التقارير

العلامة السيد محمد بحر العلوم: حتى المالكي حائر بصلاحياته الكبيرة.. ولا ندري أي نموذج سياسي سيعجب رئيس الوزراء القادم

2811 16:50:17 2014-03-17

عد العلامة السيد محمد بحر العلوم، أن الدستور العراقي هو المسؤول عن الأزمات والمشاكل التي تعاني منها البلاد حالياً، كونه حصر صلاحيات "مطلقة" بيد شخص واحد، هو رئيس الحكومة مما جعله هو ذاته في "حيرة من أمره"، وفي حين دعا إلى تأسيس مجلس خاص يرسم السياسة النفطية، أكد على ضرورة القبول بمن يختاره الشعب في الانتخابات، وتخليص العقول من التفكير الطائفي.

جاء ذلك في مقابلة لسماحة العلامة السيد محمد بحر العلوم، مع (المدى برس) في معهد العلمين للدراسات العليا، بمدينة النجف الأشرف، الذي انشأه لإحساسه بحاجة المجتمع العراقي إلى "مؤهلين في الاختصاصات السياسية والقانونية وعلوم إدارة الدولة"، بعد أن آثر الصمت، مبتعداً عن عالم السياسية الذي امتلأ بأزمات متراكمة، وإن بدا غير متفائل بإمكانية ايجاد حل قريب لها.

وسماحة السيد محمد بحر العلوم، هو أول المعارضين للطاغية المقبور صدام، وشغل رئاسة مجلس الحكم، بعد التغيير، وهو يستقبل في نيسان، عامه الثمانين من عمر عاش عقوداً ثلاثة منه في المهجر، وفُجع بإعدام ستة وثلاثين شخصاً من أسرته على يد حكم البعث، وهو عدد ما ألفه من كتب في الفقه والسياسة والتاريخ والأدب، الذي ما يزال يرسم صور حديثه "المفعم باللطافة".

وكعادة النجفيين، المولعين بالفقه والعلم والأدب، استهل بحر العلوم اللقاء، ببيت معبر من الشعر، عاتب من خلاله يوماً بعض الدول العربية، التي اشعلت حرائق الطائفية في العراق، قائلاً "كنا لكم حطبا في كل نازلة.. فلا تكونوا لنا حمالة الحطب".

وقال العلامة بحر العلوم، "لم ألتق بأي وسيلة إعلامية منذ مدة طويلة، لكن لصحيفة المدى، خصوصية، لطبيعة العلاقة النضالية التي تربطني مع مؤسسها الأخ فخري كريم، الذي أحرص على كتابة ما يسطره قلمه الوسيم بشجاعة، بالإضافة لما يكتبه علي حسين وعدنان حسين وهاشم العقابي وسرمد الطائي وآخرون، لكوني أجد فيما يكتبون حرصاً وطنياً صريحاً".

واتهم السيد بحر العلوم بعض وسائل الإعلام بانها "تزيد من تأجيج الوضع، لأن كل كتلة باتت لها صحيفة وفضائية تحكي بما يناسب تطلعاتها، وليس هناك تخفيف للقضايا في خطابها، في وقت نحتاج إلى حديث صريح عن مشاكل العراق، وعن حاله الذي جاء على خلاف ما كنا ننتظره، حين كنا في المهجر على مدى خمسة وثلاثين عاماً".

وذكر بنبرة حزينة، "كنا نحلم أن نأتي لنفرش البساط الأخضر للعراقيين، لكن ذلك لم يحصل سواء كنا سببا أم كان غيرنا المتسبب في ذلك".

وأضاف بحر العلوم، أن "ثلاث حكومات توالت بما يحيطها من أسباب أدت إلى عدم الاستقرار، وكل يوم تزداد سوءاً دون إصلاح، متسائلاً "ماذا فعلنا؟ لقد رحل صدام بكل طغيانه ودكتاتوريته، وأتت حكومة نتحدث معها بكل شيء، لكن من دون نتائج ايجابية".

وأوضح سماحته "بتنا اليوم نتمنى قبل كل شيء أن ننام ليلة بعيداً عن الخوف، وألا نهرع في آخرها إلى التلفاز لنشاهد التفجيرات التي تقطع أوصال العراقيين لمشاهد فجائعية تدمي قلبي، ولدينا ركام أزمات نعيشها، مشاكل النفط بين الإقليم والمركز، وخلافات الحكومة مع الفلوجة وتكريت وديالى".

وقال العلامة بحر العلوم، "حتى الموازنة يتأخر إقرارها، لأن الكتل غير متفقة، والمواطن يدفع ثمن ذلك، كما أن الحرية التي كنا ننشدها، لم نحصل عليها كما نريد، فالتوجهات القائمة على جوانب الوضع خطيرة، وكل حاكم يأتي ليفرض رأيه".

كان انفعال السيد محمد بحر العلوم، خلال الحديث، يجعله يضرب بيده على حافة مقعده، مثلما أنساه تناول الشاي الذي وضع أمامه للمرة الثانية، عاداً، أن "رئيس الحكومة، نوري المالكي، نفسه بات في أزمة حالياً، وقد انتهى به الحال الى أن يصبح مقيداً بمجموعة من الأزمات، خلقها الجو المضطرب في العراق، إذ اشتبكت المشاكل، ولن يستطيع أن يصلح شيئاً"، مستدركاً "نحن أيضاً حاولنا أن نصلح الوضع وتحدثنا كثيراً، لكن لا أحد يسمع، لذلك انسحبنا".

وتابع، بحر العلوم، أن هناك "محافظات متعددة غير مستقرة فيها قتل، وأبناء الجنوب يذهبون إلى الوسط فيقتلون، لأن هناك أزمة أمن، ولدينا ايضاً ازمة خدمات، وتشابك في الصلاحيات حتى لدى الحكومات المحلية"، معرباً عن اعتقاده أن "المالكي نفسه بات في حيرة من أمره نتيجة تراكم الأمور عليه، وهذه طبيعة المسؤولية التي نص عليها الدستور، الذي أعطى كل شيء بيد رئيس الحكومة".

والأدهى من ذلك، بحسب السيد بحر العلوم، أن هناك، كما يتناهى الى سمعه، "ضباطاً كباراً كانوا من أتباع صدام حسين، ومعتمديه، قد توغلوا في صفوف المؤسسة العسكرية"، عاداً أن ذلك "أمراً خطيراً لا يمكن بموجبه التفاؤل في معالجة الملف الأمني".

ورأى العلامة بحر العلوم، أن "الوزير والعسكر والمستشارين، وحتى القضاء، دخلوا في اللعبة، لذلك لم تعد القضية متعلقة بشخص واحد بل في مشاكل كثيرة متشابكة"، وصمت قبل أن يستشهد بقول لشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري "هذا العراق وهذه عاداته... كانت له من قبل ألف ديدنا".

واستطرد السيد محمد بحر العلوم، الذي نال شهادة الدكتوراه، بعيوب الإرادة في الشريعة الإسلامية، من جامعة القاهرة عام 1981، وعمل قاضياً في الكويت لثمانية أعوام، قائلاً إن "الخطأ في الدستور الذي كتب بعد تغيير النظام السابق، أنه جعل رئيس الحكومة قائداً وسياسياً واقتصادياً"، وزاد "كم مرة ناقشنا ضرورة عدم حصر الصلاحيات كلها بيد شخص واحد، لأن ذلك يجعله بطبيعة الحال، لا يعطي المجال لغيره وهذا ديدن كل حاكم، يمنح صلاحيات دستورية مطلقة".

ومضى سماحته قائلاً، "حتى مسألة النفط، فالحكومة تريد شيئاً وإقليم كردستان شيئاً آخر، وهناك من الطرفين من يؤزم الأمر ويرسم أمراً آخر، وهذا أيضا خطأ الدستور، مع أن النفط وهو المورد الوحيد لاقتصاد العراق"، داعياً إلى ضرورة "تأسيس مجلس خاص يرسم السياسة النفطية، ولا يجعل الحكم بها لشخص واحد سواء كان رئيس الوزراء أم نائبه".

وحمل العلامة بحر العلوم، ذلك كله إلى "خطأ الدستور الذي كتبنا له العديد من البدائل، حتى انني في بيتي كتبت نسخة له، مع ثلاثين شخصاً من أكاديميين وقضاة واقتصاديين وأرسلناها للبرلمان، لكن كلها لم يؤخذ بها، لأنهم اعتمدوا ما رسم له".

وبشأن توقعاته لشكل الخارطة السياسية بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، قال المرجع الديني بحر العلوم، "أنا غير متفائل، وليس لدي أمل بكل الأحزاب، ليس الإسلامية منها فقط كما يعتقد البعض، بل الكتل السياسية كلها الآن تعتقد أنها الأصح وهذا خطأ كبير، لأنها ينبغي أن تقبل بالرأي الآخر، وتعترف بأخطائها".

 واتهم سماحته "الوزراء بأن كل واحداً منهم يعمل لكتله، وكذلك الأمر بالنسبة للحكومات المحلية، التي يعتقد البعض منهم أنه رئيس حكومة المستقبل".

واسترسل العلامة بحر العلوم، "نحن لم نرض عن أي حكومة، لأنها تأتي حزبية وليست وطنية"، وتساءل "كيف إذن سنحل المشاكل؟".

وأجاب على سؤاله بالقول، في "المستقبل يجب أن نعتمد على مبدأ القبول بما يختاره الشعب، ونسعى لتلبية ما يحتاجه العراقيون"، ولذلك من "السابق لأوانه الحديث عن الخارطة السياسية للبلد، وما سيكون عليه الوضع بعد الانتخابات".

وبشأن إمكانية حصول رئيس الحكومة نوري المالكي، على ولاية ثالثة، رأى سماحته أن ذلك "لن يغير من الواقع السيء شيئاً"، مستدركاً "إما إذا لم يحصل عليها، ترى من سيأتي وبأي دولة سيكون متأثراً؟".

وعن السلطة القضائية، أبدى السيد بحر العلوم، "عدم الرضا عنها"، مكتفياً بالقول إن "القضاء في العراق بات يكسي الرئيس بما يريد".

وواصل أن "مجلس النواب، وهو أهم مكان يعبر عن رأي المواطن، وإرادته، أصبح اليوم مشكلة المشاكل، تتصارع تحت سقفه الأحزاب، في وقت كان يجب أن يحتكم هذا الكيان التشريعي الأساس إلى مصالح البلد العليا"، وتساءل "لعمري أين يريدون الوصول  بنا، لا نعرف".

وأكد بحر العلوم، أن "الاعتماد على الأحزاب في المستقبل فإن حكم العراق سيصبح أسرياً"، معتبراً أن "ما يحدث الآن من قضايا ومشاكل تؤكد ذلك سواء على المستوى المحلي أم الإقليمي".

ورأى العلامة بحر العلوم، أن "الحرب في المناطق الغربية، سواء كان المالكي أم الهاشمي أم العيساوي، المسبب لها، لم يكن ضروريا معها أن نجر البلد إلى مشاكل يمكن أن تتعقد، إلى حيث لا نستفيد منها جميعا"، مشدداً على ضرورة أن "نخلص عقولنا من التفكير الطائفي ونتعايش بسلام كما كنا دائماً".

وخلص سماحته إلى أن "التدخلات الخارجية في العراق كبيرة، فهو يعيش في محيط إقليمي لا تفكر دوله بغير مصالحها الخاصة، وهو أمر طبيعي، لأن لكل منها سياسته ومصالحها الاستراتيجية".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك