الشعر

ريحانٌ  عَبر الأثير! مع الشيخ التهامي عوض

4296 2022-10-20

د.أمل الأسدي ||

 

بغداد/  العراق

 

لم أكن أنوي أن أكتب عن هذا الأمر؛ ولكنّ تكراره المنتظم دفعني للكتابة عنه!! سأحكي لكم عن راحلٍ حاضرٍ، يصرّ علی الحضور، لم أره يوما، ولكنّ ولده روی لنا يوما؛ أن والده كان يحب المصاحف كثيرا، ويحتفظ بالنسخ الملونة المزخرفة، وهذا الأمر متأت من حبه للقرآن الكريم، الذي كان يعلّمه لأبنائه وأبناء القرية(قرية إخناواي /طنطا/ مصر) ومنذ أن تحدث عن هذا الأمر وإلی الآن، كلما فتحت القرآن الكريم تذكرته، وكلما رأيت نسخةً ملونة وطبعةً جميلة؛ ذكرته، وكلما قرأت القرآن أو ختمته؛ أهديته ثواب العمل، وهكذا صار اسم هذا الرجل يطوف معي في كل مكان مقدس أزوره، وفي كل مشهد معظَّم أحضره، ويحضر في كل دعاء وتعقيب، فأذكره وأدعو له وأهديه بعض النفحات القرآنية!

 وهذا الرجل هو( الشيخ محمد البيومي عوض التهامي) والد الأخ، الصديق، الشاعر (البيومي محمد عوض)

ذلك الخلوق المؤدب، الذي بدت عليه تربية والده القرآنية!

هنا سألت نفسي، ما تعريف هذا الأمر؟   فقلت: ربما  هو مصداق قول الرسول الأعظم(صلی الله عليه وآله):( إذا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) فذكر ولده له، هو الذي جعلني أذكره، وهو الذي جعله حاضر الدعوات!! فقد اعتاد (البيومي) علی ذكره ورثائه، حتی أنه كتب ديوانا شعريا في رثائه، وعنوان هذا الديوان" أبي" وهو أول ديوان في تأريخ الشعر العربي يختص  بكامله في رثاء الأب!

 وكذلك اعتاد أخوه(د. إسماعيل عوض) علی سرد قصصٍ عنه ، وعن علاقته بأبناء قريته، وعلاقته بأبنائه وذلك في  صفحته علی الفيسبوك.

 أو هو  أمر عائد إلی مواعيد الله الرحمانية، أمر خاص بلقاءات الله، الذي يؤلف بين القلوب، ويجمعها، ويشيع بينها المحبة، كما في قوله تعالی:((...فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا...)) أو قوله تعالی:((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة...)) وعلی أية حال؛ حتی حين كتبت عن الموضوع، أبی القلم إلا أن يستشهد بالقرآن الكريم، ويتزين بحديث الرسول الأعظم(صلی الله عليه وآله).

 إذن؛ هذا الأمر من الله تعالی وكرمه، وحبه لعباده، ومن كرامات القرآن الكريم علی من يحافظ عليه ويحفظه ويعمل به.

وختاما؛ سأضع قصيدةً من قصائد ابنه(البيومي محمد عوض) في رثائه(رحمه الله):

 

                       أَبِي

                    .........

تَوَقَّدَ عَالِياً وَسْطَ الظَّلَامِ

وَقَطَّرَ فِي دَمِي ضَوْءَ الغَرَامِ

قُمَيْرٌ صَاغَهُ رَبِّي قَدِيماً

 مِنَ الأَلْطَافِ وَالحُسْنِ التَّمَامِ

 

تَوَلَّعَ بِالعَطَاشَى فِي ارْتِئَافٍ

 وَهُيِّمَ بِالجِيَاعِ عَلَى ارْتِحَامِ

 

وَفِي عَيْنَيْهِ لِلْعُشَّاقِ أَرْضٌ 

تُتِيحُ الوَصْلَ مُمْتَلِئَ الغَمَامِ

 

وَيُوقِد

ُ لِلْيَتَامَى

مُعْصِرَاتِ الرِّضَا،

وَيَذُوبُ فِي مَطَرِ الزِّحَامِ

 

يُزَاحِمُهُم بِثِنْتَيْ رُكْبَتَيْهِ

 وَيَشْرَبُ فِي الصَّفَا سُؤْرَ الكِرَامِ

 

تُمَتِّعُهَ السِّيَاحَةُ فِي جِبَالٍ

 بَعِيدَاتٍ عَنِ الكُرَبِ العِظَامِ

 

بَعِيدَاتٍ

عَنِ الأَنْذَالِ سَنُّوا نَذَالَتَهُمْ عَلَى حَجَرِ الظَّلَامِ

بَعِيدَات

ٍ عَنِ الأَقْزَامِ هَدُّوا مَعَارِجَهُمْ بِمِطْرَقَةِ التَّعَامِي

 

وَيَمْشِي فِي المَحَبَّةِ مُسْتَهَاماً

وَيَرْمِيهِ الأَرَاذِلُ بِالسِّهَامِ

أَبِي: فِرْدَوْسُ حُزْنٍ مُسْتَطِيرٍ

 أَبِي: وَجَعُ السَّمَاحَةِ وَالسَّلَامِ

أَبِي: وَجْدٌ مِنَ الوَجْدِ المُصَفَّى

أَبِي: أَنْوَارُ آلَامِ السَّقَامِ

وَيَسْجُدُ خَشْيَةً:

يَا رَبِّ، يَا رَبِّ .. يَا رَبَّ الفَرَاشَةِ وَاليَمَامِ

أَذِقْنِيَ بَرْدَ عَفْوِكَ سَيِّدِي 

زُجَّ بِي فِي المُشْتَهَى، أَرِنِي مَقَامِي

تُرَاكَ

تُضَيِّعُ الأَيَّامَ

فِي الحِلِّ وَالتَّرْحَالِ؛

 فِي قَنْصِ المَرَامِ؟!

تُرَى؟ حَاشَاكَ،

 حَاشَا فَضْلَكَ العَذْبَ،

 حَاشَا أَنْ أُعَذَّبَ بِالفِصَامِ

 

وَأَنْتَ مُقَدَّسٌ بَرٌّ رَحِيمٌ

 وَكَسْرِيَ مِنْ جَمَالِكَ فِي الْتِئَامِ

 

لَيَامَا

 جَرَّحَتْنِيَ قَاسِيَاتٌ دَمِيمَاتُ المَرَارَةِ وَالقَتَامِ

 

وَمَيْمُونٌ جَلَالُكَ يَا إِلَهِي

 وَطَيَّبَنِي بَسَاتِينُ الزِّمَامِ

حَمَامَاتُ الحِمَى

 يَنْضَحْنَ وَرْداً

 أَلَا سَلِمَتْ تَعَاجِيبُ الحَمَامِ

ظَمِئْت

ُ لِحُسْنِكَ النَّوَّارِ رَبِّي

ظَمِئْتُ وَهَدَّنِي جَمْرُ الأُوَامِ

وَأَنْتَ

لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ جَوَابٌ

 فَبَارِكْ فِي مَحَنَّتِكَ اعْتِصَامِي

 

وَقَفْتُ عَلَيْكَ

آهَاتِي وَلَيْلِي

 وَرَقْرَقْتُ الصَّبَابَةَ فِي الكَلَامِ

وَفِي شَجَرٍ؛

عَلَى جَبَلِ النَّجَاوَى

سَجَدْتُ، شَرِبْتُ مِنْ شَهْدِ المُدَامِ

وَسَارَرَنِي حَبِيبِيَ

ذَاتَ وَصْلٍ:

قُبِلْتَ عَلَى امْتِلَائِكَ بِالأَثَامِ

وَإِنَّا

جَاعِلُوكَ مِنَ الصَّفِيِّينَ ..؛ عِزَّتُنَا تَعِزُّ عَلَى اتِّهَامِ

فَمَنْ يُرِدِ الفَضِيحَة

َ يَعْشُ عَنَّا

سَتَائِرُنَا عَلَى مُهَجٍ دَوَامِ

أَبِي:

مَا كَانَ دُنْيَا؛ كَانَ أُخْرَى

 أَبِي: نُورٌ مِنَ الأَنْوَارِ نَامِ

أَبِي: وَرْدٌ عَلَى وَرْدٍ تَجَلَّى 

 أَبِي: سُقْيَا لِأَوْجَاعٍ ظَوَامِ

أَبِي: جَنَّاتُ عِشْقٍ فِي سَمَاءٍ

 أَبِي: شَمْسٌ عَلَى مَرْمَى هُيَامِ

أَبِي: نَجْوَى مِنَ الأَسْرَارِ تَسْرِي

 عَلَى مُهَجِ الأَحِبَّةِ فِي الخِيَامِ

أَبِي: مَكْتُوبَةٌ فِي نَاظِرَيْهِ

 الجَلَالَةُ  فِي حَنَانٍ مُسْتَهَامِ

وَعَاشَ

كَمَا يَعِيشُ النَّخْلُ أَعْلَى

وسُمِّيَ فِي السَّمَا بِاسْمِ "التُّهَامِي"

 

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك