بغداد / امير العقابي
حينما يجد المواطن نفسه أمام العراقيل التي تضعها مديرية المرور العامة أمام حصوله على إجازة السوق، وحينما يجد نفسه أمام رجل مرور فاسد يطلب منه رشوة او تسجيل غرامة مالية كبيرة على السيارة، فلا يتبادر أمامك إلا ان تفكر، أليس هناك من مدير يكبح جماح المفسدين في مديرية المرور العامة؟. ويعاني كثير من المواطنين العراقيين الابتزاز الذي يتعرضون له عند مراجعة دوائر المرور المختلفة، حيث تفرض عليهم الغرامات، وبشكل تعسفي من قبل رجال شرطة المرور الذين يستغلون الحزمة الواسعة من الصلاحيات الممنوحة لهم لفرض غرامات مالية على السواق، وقسم كبير منها يخضع لمزاج شخصي وليس على أساس استحقاق قانوني، وبالرغم من شكاوى العديد من سائقي المركبات واحتجاجهم، إلا ان مدير شرطة المرور اللواء جعفر الخفاجي لم يقم بكبح جماح رجاله الفاسدين، ووضع حد لتجاوزاتهم على السواق والمواطنين.
300 دولار ثمن الإجازة وكان القرار الذي اتخذته دائرة المرور بإعادة إصدار إجازات السوق فرصة ثمينة لا تعوض أمام بعض أفراد المرور لتحقيق أرباح طائلة جدا، حيث ينشط سماسرة محترفون يملكون علاقات قوية متفق عليها مسبقا من اجل منح إجازات سوق لمن يرغب بطرقة سريعة مقابل 300 دولار للإجازة الواحدة. ويؤكد المواطن فهمي الراشدي: انه اضطر لدفع مبلغ 300 دولار نقدا إلى سمسار في احد معارض السيارات، الذي قام بجلب إجازة سوق نظامية له، وفي غضون أيام قليلة. مؤكدا: انه اضطر إلى ذلك بسبب المتاعب والمعاناة الكبيرة التي يواجهها المواطنون الراغبون بالحصول على إجازة السوق بسبب التعقيدات التي يقوم القائمون على الإجازات بوضعها من اجل إجبار المواطنين على شراء تلك الإجازات من السوق السوداء. ويؤكد مراجعون لدوائر المرور ان عملية إصدار الإجازات تتم بصورة بطيئة جدا، بل ان قسما من المعاملات يتم إتلافها من اجل إجبار المواطنين على شراء استمارات أخرى، إضافة إلى دفعهم للحصول على إجازات السوق من السماسرة، أما من يرغب بالحصول عليها بشكل رسمي، فسيمضي وقت طويل قبل ان يحصل على الإجازة.
المرتبة الأولى في الفساد هيئة النزاهة التي تعد أرفع جهة مستقلة في متابعة قضايا الفساد والرشوة بين الدوائر الحكومية، أكدت مؤخرا في تقرير صادر عنها ان دائرة المرور تعد من الدوائر الأكثر تعاطيا للرشوة، ومنها تقرير شهر شباط الماضي الذي أشار إلى ان نسب تعاطي الرشوة في دائرة المرور العامة/ قسم إصدار إجازات السوق قرب ملعب الشعب بنسبة 14.77%، وقاطع مرور الرصافة/ البلديات بنسبة 13.97. ويشير مطلعون إلى ان معدلات تعاطي الرشوة آخذة بالارتفاع، متهمين مدير المرور جعفر الخفاجي بأنه لم يبذل الجهود الكافية لمحاربة الفساد والرشوة بين المنتسبين إلى دائرته. وأشكال الرشوة في الدائرة تتمثل بإصدار إجازات، ووثائق رسمية خارج الإطار الحكومي المعتمد عبر شبكة من العملاء والسماسرة الذين يقومون بالتوسط ما بين المواطن وضباط المرور لإصدار هذه الوثائق الرسمية لقاء مبالغ عالية تتراوح ما بين 500 ألف إلى مليون دينار عراقي، وتتم هذه الصفقات في مكاتب أهلية أنشئت لهذا الغرض، حيث يتم تقاسم هذه المبالغ ما بين السماسرة والضباط .
سيارات من دون أرقامويتهم المواطنون دائرة المرور بأنها لا تزال تتعمد عدم إصدار أرقام معدنية للسيارات التي يتم شراؤها من السوق، حيث لا تزال دائرة المرور متوقفة ومنذ أكثر من ثمانية أعوام عن منح أصحاب السيارات أرقاما لهم، وباستثناء مرة واحدة جرت بشكل محدود ومقنن خلال عام 2004 ، ولم تعد بعدها دائرة المرور تقوم بإصدار أرقام للسيارات، إضافة إلى السنويات الخاصة بها، مما اضطر أصحاب السيارات الحديثة والمستوردة من الخارج، التي لا تحمل أرقاما خاصة بها إلى شراء أرقام تعود إلى عهد النظام السابق لسيارات قديمة ومستهلكة خارجة عن نطاق الخدمة، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار تلك اللوحات وصلت إلى خمسين ورقة، أي ما يعادل خمسة آلاف دولار أمريكي . مدير دائرة المرور جعفر الخفاجي سوغ عزوف دائرته عن منح أصحاب السيارات الحديثة اللوحات المعدنية التي تحمل أرقاما صادرة عنها بعدم وصول المعمل الخاص بإصدار هذه الأرقام من ألمانيا، لكن هذا المعمل لم يصل حتى هذه اللحظة، حيث لا تزال دوائر المرور تمتنع عن إصدار هذه اللوحات المعدنية . بعض المواطنين أكدوا ان أموال الجباية الضخمة التي تدخل إلى خزائن دوائر المرور تكفي لجلب عشرات المعامل إلى العراق، ويرجح بعض المواطنين وجود اتفاق سري بين المرور وأصحاب معارض السيارات يقضي بعدم منح الأرقام مقابل الاستمرار في استيراد السيارات إلى البلاد.
اتفاقيات مع التجار الاتفاقيات الجانبية لم تتوقف عند حدود التوقف عن إصدار اللوحات المعدنية الخاصة بأرقام السيارات، بل أيضا مع بعض التجار المستوردين لأجزاء السيارات المالية. ونقصد هنا مطفأة الحريق، والمثلث الفسفوري، ويعدان من الأجزاء المهمة في السيارة، لكن عدم وجودها يؤدي إلى فرض غرامات من مديرية المرور دون إبلاغ السائقين، فهذا أمر مرفوض. سواق السيارات أكدوا ان هذا القرار المفاجئ والغريب أدى إلى ارتفاع في أسعار المطفآت والمثلث الفسفوري إلى أربعة أضعاف سعرها الحقيقي، بل ان احد التجار كان يعاني كدس بضاعته، فأصبح فجأة ثريا بعد نفادها بسبب قرار المرور الغريب والمفاجئ، الذي يؤكد المواطنون من أصحاب المركبات وجود رائحة اتفاق غريب ومشبوهة بين دائرة المرور وتجار الجملة من أصحاب البضائع في الأسواق المحلية.
البيان رقم (1) لسنة 2011 نشر موقع وزارة الداخلية في الانترنيت البيان رقم (1) لسنة 2011 المذيل باسم مدير المرور العامة اللواء (جعفر طعمه كاظم)، وحدد فيه التوجيهات بشأن المطفأة والمثلي الفسفوري. وقال البيان بالنص "بناءً على مقتضيات المصلحة العامة، وبغية الحد من الحوادث المرورية المؤسفة التي تنتج عن نقص مستلزمات الأمان، وللمركبات كافة، واستناداً للصلاحية المخولة لنا بموجب أحكام القسم 34 من قانون المرور رقم 86 لسنة 2004 أصدرنا البيان الآتي:1- على أصحاب المركبات كافة وضع (مطفأة حريق) صالحة في مركبته. 2- على أصحاب المركبات كافة وضع (مثلث فسفوري) في مركبته يضع على بعد 50 م عند تعطلها على الطرق السريعة والخارجية، وبمسافة مناسبة في الطرق الداخلية.3- يعاقب المخالف استناداً إلى المادة 27 فقرة (ذ) من الملحق (أ) من قانون المرور رقم 86 لسنة 2004 بغرامة مقدارها (30) ثلاثون ألف دينار.4- ينفذ هذا البيان ابتداءً من تاريخ نشره وإصداره. وهنا استوقفتنا عبارة ينفذ ابتداءً من تاريخ نشره، فهل يعلم أي سائق متى نشر؟ او لماذا غرم العديد منهم بمبلغ 30 ألف دينار، وهم لا يعلمون متى صدرت هذه التعليمات.
جبايات ضخمة ويقوم أفراد المرور بفرض غرامات باهظة على أصحاب المركبات، تكون أحيانا بشكل متعسف. ويؤكد رجال المرور أنفسهم ان بعض هذه الغرامات تكون مفروضة عليهم من قبل المدراء الذين يطالبونهم بمبالغ مالية محددة كل يوم، مما يدفعهم إلى فرض غرامات بشكل غير قانوني وغير شرعي، حيث لا يملك سائقو المركبات أي خيارات أخرى لمنع حصول هذه الغرامات بحقهم. إيرادات دائرة المرور من هذه الغرامات تصل إلى مليون دولار شهريا في بغداد وحدها، لكن هذه الأموال لا يعرف احد بالضبط ما وجهتها النهائية، وما المبالغ الحقيقية التي تذهب إلى خزينة الدولة، حيث يتم التصرف بتلك الأموال بشكل فردي وسط غياب واضح للشفافية، وعدم وجود برامج تهدف إلى استغلال هذه الإيرادات في مجال تطوير دوائر المرور، وتجهيزها بالمعدات الفنية الحديثة مثل معامل الأرقام او إقامة ساحات متطورة للاختبارات او إقامة شبكات رادارية في الطرقات السريعة الخارجية لرصد المخالفين، وغيرها بدلا من نظام الجبايات والغرامات الذي من الممكن التلاعب به بسهولة.
https://telegram.me/buratha