"الأشتر، البتار، الفقار، القاهر، الأبابيل، الكرار"، هذه اسماء صواريخ ألحقت خسائر فادحة في صفوف تنظيم "داعش" الارهابي في معارك جنوب بغداد وآمرلي وديالى، يتم تصنيعها في معسكرات للحشد وسط وجنوب العراق بالقرب من مواقع التدريب.
وعجز العراق، خلال السنوات الماضية، عن اعادة افتتاح اي مصنع مما كان يعرف بـ"التصينع العسكري" المتخصصة بانتاج السلاح او الذخيرة، في حين تستورد الحكومة العراقية بمليارات الدولارت اسلحة من مناشئ مختلفة.
وتشير اللجنة الامنية البرلمانية الى ان الازمة المالية الحالية عطلت افكارا بهذا الخصوص، لكنها تلوم الحكومة السابقة على عدم تشجيعها على فتح مصانع التسليح مع وفرة الايرادات قبل هبوط اسعار النفط.
ودفع نقص تمويل ادامة زخم الحشد، بحسب بعض قادة الفصائل، الى انشاء قسم خاص في كل فصيل لاعادة تصنيع الآليات العسكرية القديمة والمستهلكة، واختراع اسلحة اخرى للتسابق مع السلاح الذي يملكه "داعش".
روبوت مقاتل!
بالمقابل اظهرت صور، تداولتها مواقع الكترونية، تطوير الشرطة الاتحادية انسانا آليا (روبوت) قادر على اطلاق النار من مسافات متوسطة، وروبوت آخر لكشف العبوات الناسفة ومعالجتها.
كما كشفت الصور عن قيام الشرطة الاتحادية بتصنيع كاسحات الغام وتصفيح الآليات العسكرية، وصناعة منصات الكترونية للاسلحة الرشاشة (الكنر)، وتصنيع نماذج متنوعة من ابراج الرصد، وغرف محصنة للحراسات.
ويقول ماجد الغراوي، وهو عضو في لجنة الامن والدفاع النيابية في اتصال مع "المدى"، إن "اللجنة وجهت في كل الاجتماعات مع الوزارات الامنية بضرورة الاهتمام بتصنيع الاسلحة والعتاد"، مشيرا الى ان "الازمة المالية والتقشف منعا الاستمرار في مثل هكذا مشاريع".
واضاف الغراوي "كان بالامكان، في زمن الحكومة السابقة مع توفر الاموال قبل انخفاض اسعار النفط، ان يتم دعم الانتاج الحربي، لكنها لم تنفذ اي مشروع بهذا الخصوص وانشغلت بعقود التسليح فقط".
أفكار من خارج الصندوق
وتظهر حاجة العراق الى السلاح والعتاد بشكل مستمر وهو يخوض حربا شرسة مع تنظيم "داعش" الارهابي على جبهات متعددة منذ حزيران 2014.
ويرى عضو لجنة الامن ان "الحاجة دفعت بعض الفصائل المسلحة في الحشد الشعبي الى تطوير بعض الاسلحة واعادة تصنيع القديم منها".
وبحسب الغراوي فقد طورت سرايا السلام، التابعة للتيار الصدري والتي خاضت معارك في مناطق عدة، عددا من الآليات العسكرية وصنعت صواريخ لتحاول اللحاق بتنوع الترسانة التي يمتلكها "داعش".
ويؤكد ان "سرايا السلام استخدمت تلك الاسلحة في معارك آمرلي وجرف الصخر والآن في الانبار".وكانت اللجنة الامنية البرلمانية اكدت، مؤخرا، انها أشرفت على تأهيل بعض الأسلحة في "مقبرة التاجي". واشارت إلى "وجود اعداد كبيرة من المعدات العسكرية القديمة المتواجدة في الموقع، تم اهمالها بالفعل، كالدبابات والمدرعات والأسلحة الاحادية".
وكشفت اللجنة عن أن "المعدات الموجودة في مقبرة التاجي، تضم أسلحة جيدة بعضها روسية الصنع، مثل الدبابات والمدرعات، ويمكن الاستفادة منها". واصدرت توجيهاتها بضرورة إعادة تأهيل تلك المعدات وصيانتها، والسيطرة عليها وعدم السماح لبعض المدنيين الذين يتاجرون بالحديد من الاقتراب منها، ضماناً لعدم فقدانها.
ويعود انشاء مقبرة التاجي العسكرية الى حقبة نظام صدام حسين حيث تضم المئات من الدبابات والمدرعات والمدافع المتروكة منذ الحرب مع ايران وحرب عام 2003. وتقع "مقبرة السلاح" بالقرب من معسكر التاجي شمالي بغداد، الذي يعد من اكبر معسكرات الجيش العراقي.
البصرة تصنع دبابة
بالمقابل تبدو الجهود المحلية في تصنيع الاسلحة وتطوير الآليات العسكرية نشطة في جنوب العراق. اذ تفاجأ سكان ناحية الدير بتجوال "دبابة" في المنطقة اطلق عليها اسم "دلدل" تم تصنيعها على يد مجموعة صغيرة من الشباب التابعين للحشد الشعبي في المحافظة.
وقامت تلك المجموعة باستخدام هيكل ناقلة جند مدمرة في موقع لتكديس الحديد الخردة، تابع للشركة العامة للحديد والصلب في ناحية خور الزبير، وتم نقلها الى ورشة لتصليح السيارات قرب مناطق سكناهم واعادوا تصنيعها. واعلن مجلس محافظة البصرة في وقت سابق، عن قرب انشاء مصنع للاعتدة والاطلاقات النارية في المحافظة لدعم فصائل الحشد الشعبي، وأشار الى قرب افتتاح ورش لتصليح المدرعات والدبابات في شركة "ابن ماجد".
قسم تطوير الأسلحة
من جهته يقول القيادي في الحشد الشعبي معين الكاظمي ان "قلة الدعم المقدم الى الحشد الشعبي دفع ببعض شباب الحشد الشعبي الذين يمتلكون خبرات في الميكانيك والاعمال الهندسية الى تطوير صواريخ مثل (البتار) واجهزة الاتصالات لتصل الى مديات بعيدة، وصناعة طائرات مسيرة للاستطلاع".
وكشف الكاظمي، وهو قيادي في منظمة بدر اكبر فصائل الحشد في اتصال مع "المدى"، عن ان "الحشد استطاع تصنيع صواريخ يصل وزنها الى نصف طن"، مشيرا الى ان "كل لواء في الحشد يمتلك وحدة خاصة بتطوير الاسلحة والآليات العسكرية".
من جانب آخر قال الكاظمي ان "وزارة الصناعة اعادت تشغيل خطوط انتاج تصنيع الاسلحة والعتاد"، لافتا الى "عزم الحشد الشعبي التعاقد مع الوزارة للحصول على الانتاج المحلي".
وكان "لواء المنتظر"، احد تشكيلات الحشد الشعبي، كشف عن صناعة راجمة صواريخ قياس 1.7 ملم، باسم (قاذفة صواريخ المنتظر1)، لتعزيز ترسانة الاسلحة الهجومية لفصائل الحشد في الحرب التي يخوضها ضد (داعش)، بقدرات ذاتية واعتماداً على الخبرات العسكرية المحلية.
https://telegram.me/buratha