التقارير

العلامة الشهيد السيد حسن القبانجي شهيد البطولة وابو الشهداء

10144 20:50:00 2007-04-19

بقلم السيدعبد اللطيف العميدي

ان مجرد الكتابة عن العلماء العاملين يحتاج الى رصيد من المعرفة والاطلاع في خصوصيات ومنازل اولئك الافذاذ خصوصا اذا ما كانوا من الذين التحقوا بركب الشهداء ليختموا عطائهم ببذل الانفس رخيصة في سبيل الحق وليدخلوا من الباب الذي فتحه الله لخاصة أولياءه ، الا أن ما لا يدرك له كله لا يترك جله . من واجب الوفاء لهم واحياءً ذكرهم ومن أولئك المجاهدين باليد واللسان العلامة المجاهد السيد حسن بن السيد علي القبانجي , علم عرفته سوح العلم والخطابة والجهاد السياسي والتاليف في شتى المجالات المعرفية .

الولادة والنشاة : ولد سيدنا القبانجي في النجف الاشرف عام 1328هـ الموافق لعام 1907 م في جوار مرقد جده المرتضى ومنذ نشأته الاولى سلك مسلك العلماء وعكف على دراسة العلوم الدينية وقرأ على يد شيوخها حيث درس العربية والمنطق على يد الفاضلين السيد حسن الحكيم والشيخ محمد صالح صحين , واخذ المعاني والبيان على يد الفاضل الشيخ علي ثامر ، والفقه والاصول على يد العلامة الشيخ زين العابدين العاملي وتخرج في العلو م الالهية على يد آية الله السيد محمد جواد التبريزي ، أما في الخطابة فتتلمذ على يد الخطيب الشيخ محمد حسين الفيخراني . حيث اظهر في كل تلك الدروس نبوغا علميا وقدرة خطابية الامر الذي دعا مرجع الطائفة الدينية يومئذ آية الله العظمى السيد ابو الحسن الاصفهاني لبعثه وكيلا عنه في الامور الدينية والاجتماعية الى مدينة المحمرة حيث واصل عمله هناك مدة ثلاث سنوات كما ذكر ذلك المؤرخ أغابزرك الطهراني في موسوعته (الذريعة) فالظروف العائلية وطبيعة النشأة الدينية المحيطة به لم تكن تسمح الا بانبثاق الوعي الديني والتوجه العلمي في شخصيته , ومن هنا كان الشهيد نموذجا في اسرته وعشيرته .

ملامحه الشخصية: لقد عمل السيد القبانجي على التوفيق بين منهج الحوزة العلمية والدراسة ومنهج الخطابة والمنبر.لقد عايش الشهيد في زمانه مجموعة من التيارات السياسية والافكار الدخيلة على الاسلام وكانت هناك حاجة ملحة للوقوف  ومواجهة تلك التيارات حيث كرس قسما من احاديثه لمواجهة الغزو الثقافي في وقتها والذي اثر على قطاعات واسعة من الشباب المسلم ، فنجده يستثمر كل مناسبة للدعوة الى التحرير من قيود الثقافة الغربية. اضافة الى مهامه في التبليغ الاسلامي وتعظيم شعائر الله في احياء مناسبات آل البيت .

جهاده السياسي: لقد عاش الشهيد القبانجي مرحلة الاحباط النفسي الذي ملأ قلوب الناس وافكارهم بعد اخفاق ثورة العشرين والاستسلام للقرارات المفروضة من الغزاة الاجانب وسقوط معقل الثورة في النجف الاشرف فهي مرحلة الانتكاسة وابعاد علماء الدين خارج البلاد عندها نجد ان اهتمامات السيد انحصرت بـ : 1ـ الدفاع عن حقوق الشيعة ومواجهة الطائفية . 2ـ مواجهة التحريف الفكري للجيل الناشئ 3ـ الموقف من الحرب الدموية ضد الاكراد . حيث عرف ياسين الهاشمي رئيس الحكومة آنذاك بمواقفه الطائفية الحاقدة على الشيعة وبلغت به الجرأة أن ينصب العداء للزهراء (ع) مدعيا ان الحسن و الحسين أبناء سلمان الفارسي فكان للمرجعية الدينية موقفا حازما حيث اجتمعوا في الصحن الحيدري الشريف وقرروا مواجهة  هذا الفكر الطائفي بارسال من يمثلهم الى كافة مناطق العراق للتوعية والتحذير من مثل هذه الهجمات والحكومات المعادية لاهل البيت(ع) فكان الاختيار وقع على الشهيد القبانجي للتصدي وابراز مظلومية الشيعة في محافظة الناصرية باقضيتها .حيث أبلى بلاءً حسنا وعقد الاجاماعات  الجماهيرية والقى الخطب التي ما لبثت السلطات أن اعتقلته جراءها لايام عدة فتدخلت المرجعية وتم اطلاق سراحه بقرار من بغداد .

 أما في موضوع الاكراد فقد كان شهيدنا اول من ذكر حرمة قتالهم من على المنابر وطبق فتوى الامالم الحكيم عمليا , وكان يقول في احدى كلماته : ( لو ان اصبعي يريد أن يكون عونا للظالم البعثي لكنت  اقطعه لذلك ) واستمر جهاده السياسي عندما استحكمت عصابات البعث على مقدرات العراق فكانت كلماته وخطاباته اوقع من الرصاص على سلطات البعث ونظامه وخصوصا من كان يمثلهم في المحافظة . وعندما نصحه أقربائه بترك التهجم على الحكومة البعثية والتقرب لمحافظ  النجف حينئذ جاسم الركابي كما كان يقول : ( يطلبون مني أن أزور هؤلاء الكلاب والله لو قتلوا أولادي التسعة لما تقربت اليهم) وقد ربى اولاده على النفس الابية ورفض الظلم والانكار على البعثيين فقد كالن يقول : ( لقد فعلت ما استطعت وتركت الامر لاولادي لحمل الراية فمنهم من استشهد ومنهم من يواصل طريقه) وبالفعل فقد كان للسيد القبانجي تسعة أولاد ذكور وتسعة بمات ، ولم يفت من عضده شهادة ولده الاكبر الحجة المجاهد السيد عز الدين وابن اخته الحجة السيد عماد الدين الطباطبائي والذين فتحوا طريق الشهادة وركبوا اعواد المشانق عام 1974 م مع مجموعة الشهيد عارف البصري (قبضة الهدى)، وشارك ابناءه الثلاثة السيد علي والسيد احمد والسيد صادق في انتفاضة صفر عام1977م وعندما اندلعت انتفاضة رجب عام1979م اثر اعتقال الشهيد الصدر (قد) كان ابنه السيد صدر الدين احد المخططين للانتفاضة واعتقل اثر ذلك وحكم عليه بالاعدام وبعد اشهر وفي مسرحية العفو السياسي افرج عنه ، بينما كانت ثلاثة من بناته شاركن في تلك المظاهرة الشجاعة والتي لم يشترك فيها سوى مئة رجل وتسعة نساء . ثم استمرت مسيرة العطاء حيث قدم السيد القبانجي اولاده الاربعة قرابين للاسلام وللعراق، فاستشهد ولده المجاهد البطل السيد علي عام1981م في عمليات مقاومة البعث الصدامي ، واستشهد ولده الحجة السيد صادق عام1982م ايضا ، كما قضى ولده الشهيد المظلوم السيد عبد الحسين في سجون البعث عام 1982 ، ولم يعثر على أثر له شأنه شأن أبيه صاحب السيرة .

التوفيق للشهادة: لقد كان السيد القبانجي يتمنى الشهادة في حله وترحاله عشقا لعظيم مقامها وشوقا للقيا الرحمة الالهية ولقيا الاحبة ، وعندما امتد به العمر ظن أنه قد فاته هذا النصيب فكان يقول : ( لقد كبرت وكنت لا أتمنى العمر الطويل بل الشهادة خصوصا على يد هذا النظام اللئيم ) إن عمرا حافلا بمداد العلماء والجهاد في مقارعة الاعداء لحري أن يكتب له الشرف العظيم فكان من توفيق الله سبحانه أن يجمع له مرتبة الشهادة وهي التي لا ينالها الا ذو حظ عظيم  ، خصوصا اذا ما كانت على يد ألعن خلقه وأبغضهم اليه . فتحققت أمنيته بنيل الشهادة ، فبعد صراع مرير مع البعث ومضايقات ومراقبة جواسيسه ، وبعد أن احتسب أبنائه الذين كانت انباء شهادتهم واعتقالهم تترى على مسامعه فيحتسبهم عند الله , وبعدما بلغ (84) سنة وتحديدا بعد قمع الانتفاضة الشعبانية عام1991 اقتيد سيدنا الشهيد من بيته من قبل  جلاوزة البعث شأنه شأن المئات من فضلاء الحوزة العلمية ليلاقوا الله صابرين محتسبين في العشرين من شهر رمضان بعد شوط من التعذيب الجسدي وليتأسوا بجدهم أمير المؤمنين في يوم شهادته ، وكانت لشهادة سيدنا القبانجي اسوة ثانية وشبها بشهادة الصحابي حبيب بن مظاهر . وزاد عليه شهيدنا انه اصبح شهيدا بلا رفاة .فسلام عليه وعلى ذريته الشهداء يوم ولدوا ويوم لقوا الله بدماء من العز حمراء ويوم يبعثون احياء ليوفيهم ربهم اجر ما كانوا يعملون والحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
فاطمة
2011-04-28
شكرا على المعلومات القيمة والتي افادتني في كتبابة قصة حياة جدي السيد حسن مع العلم اني لم اجد اي صورة له في المستشفى سوى هنا فشكرا جزيلا لكم
حسن
2007-04-20
السلام عليكم احسنت ياسيد عبد اللطيف ونطلب منك المزيد عن هذه الشخصيات العظيمه المظلومه التي ترفع مواقفهم رؤوسنا النبيله
عبد الكريم الحيدري
2007-04-20
احسنت يافضيلة السيد العميدي و لنرفع رؤوسنا عالياً ونفاخر البشر.. كل البشر.. بأننا شيعة أهل بيت النبوة.. شيعة علي والحسن والحسين وأولاده.. لا نهاب إن وقع الموت علينا أو وقعنا عليه.. ومامدرسة النجف التي علَمت العالم باننا اصحاب المقاومة الشرعية وهذا تاريخنا يشهد لنا انها المقاومة الحقة.. نعم الحقة.. وليس تلك المقاومة التي وسمت بالذبح والحيلة والغدر التي اتبعها أحفاد هند في العراق.. إنها المقاومة وأية مقاومة, مقاومة الحق للباطل كله.. لا مقاومة الاختطاف والمفخخات وقصف الأحياء بالهاونات.. إنها المقاومة الشرعية الملتزمة بتعاليم الإسلام... مقاومة عرف بها فقط أتباع مذهب الحق مذهب أهل البيت (ع) لا مقاومة تورو –بورو وفقهاء السلاطين.. وهذا ردنا اننا قدمنا شهداء تلو الشهداء من اجل ان ننال حريتنا... جاء الرد من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه, إذ كانت ومازالت الكعبة قبلتهم ورجال اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة.. يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون.. إنهم أتباع مذهب محمد لا أتباع أولئك الذين تشترى مواقفهم وأوطانهم بثمن بخس.. ودراهم معدودة.. وموائد ممدودة فهنيئا لك ياسيد حسن لك الشهاده ونعاهدك ونعاهد كل شهدائنا اننا على دربكم لسائرون
د. صاحب الحكيم مقرر حقوق الانسان لندن
2007-04-20
بسمه تعالى شكرا للأستاذ العميدي ان والد الشهيد المفقود هو السيد علي حسب ما نشرته في ص 342 ( موسوعة عن قتل مراجع الدين وعلماء الحوزة بالعراق) و انه ولد عام 1328- 1910 و و اعتقل 6 مرات في العهد الملكي و العارفي و البعثي و نفي الى راوة قل اعتقاله الاخير الذي فقد فيه يوم 20 رمضان 1411 في انتفاضة آذار1911 و اعتبر من سكان المقابر الجماعية بالعراق كما اعتقلت زوجته السيدة سكينة السادات و عذبت ورد اسمه برقم 19 في تقرير منظمة العفو الدولية IRAQ " Disappeared of Shia Clerics and Students ، 1993
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك