د. حسين القاصد ||
لم يلفت انتباهم سراج محمد على الرغم من اتفاق اللجنة على إجازته وإجازة قصيدته ( السيرة الذاتية للعدم) فهتف صلاح فضل بنقد مرتجل: جميل أيها السراج فاللفتة لافتة و... إلى آخر كلامه بينما مال المحكم الثاني إلى أن سيرة العدم هي سيرة معاناة العراقيين ثم أخذ يزج زوابعه السياسية التي يظنها دافعاً لسراج محمد وهو الشاعر العراقي الذي كانت قصيدته بوحاً ذاتياً يمثل حيرة أغلب الشباب العراقيين والعرب؛ لكن المحكم رأى ما رأى بحسب مضمره الذي دفعه إلى ذلك.
أما زينب جبار وهي الشابة زينب العابدي التي عرفناها شاعرة شعبية لا علاقة لها بالفصيح؛ فقد نالت إعجاب اللجنة الثلاثية في قصيدتها: مورد لظباء مكة.
لم يكن أي شيء في قصيدة زينب جبار العابدي يشير إلى مكة وظبائها؛ لكن صلاح فضل أشاد بتناول زينب جبار للتاريخ وإشارتها لظباء مكة في العنوان فقط! وأقول فقط لأن زينب نسفت تاريخ بلادها وقللت من قيمته، وهو الأمر الذي راق للجنة التحكيمية حيث المقارنة بين شهرزاد وولادة بنت المستكفي.
الغريب في الأمر بل ما يجعل النقد يضرب رأسه بأقرب حائط هو كلام لجنة التحكيم؛
فحين جاء دور النقد ليبدي رأيه ، قال صلاح فضل : ( تضمخين شعرك بعذوبة الإنشاد كأنك تغنين الأبيات ولا تلقينها إلقاءً عادياً، تغنين قصيدتك بأنها صورة لإحدى ظباء مكة؛ تضفين على التاريخ شيئا من سحر الإسطورة ، حيث تبدو شاعريتك متوهجة في هذه القطعة ... تستحضرين نموذجين من إبداع المرأة الأميرة والراوية الضحية الفقيرة ، ولادة وشهرزاد أبلغ ما نراه في قصيدتك من تعبيرات تجيدين حوكها باتقان هي منظومة الكنايات) غاضاً النظر عن الارتباك اللغوي في بيت ( الشهرزادات ..) بل يبدو أن الأمر التبس على صلاح فضل ، فلم يفرق بين العنوان ظباء مكة ، وبين ولادة بنت المستكفي ، فما علاقة ولادة بظباء مكة ، لأن المقارنة حدثت بين جمع الشهرزادات وولادة واحدة! ولا شيء عن ظباء مكة سوى عنوان القصيدة ، ولم يسأل الناقد عن أيهن أقرب تاريخيا للشاعرة ، ظباء مكة أم ولادة ، أم شهرزاد العراقية ؟ فالشاعرة عراقية ، والناقد مارس نسق الاستغفال النقدي وأهدر كثيرا من اللغة ليمدح إلقاء الشاعرة أكثر من قصيدتها ، متناسيا أن السياب نفسه لا يملك القاءً جيداً؛ ونحن في عصر الإلكترونيات لنا أن نتساءل هل سمعنا إلقاء المتنبي واشتهر شعره وأعجبنا بسبب القائه ؟
تقول زينب جبار :
وارضَ الحكايات من ولادةٍ وكفى
فالشهرزادات ليست بنت مستكفي
لم تنتبه اللجنة الموقرة لقول زينب ( ليست بنت مستكفي) والأصح أن تقول لسن بنات مستكفي.
ثم تقول :
ودعك عن غيرتي ماذا يشدك في
طول الليالي وقد زادت على الألف
ويفوت الشاعرة واللجنة بأن الليالي أربعمائة فقط بحسب العلامة د. محسن مهدي.
ترى ما غاية مسابقة أمير الشعراء ولماذا يخضع النقاد للنسق؟
https://telegram.me/buratha