في عموده الأخير، رأى الكاتب والمعلق في صحيفة “واشنطن بوست”، ديفيد إغناتيوس، أن عاصفة سياسية داخلية تؤرق المملكة العربية السعودية، مع تسابق ولي العهد ونائبه وتنافسهما على السلطة في وقت يزعم فيه أعضاء آخرون في العائلة المالكة، وهم يتحدثون نيابة عن أحد الأمراء الثلاثة الكبار، أن لديهم الدعم الأسري على نطاق أوسع.
بالنسبة لمملكة النفط السرية، فإن الصراع الأخير بدا أكثر انكشافا على غير عادة الأوضاع في المملكة، وفقا لرأي الكاتب.
وأفاد “إغناتيوس” أن المخاوف بشأن الخلافة كانت حاضرة في أوائل سبتمبر الماضي عندما زار الملك سلمان (79 عاما) واشنطن، يرافقه ابنه محمد بن سلمان. كان المسؤولون الأمريكيون حريصين على الالتقاء بالأمير الشاب نائب ولي العهد، لكنهم كانوا يشعرون بالقلق من أن محمد يتحدى الأمير محمد بن نايف، والذي يُنظر إليه في واشنطن حليفا موثوقا في الحرب ضد تنظيم القاعدة.
ويقول أنصار محمد بن سلمان إنه يطمح للتغيير في المملكة بعد عقود من الشيشوخة، فالأمير الشاب، وفقا للكاتب، يدفع نحو المزيد من تنويع الاقتصاد وزيادة الخصخصة ومستقبل أكثر انفتاحا أقرب أقرب إلى أنموذج الإمارات. ويُقال إنه تعامل مع شركات أمريكية استشارية لصياغة خطط التحديث هذه.
“رؤيته أكثر تأثيرا وأوسع نطاقا وتفصيلا وأسرع”، كما يقول أحد كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين الذي اجتمع في لقاء مطول مع محمد بن سلمان مؤخرا. وأضاف أن الوضع السياسي المحموم الحالي “يمكن أن يكون في المراحل الأولى من الاضطرابات، أو مملكة سعودية أكثر قدرة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا”.
منتقدو الأمير محمد بن سلمان يصفونه بالتسرع ولا يملك خبرة كافية، وأنه دافع عن حرب مكلفة وفاشلة في اليمن. كما يجادل هؤلاء أن حرب اليمن عززت موقف تنظيم القاعدة هناك، وترتب عليها ضغوط جديدة من اللاجئين والمتمردين على الحدود السعودية.
ويقول الكاتب إن حدة التوتر الداخلي زاد خلال الشهر الماضي. فيعد أيام على عودته من واشنطن، أقال الملك سلمان (وبناء على إلحاح ابنه) سعد الجابري وزير الدولة الذي كان كبير مستشاري الأمير محمد بن نايف. وقد شعرت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى بالقلق من هذا، لأن الجابري كان واحدا من قنوات الاتصال الاستخبارية الرئيسة للمملكة مع الغرب. وقيل إن الجابري قد شكك في “تكتيكات” محمد بن سلمان في حرب اليمن، خوفا من تزايد قوة تنظيم القاعدة هناك.
كما تم تقويض محمد بن نايف بتفكيك بنية الديوان الملكي التي كان التصرف فيها متاحا لأولياء العهد السابقين. ومن دون ديوانه الخاص، عليه الآن الاعتماد على ابن الملك الذي يتحكم في الوصول إلى الملك ويصنع معظم قراراته الرئيسة.
ويرى الكاتب أن المأزق الحالي يمكن أن يستمر لفترة، فالملك سلمان يسيطر على المال، ومحمد بن نايف يسيطر على وزارة الداخلية وشبكة المراقبة. ومحمد بن سلمان يسيطر على وزارات النفط والاقتصاد الرئيسة. وأفاد “إغناتيوس” أن نائب ولي العهد، محمد بن سلمان، أبلغ مؤخرا أحد زواره أنه لا يتوقع أن يكون حتى يلغ من العمر 55 سنة، وهو ما يقرب من سن محمد بن نايف. هذا التعليق غير الرسمي يكاد يكون ضمانة للاستقرار، كما علق الكاتب.
كيف يمكن لهذا الإعصار السياسي السعودي أن يتطور؟ لا أحد يعرف..
https://telegram.me/buratha