح بخروج الإرهابيين"، مشيرة إلى أن "القانون وضع اشتراطات للإفراج، لاسيما في قضايا الخطف".
وكانت التعديلات الحكومية قد استثنت بشكل شامل جريمة الخطف من القانون. واستثنى القانون النافذ، في (المادة 4/ سادساً)، "جرائم الخطف التي نشأ عنها موت المخطوف او مجهولية مصيره أو إحداث عاهة مستديمة".
بدوره يؤكد نائب معارض لصيغة قانون العفو الحالية، أن الأطراف التي رفضت القانون "لم تقدم مبررات".
وقال النائب محمد الصيهود، لـ(المدى) "نحن نحترم رأي الاغلبية التي قررت رفض تعديلات الحكومة"، لكنه ما يزال يصر على أن القانون بصيغته الحالية "سيسهل خروج الإرهابيين".
ويتحدث الصيهود عن ان "أغلبية النواب الذين صوتوا لرفض القانون هم من تحالف القوى والتيار الصدري".
من/ وائل نعمة
https://telegram.me/buratha