( شعر : الدكتور نوري الوائلي مؤسسة الوائلي للعلوم)
صُنـّعتُ من موت ٍ عنيد ٍ يُلحد ُ ** وخـُلقت ُ أنسانا ً لأمر ٍ يُقصد ُ
وخرجتُ للدنيا بدون ِ مشورة ٍ ** وملكت ُ أهلا ً دون َ رأيٍ يُشهد ُ
وفتحت ُ عيني والصراخُ يزفـُني ** وهلاهل ٌحولي لخلق ٍ تـُنشد ُ
عنوان ُ جسمي في الحياة ِ مُسجل ٌ**والأسم ُمن أهلي يُصاغ ويُعمد ُ
وكبرتُ حتى صارَ جسمي يافعا ً ** وملكتُ ما خوّلت ُ , منه أحصِدُ
ورأيتُ من حولي جمالا ًباهرا ً ** يحوي بوزن ٍ كـُل ّ شيء ٍّ يُوجدُ
الخلق ُحولي واحدٌ في ذاته ** متشابهٌ متوازنٌ متوحّدُ
ومررت في فر ٍ وكر ٍ رابحا ً ** عشرا ً وألفا ً قد خسرتُ وأفقد ُ
ووجدتُ في الدنيا صراع َ كواسر ٍ ** من أجل ِ لذات ٍ بنفس ٍ تحقد ُ
ظلمٌ وبغيٌ والنفوسُ مظالم ٌ ** حسد ٌ وغلّ والرذيلة ُ أعيد ُ
في النفس ِ قد خـُلقت محبّة ُ ذاتها ** ومحبّة ُ الأزهى بدهر ٍ يَخلد ُ
وعلمتُ موتا ً يُسلبُ النفسَ المنى ** ويسوغ ُ منها كلّ مُلك ٍ يُحسدُ
وبقيتُ أبني رغمَ انـّي موقن ٌ ** في أي وقت ٍ قد أموت ُوأوْسَدُ
ودُفعتُ للموت ِ المُباغت ِ عُنوة ً ** لاعلمَ لي في أي ِّ أرض ٍ أ ُلحد ُ
فأنا المُسّيرُ في الأمور جميعُها ** إن كان خيرا ً أو ضلالا يُجهدُ
إلا بأمر ِ الدين كـُنتُ مُخيرا ً ** عقلي يدل ُّ بدون جبر ٍ يَرشدُ
لكن ّ حتـّى الدين أصبحَ تابعا ً ** لديانة ِ الأبوين جبرا ً يُوردُ
وبرغم هذا فالعقيدة ُ ناتج ٌ ** للفكر ِأو طبع ٌ جرى فيعو ّد ُ
هذي الحياة ُ فلا خيارَ لأمرها ** بل أمرُ دُنيانا لرب ٍّ يُنجدُ
مهما عملتُ فأن رزقي مُقدرٌ ** ربّي يُحدده بما يتجو ّدُ
لا علم َلي بالغيب ِ حالي مُبهم ٌ ** وحياتنا كالشبر ِ حين تـُحَدَّد ُ
كـُل ُّ المصائب ِ والمغانم ِ إنـّما ** فحص ٌ لتقوانا وكيفَ نـُحدِّدُ
********
مُلئت ْ معارفـُنا علوما ً تحتوي ** إمّا صفات ُالخلق ِ أو ما يُولدُ
تحوي الحقائق َ أو صفات ٍ أ ُحكمتْ ** ببرامج ٍ وقواعد ٍ لا تـُجرد ُ
انظرْ إلى الأكوان ِ كيف نجومها ** في ظلمة ٍ عن بعضها تتبعّد ُ
انظرْ إلى الإبل ِ الصبور ِ وصبرها ** وسماء ِ بادية ٍ وعشب ٍ يَرقدُ
انظرْ إلى البحر ِ العظيم ِ وزرقةٍ ** فيها العجائبُ من حياة ٍ ترغدُ
انظرْ إلى الطير ِالمُعلق ِ شاهقا ً ** فوق البراري كيف طارَ ويَصمدُ
انظرْ إلى الجبل ِ العظيم وصخره ** وجفاف ِ بيداء ٍ ورمل ٍ يَشرد ُ
انظر إلى النمل ِ الضئيل ِ بتربة ٍ** يعلو ويغزو كالجيوش تـُجنـّد ُ
انظرْ إلى الأنعام ِ كيف حليبُها ** مِنْ بين لحم ٍ كالمنابع ِ يرفد ُ
انظرْ إلى الأبهام ِ كيف بنانه ** عجبا ً فريدا ً لا يُعادُ ويُرند ُ
مَنْ يُسعدُ الثكلى بطفل ٍ راضع ٍ ** من يهدي ثغرا ً للثدي ِّ فيورد ُ
مَنْ يأت ِ بالسحُب ِ الثقال ِ لميت ٍ ** فإذا الحياة ُ بجسمه تتجدّد ُ
مَنْ أوجد َ الكون َ الفسيح َ بظلمة ٍ ** مَنْ يزرع ُ النبتات أو يتفقـّدُ
مَنْ أهد َ للأنسان ِ عقلا ً راجحا ً ** وبديع نفس ٍ في الجسوم تـُشيّد ُ
مَنْ علـّم َ الأنسانَ كـُل ّ بديهة ٍ** ولسان صدق ٍ قد يقول ُ ويَهجد ُ
مَنْ علـّم الأنسان َ أقلاما ً بها ** كتبَ المعارفَ دونما يتحدّد ُ
مَنْ علـّم الأنسانَ صُنعَ دوائر ٍ** فيها الحياة ُ بسرعة ٍ تتزيدُ
مَنْ علـّم الإنسان دفع َ مراكب ٍ** في الكون ِتجري للكواكب ِتقصد ُ
مَنْ علـّم الأنسان َ جنسَ أجنـّةٍ ** كالبذر ِ حجما ً في ظلام ٍ تـُغمد ُ
مَنْ علـّم الأنسان ركبَ سبائك ٍ** تعلو السحابَ وفي سواد ٍ تبعدُ
مَنْ أوجد القرآنَ إعجازا ً إلى ** كـُلِّ الخلائق ِ لا مثيل َ يُمجـّدُ
مَنْ يحفظ ُ الجنسين أعدادا ً فلا ** زاد َ الذكورُ ولا الأناث ُ تـُزيّد ُ
مَنْ علمَ الطيرَ المعارفَ مُعجزا ** مَنْ باتَ في دُنيا له تتوفـّد ُ
مَنْ أوجدَ البحرين رغمَ تجاور ٍ ** لايبغيان ِ كمثل ند ٍ يـُطردُ
مَنْ يفتق الصخر العتيد ومخرجا ً ** ماء ً وزرعا ً أخضرا ً يتحشـّد ُ
مَنْ أوجدَ الفزياءَ قانونا ً بها ** تجري الظواهرُ من الهه تـُنضد ُ
مَنْ أوجدَ الكمياء َعلما ً واسعا ً ** فيها الموازينُ العظامُ تـُقيد ُ
مَنْ أوجدَ الطبَ المداوي علـّة ً ** مَنْ أوجدَ الشافي ومَنْ لا يزهد ُ
هل كل ّ هذا الخلق جاءَ كصدفة ٍ ** وبدون راع ٍ للخليقة ِ يسند ُ
أن كان هذا الخلقُ دون مكون ٍ ** فأجبْ بعقلك ِ والعقول ُ تـُعضـّد ُ
مِنْ أين جاءَ وكيف كانَ بذاته ** ولما يموتُ بميتة ٍ تتوعّد ُ
انْ كان هذا الخلقُ ذاته واجدا ً ** لِمَ ذاته تـُفنى ولا تتأبـّد ُ
كلُّ العلوم ِ فيا أخي من واهب ٍ ** خلق َ المعادنَ والعقول ُ تـُشيّد ُ
ان كنتَ تصنعُ من حديد ٍ آلة ً ** أو مِنْ نواة ٍ كائنا يتجسّدُ
لكنَّ مَن ْ أعطاك َعقلا مُبدعا ً ** أو منشيء الخامات ِ حيثُ تزوّد ُ
الله ُ منْ عدم ٍ يكوّن ُ عالما ً ** مَنْ غيره مِنْ لا وجودَ فيُوجدُ
فالنشأة الأولى أتتْ من قاهر ٍ ** مَنْ غيره يأتي بها ويُجدد ُ
كل ّ المعارف ِ لم تخالفْ ما أتى ** بكتاب ِ ربي من حقائق َ تـُعهد ُ
*********
فلقد عرفتـُكَ يا الهي بفطرة ٍ ** وبفكر عبد ٍ بالدلائل يعبد ُ
وعرفتُ ربّي في الخليّة كونها ** نـُظما ً بميزان ٍ تعيشُ وتركد ُ
وعرفتُ ربّي في الحنان مُتوجا ** بضلوع أم ّ للجنين توددُ
وعرفتُ ربّي نعمة ً وتفضلا ً ** وعظيمُ جود ٍ في الخلائق يُنضدُ
وعرفتُ ربّي في السحور ونجمه ** وعظيم خلق ٍ بالجمال ِ يُقلـّدُ
وعرفت ُربّي في السماء ِ وليلها ** وهدير أمواج ٍ وغيم ٍ يرعدُ
وعرفتُ ربّي عند نائبة ٍبها ** قلبي توجّس من مخاوفَ تـُقعِد ُ
وعرفتُ ربّي في ولادة ِ باكر ٍ ** وولادة فيها المخاضُ يُبدد ُ
وعرفتُ ربّي في الجنين وخلقه ** كيفَ الخلايا والعظامُ توطـّدُ
وعرفتُ ربّي عند كل ّ فضيلة ٍ ** أو عند كل ّ بلية ٍ تتعقدُ
وعرفتـُك الباري بكـُل ِّ خليقة ٍ ** عطفا ً وميزانا ً وخيرا ً يُوفدُ
قل لي اذا في العقل ذرة َ حكمة ٍ ** هل يقبل ُالعقلُ الشكوك َ فيلحدُ
********
عقلي وفطرة ُما بنفسي شاهد ** ان الوجودَ بلا حكيم ٍ يَفسدُ
بل ان للموجود ِ حتما ً واجدٌ ** هذه الحقيقة ُ , فالعقولُ تؤيّدُ
الله نور ٌ والوجود ُ كشمعة ٍ** عتماء من نور الإله تـُوقدُ
عجبا ً لمن نكرَ الإله ومنشئا ً ** بالجهل ِ قد عاشَ الرذيلة يُلحد
اللهُ موجود ٌبكل حقيقة ٍ ** وبكل ّ خلق ٍ كان أو يتوجـّدُ
اللهُ موجودٌ وأوجدَ عالما ً ** يجري بأمر ٍ لا يزيغ ُ فيُطردُ
ان كان حقا للإله عارفٌ ** فهو المفكرُ بالدلائل يعبدُ
ان كان في الأكوان رب ٌّ آخرٌ ** لرأيتَ في المخلوق ِ ما لا يُحمدُ
لرأيت خلقا ً لا مثيل لنشئه ** وصراع َ ألهة ٍ وخلقا ً يُنفد ُ
الفكرُ قد عرفَ الإله كواجد ٍ ** والنفسُ قد فـُطرت لكي لا تـُلحدُ
لمْ يأت ِ ربّي من وجود ٍ قبله ** أو كان ربّي والد ٌ يتولـّدُ
فهوَ الكمالُ وكلّ شيء ناقص ** وهو الضياءُ بدون نار ٍ تبردُ
الله ُ باق ٍ والوجودُ بذاته ** يحوي الفناءَ فلا يدومُ ويأبدُ
لن يلحدوا بالله إلا ذلـّة ً ** ركبوا الضلالة في الجهالة أ ُسعدوا
والله ِ لن تـُسعدْ قلوبٌ أنكرت ** ربّا ًرحيما ً مالكا ً يتودّ دُ
أني سعيدُ الحظ دوما ً مُسعدا ً ** كوني ولدت على حظون ٍ تحمدُ
أني سعيدُ الحظ بت ّ مُوحدا ً ** فخرا ً بنفسي حين قلبي يسجد ُ
حظـّي عظيم ٌ إن ولدت ُ بعالم ٍ ** يحوي تـُقاة ً للإله تزهد ُ
الحمدُ لله الذي من هديه ** عشتُ الحياة َ مُوحدا ً اتعبد ُ
عشتُ الحياة ًَ مجاهدا ًمتأملا ً ** مرضاة َ ربّي حيث ُقلبي يُسعدُ
فجهادُ نفسي ضد َّ جور غرائزي ** وخداع شيطان ٍ جهاد ٌ أجودُ
فالحظ ُ أنْ فزتُ الصراع َ بتوبة ٍ ** لله من بعد اليقين وأحمد ُ
يا ملحدون فتلكَ بعضُ منافذ ** منها العقولُ ومن علوم ترشد ُ
يا ملحدون فما لكم من حجة ٍ ** فالعقل والعلم المُنوِّر وحّدوا
يا ملحدون قفوا , فتلك دلائل ٌ ** للعقل زاد ٌ حين عقل يرصد ُ
لا يستوي في العقل ان ّ وجودنا ** منْ لا وجود بذاته يتوجد ُ
ما ضرك التقوى وانك مؤمن ٌ ** لكن كفرك بالعذاب يُخلـّدُ
https://telegram.me/buratha