التقارير

الربيع العربي والخطط الإسرائيلية

1137 08:19:38 2014-05-28

الدكتور خيام محمد الزعبي*

من الواضح أن ثورات الربيع العربي قد فاجأت إلى حد كبير المؤسسة الإسرائيلية، وجعلت جهاز الموساد يتخبط ويتخذ مواقف متباينة بين فترة وأخرى إزاء تحولات المشهد العربي وتداعياته على الساحة الإسرائيلية، فالربيع العربي خلط كثيراً من الأمور في المنطقة، ويبدو أن الأوراق المرشحة للخلط ستكون أكثر في المستقبل، وذلك بسبب تأثيراته التي يبدو أنها ستكون جوهرية وقد تغير مجرى التاريخ، وتدخل المنطقة في حقبة تاريخية جديدة مختلفة عما كانت عليه في السابق، وهذا يدعو إسرائيل إلى الاستعداد التام لما هو قادم .

لقد إتخذت علاقة إسرائيل بالعالم العربي أشكالاً مختلفة ومتنوعة تتراوح بين الموقف المعلن وبين السياسات التنفيذية التي تحاول الاستفادة على الأرض من التغييرات في المنطقة بما يخدم مصالحها في المنطقة، وهذا أصبح واضح من خلال تراجع التهديدات التي كانت تمثلها ثورات الربيع العربي، وغرق دول الجوار في أزماتها الداخلية، بما قلص إلى حد بعيد التهديدات العسكرية التي يمكن أن تواجهها إسرائيل، ونجاح جيشها في الاستفادة من دروس حرب تموز مع مقاتلي حزب الله، والحربين الأخيرتين على قطاع غزة، وتعزيز القدرات الدفاعية الإسرائيلية في مواجهة تهديد الصواريخ، بالإضافة إلى أن قدرات حركة حماس قد تراجعت إلى حد لا يمكن حدوث حرب إسرائيلية معها خلال الفترة القادمة، نظراً لتوقف شريان تسليحها بعد الإطاحة بحكم الإخوان ورئيسهم محمد مرسي والذي أصبح عناصرها وقياداتها مشتتون ومعزولون ومطاردون في مصر وقد ساعد في ذلك تدمير الجيش المصري لمئات الأنفاق الواصلة من سيناء إلى قطاع غزة، التي تعتبرها إسرائيل شرياناً أساسياً لتسليح حركة حماس، فضلاً عن إنشغال الجيش السوري في مواجهة الجماعات المسلحة الأمر الذي أثر على قدراته القتالية واستعداداته لذلك، فما يحدث لسوريا الآن هو في مصلحة إسرائيل, بعد التخلص أيضاً من حزب الله المتورط حالياً في سوريا, ولا ننسى إزدهار العلاقات الإسرائيلية مع بعض الدول العربية خاصة الخليجية منها ذات الرؤى المشتركة والمتجانسة خصوصاً فيما يتعلق بالملف الإيراني والصراع العربي الإسرائيلي، هذا مما يعني أن مواطني إسرائيل يمكنهم النوم آمنين.

وفي إطار ذلك يمكن القول إن إسرائيل تمتعت بإستقرار شبه تام عند حدودها،على الرغم من الإنتفاضات في العالم العربي، إذ بقيت معاهدات السلام مع مصر والأردن سارية المفعول، وإزداد دعم إدارة أوباما للتفوق النوعي العسكري الإسرائيلي، وساهم تجدد المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية في تخفيف الضغوط الدولية على إسرائيل، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بالإقتصاد الإيراني وأدت إلى ضعف موقف طهران في مباحثاتها مع المجموعة الدولية (5+1)، وبالتالي في ظل هذه المكاسب تستطيع إسرائيل أن تتوسع في بناء مستوطناتها في الأراضي المحتلة كيفما تشاء.

من الممكن هنا الإشارة إلى إن الموقف الإسرائيلي من الربيع العربي مر بعدة مراحل منها، مرحلة الصدمة، وهي المرحلة التي فاجأ بها الربيع العربي إسرائيل وكان هنالك تخوف وقلق إسرائيلي كبير من التغيرات في مصر تحديداً، ومرحلة الخروج من الصدمة، وهي المرحلة التي أعقبت اندلاع الأزمة السورية والتي بدأت إسرائيل من خلالها النظر من جديد إلى موقعها الإستراتيجي ومحاولة فهم ما يجري من حولها في المنطقة، وأخيراً مرحلة التكيف، وهي المرحلة الراهنة التي تحاول إسرائيل فيها الإستفادة من إنشغال العالم العربي بشؤونه الداخلية لتحقيق مصالحها وأهدافها، وتبعاً لتحولات المشهد العربي وإرتداده على الساحة الداخلية الإسرائيلية، من المتوقع أن يجري الجيش الإسرائيلي، عدة تغيرات في سياسات القوى البشرية لديه، مع تقليص الميزانية الخاصة بالدفاع والأمن من إجمالي الميزانية العامة، وأوضحت تقارير إسرائيلية أن ثمة تغيرات مستقبلية في صفوف الجيش الإسرائيلي، ومن بينها زيادة الإستعداد للطوارئ، والحفاظ على جاهزية الوحدات، وتوسيع تجنيد المتدينين، وتعزيز القوى العاملة في مجال الحرب الإلكترونية وسلاح الغواصات ووحدات الإعتراض في منظومات القبة الحديدية والعصا السحرية، مقابل تقليص وإغلاق وحدات أخرى، كما وتسعى إسرائيل لامتلاك جيش إلكتروني قوي كذراع مساعد للقوة الإسرائيلية التي تتمثل في الجيش الإسرائيلي وعتاده الآخذ بالتطور والتقدم بشكل دائم بسبب الدعم الغربي اللامحود له.

وأخيراً ربما أستطيع القول إن ما جرى في المنطقة وما يزال هو مصلحة أمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى وإعادة ترتيب جديد للمنطقة بمشاريع تدويل أزمات داخلية عربية لإن سياسة الصهيو أمريكية لا يمكنها العيش في منطقة قوية بل تريد تمزيقها وتفتيتها من خلال الركوب على ثورات الشعوب العربية لإسقاط أنظمتها، وإظهار محاولات تعاطف كاذبة مع متطلبات الشعوب العربية للإصلاح وتحقيق الديمقراطية، فالظاهرة الاستعمارية هي المسؤول الأول والأخير عن معاناة الشعوب العربية التي اتبعت سياسات تعسفية لاستغلال خيراتها وثرواتها وما زالت هذه المخططات والمشاريع سارية المفعول، حيث يحاول الشريكان الأمريكي والصهيوني تنفيذها عبر خلق الأزمات والفوضى والفتن والإقتتال بين أبناء الشعب الواحد في العديد من أقطار القطر الواحد.

*صحفي وباحث أكاديمي في العلاقات الدولية

4/5/140528

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك