تحقيق : الصحفي والمحلل الفرنسي : بينجامين وياسيك
في هذه المنطقة الشمالية من اليمن المحاده للمملكة السعودية شعر الناس بالأمل مع بداية الثورة اليمنية في 2011 , آملين بأن التغيير الحاصل في البلد سيعيد الحياة إلى محافظتهم المنسية . بعد ست حروب عصفت بالمنطقة وسط تعتيم إعلامي وشبه لا مبالاة من قبل المجتمع الدولي صعده لا تزال تحمل آثار الصـراع.
في 2004 أنشئت حركه لإحياء الزيدية , وسمي أتباع هذه الحركة بـ"أنصار الله " أو "الحوثيين" , ندد زعيم الحركة الأول / حسين بدر الدين الحوثي بتهميش تلك المناطق على أيدي علي صالح ونظامه واعتبارها كمناطق خارج حدود اليمن
سرعان ما شنت القوات الحكومية الحرب على أتباع هذه الحركة "المسيرة " بذريـعة أنهم يسعون لاستعادة حكم الأئمة الإسلامي في اليمن، كما كان الحال في ظل النظام الملكي الهاشمي قبل الثورة عام 1962, بالرغم من أن المتحدث باسم الحوثيين نفى ورفض رفضاً قاطعاً تلك الادعاءات في مناسبات عده .
ست جولات من الحرب التي كانت ما إن توقفت تعود لتستمـر مع دخول نظام آل سعود في الحرب الأخيرة في عام 2009 , قتل خلالها عشرات الآلاف منهم الكثير من النساء والأطفال , وأكثر من 340,000 ألف شخص شُردوا وفقـاً لتقارير الأمم المتحدة ومركز رصد النزوح الداخلي وتم التوصـل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في فبراير 2010 , والى اليـوم مازال الاتفاق بين التطبيق من عدمه .
في حين أن الحرب الرسمية بين القوات الحكومية والحوثيين قد انتهت , إلا أن أثار ومخلفات تلك الحروب مازالت بعيده من أن تنتهي , ومازال هناك دائما ً احتمالات حقيقية لتجدد أعمال العنف. والطائرات بدون طيار مازالت تحوم فوق سماء صعده , ويقول الأطفال أنها تذكرهم بالحروب الماضية التي في حينها دمرت المنازل وامتلأت المدن بالجرحى المدنيين
في حين أن صندوق إعادة الأعمار للحكومة قد أعطى بعض تعويضات للعائلات الذين تقع بيوتهم هي الأكثر وضوحا على طول الطريق الرئيسي في هذه المدينة، فإن غالبية الذين يعيشون داخل البلدة القديمة ما زالوا ينتظرون وهم الأغلبية، والذين لم يتلقوا بعد أي دعم من الحكومة لإعادة الأعمار جراء ما خلفته تلك الحروب عليهم من دمار هائل ..
كما أن هناك العديد من المدنين الذين أصيبوا جراء تلك الحروب لم يتلقوا إلى الآن أي دعم مالي لتلقي العلاج , حيث اغلبهم يضطر للسفر ست ساعات إلى صنعاء لتلقي العلاج , نظراً لقلة المرافق الطبية والأطباء في مناطقهم , حيث وان الألغام المزروعة ومخلفات الحرب القابلة للانفجار مازالت موجودة ومستمرة في تهديد حياة المدنيين وإصابتهم عند انفجارها.
وأشار حمود غابش المشرف على جمعية المعاقين حركياً في محافظة صعده الذي هو نفسه قد فقد إحدى ساقيه في انفجار لغم " أن ما من أسبوع يمـر دون سماع شخص جديد أُصيب بسبب تلك الألغام ومخلفات الحرب القابلة للانفجار "
لتهميش المستمـر وانعدام العدالة لضحايا الحرب عمل على زيادة الدعم والتعاطف مع الحوثيين من قبل الكثيرين الذين يدركون أن النظام السابق لعلي صالح كان ينفذ أجنده ضد مصالح البلاد وشعبها
علمـهم الملون بالأحمر والأخضر مع شعارهم " الله أكبر , الموت لأمريكا , الموت لإسرائيل , اللعنة على اليهود , النصـر للإسلام " أصبح علامة معروفه ومنتشرة ويمكن ملاحظته في كل مكان في الجدران , في نقاط التفتيش , في المنازل , والملصقات , والملابس , والكتب والأقلام , بالرغم من كراهية الكثيرين لهذه الكلمات , إلا أن صالح هبره رئيس المكتب السياسي للحوثيين قال " إن هذه الكلمات تستهدف سياسات الغرب وليس الشعوب "
وأضاف صالح هبره "تستند تفاعلاتنا وتبادل العديد من الزيارات مع الناس من مختلف أنحاء العالم على أساس الاحترام"، وهذا يثبت أننا في وئام مع الناس في الخارج، ونحن فقط ضد بعض من سياسات حكامهـا "
خلال الاحتجاجات والانتفاضة الشعبية في 2011 وبينما كانت القوات العسكرية والأمنية مشغولة في العاصمة صنعاء , تولى الحوثي زمام الأمور في صعده فضلاً عن بعض المناطق المجاورة في حجه والجوف ما أدى إلى بروز بعض الصراعات المناطقية التي كانت تغذيها بعض القبائل المسلحة ضد الحوثيين لأغراض طائفيه بحته.
كما أنهم عينوا محافظهم بأنفسهم لتولي التدابير الأمنية في المنطقة إلا أن السلطات المركزية مازالت تمارس مهامها هناك , حيث صور الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي (نائب الرئيس في عهد صالح سابقاً) تُرفع في المؤسسات والمرافق الحكومية , كما أن الموظفين الحكوميين ورجال الأمن والشرطة والمدرسين والمحافظ بنفسه مازالت تُدفع رواتبهم من قبل الإدارة المركزية للدولة
هذه الدرجة من الحكم الذاتي التي تمت بها هذه المنطقه الا أنها بلا طابع رسمي حتى الآن , لكن سيتم النظر إليها بالنقاش حول الفيدرالية في "الحوار الوطني " في مرحلة ما بعد الثورة باعتباره أهم عنصر من عناصر تحقيق المرحلة الانتقالية الحالية في البلاد
وقال انصار الله أنهم سيشاركون في هذا الحوار، الذي من المفترض أن تشمل جميع مختلف الأطراف الفاعلة والمجموعات المعنية، مثل الأحزاب السياسية التقليدية، والشباب والمرأة والحراك الجنوبي – الذي يدعوا إلى الاعتراف بالحقوق الإقليمية و الأذى الذي لاقوه من خلال معالجه عميقة للمظالم وإيجاد الوسائل الفعالة للتعويض والقصـاص من الظلم , يسعى المسئولون وراء عملية الحوار الوطني لمنع ما من شأنه بث صراعات مستقبليه في المنطقة , كما أشار المبعوث الخاص للأمم المتحدة في لليمن جمال بن عمر في كلمته لمجلس الأمن " إن نجاح أو فشل الحوار الوطني من المرجح إما أن يحقق أو يقضي على المرحلة الانتقالية في اليمن
26/5/716
https://telegram.me/buratha