أتفق ناشطون وسياسيون، اليوم السبت، على عدم إمكانية اعتبار النظام البرلماني في العراق فاشلاً كونه "لم يطبق بشكله الحقيقي" لعدم تشريع القوانين التأسيسية المكملة لهيأة الدولة، وفيما عدوا أن الدعوات بهذا الشأن "سياسية وغير بريئة" وناتجة عن "عدم فهم" النظام الرئاسي، شبهوها بـ"أحلام عصافير" لصعوبة تغيير الدستور.
جاء ذلك خلال الندوة الحوارية التي أقامها (المجلس العراقي للسلم والتضامن) و(مركز المعلومة للبحث والتطوير)، تحت عنوان (جدل تحويل نظام الحكم في العراق إلى رئاسي أو تعزيز اللامركزية)،
وقال عميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين، عامر فياض، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الدستور حدد طبيعة النظام السياسي وأن القضية لا تتعلق بنوعية النظام في العراق"، مشيراً إلى أن "النظام السياسي بمفهومه يفترض أن يكون حكم أغلبية وهذا ينطبق على الأنظمة الثلاثة البرلماني والسياسي والجمعية".
وأضاف فياض، أن "الأغلبية السياسية غير متوافرة في العراق وعندما تتوافر على حساب الأغلبيات العددية يمكن اختيار نوع النظام"، عاداً أن "المطالبة بتغير النظام في العراق إلى رئاسي في هذا التوقيت، غير مناسباً وليس عقلانياً لأن البرلماني لم يستنفذ بعد ولا يمكن الحكم عليه بالفشل أو الموت".
ورأى عميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين، أن "الالحاح بالمطالبة بتغير النظام البرلماني إلى رئاسي قد يكون غير بريء"، لافتاً إلى أن "لدى الأطراف التي تطالب بذلك فهماً خاطئاً عن النظام الرئاسي، كونها تعتقد بوجود بطل أو سوبر مان، يستطيع أن يأتي بالمعجزات".
وتابع فياض، أن "الحديث عن شكل النظام السياسي يختلف عن جوهر السلطة، والأخيرة هي المشكلة لأنها تقوم على أساس المحاصصة وغياب التعددية السياسية وعدم استغلال القضاء"، مؤكداً على ضرورة "التفكير في استكمال المؤسسات الدستورية قانونيا قبل التفكير بشكل النظام".
من جهته قال الباحث القانوني حسام الحاج، في حديث إلى (المدى برس)، إن "شكل النظام النيابي في العراق لم يتضح بعد ولم يطبق بنحو حقيقي"، مبدياً "عدم إمكانية الحكم بفشل ذلك النظام من دون تشريع القوانين التأسيسية المكملة لهيأة الدولة، خاصة تلك المتعلقة بالأحزاب ومجلس الاتحاد وحزمة أخرى من القوانين".
وذكر الحاج، أن "الوضع العام في العراق لا يتناسب مع النظام الرئاسي"، مستدركاً "لكن بعض السياسيين يستثمرون عدم فهم الناس ووعيهم بشأن النظام السياسي ويدفعون باتجاه حكم الفرد الذي يختلف عن النظام الرئاسي الديمقراطي".
ودعا الباحث القانوني، من يدعون للنظام الرئاسي، إلى "إدراك الفوارق بينه وبين النظام النيابي"، معتبراً أن "الفجوة التي تفصل النظامين ليس بتلك المساحة التي يمكنها أن تحل مشاكل العراق".
وأكد الحاج، أن "الأطراف التي دعت لتغير النظام تعبر عن نزعة للتفرد بالسلطة، وهي كانت موجودة منذ تأسيس النظام الجديد في العراق سنة 2004-2005 "، لافتاً إلى أن "الأحزاب الإسلامية لم تتماها مع التجربة الديمقراطية الجديدة ولا تؤمن بشراكة القرار وتريد أن تحصر الصلاحيات وأن يكون لها رأس ومركز يحرك جميع القضايا، وهذا ما لا يتناسب مع الديمقراطية".
وخلص الباحث القانوني، إلى أن "الداعين للنظام الرئاسي يريدون الخروج من الأزمة من خلال طرح أنظمة سياسية لا تتناسب مع العراق وقد تؤدي إلى تفاقم أوضاعه أكثر مما هي عليه الآن".
إلى ذلك قال رئيس مركز المعلومة للبحث والتطوير، الناشط السياسي ، جاسم الحلفي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "تغير النظام السياسي في العراق صعباً جداً لأنه يعتمد على تغيير الدستور"، عاداً أن ذلك "يكاد يكون مستحيلاً لعدم إمكانية التوافق على ذلك".
وتابع الحلفي، أن "طرح هذا الموضوع يشكل ضحكاً على الناس لإشغالهم في معارك جنابية تبعدهم عن القضايا الرئيسة التي تخص الخدمات ومحاربة الفساد وتحسين الحياة المعيشية".
وشدد رئيس مركز المعلومة للبحث والتطوير، أن "المشكلة لا تكمن بفشل البرلمان إنما بالمحاصصة وبالفساد ونقص الخدمات لذلك يحاولون إشغال الناس بشكل النظام"، وتابع أن "الذي يتحدث على النظام الرئاسي يفهمه على أنه نظاماً فردياً تسلطياً ما يؤدي إلى مأساة جديدة".
وأكد الحلفي، أن "تغير شكل النظام في العراق لن يتم"، واصفاً الدعوات لذلك بأنها "مجرد أحلام عصافير".
على صعيد متصل قال رئيس التحالف المدني الديمقراطي، علي الرفيعي، في حديث إلى (المدى برس)، إن من "غير الممكن الحكم على نظام برلماني عمره قصير لا يتجاوز 12 سنة بالفشل"ن مبيناً أن "البرلماني البريطاني الذي تأسس قبل ثلاثة قرون ما يزال بعيداً عن المثالية".
وأضاف الرفيعي، أن "الآليات التي تتبعها الأطراف المهيمنة على المشهد السياسي العراقي هي من أوصلت الناس إلى انتقاد شكل نظام الحكم في البلد"، عاداً أن "طرح موضوع تغير نظام الحكم في العراق حالياً سياسياً وليس قانونياً".
وكانت كتل سياسية عدة منها المواطن، التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، قد رفضت مؤخراً الدعوات لتغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، مبينة أن الرئاسي "يكرس حكم الدكتاتورية" ويجعل السلطة والثروة بيد شخص واحد.
ويأتي موقف كتلة المواطن، رداً على دعوة اطلقتها كتلة صادقون بهذا الشأن، إذ دعا رئيس كتلة صادقون، حسن سالم، في (الـ23 من حزيران 2015)، إلى تحويل نظام الحكم بالعراق من برلماني إلى رئاسي، وفي حين أكد أن النظام البرلماني أوجد طبقة سياسية اقطاعية استحوذت على ثروات الشعب، بين أن النظام البرلماني أوجد الفساد وتسبب بفقر الشعب وسمح لمزدوجي الجنسية بالوصول لمناصب عليا.
https://telegram.me/buratha