نعيم الهاشمي الخفاجي ||
لبنان أسستها فرنسا، هناك من يعتقد أن فرنسا احتلت لبنان وسوريا في الحرب العالمية الأولى، هذا تصور خاطيء، العثمانيين اتبعوا أساليب اضطهاد وقتل المكونات المذهبية والدينية، ودفع المسلمون الشيعة ثمنا باهضا فتم إبادة الشيعة العلويين والاسماعيلية والجعفرية، أبشع من جرائم القاعدة وداعش، تم استهداف كل من هو شيعي، ولدينا أيضا شهيدين الشهيد الأول والشهيد الثاني مكي العاملي مؤلف كتاب اللمعة الدمشقية وهو كتاب يدرسه العلماء والفقهاء والمثقفين، وانتقل دور القتل إلى المسيح، جيوش فرنسا العلمانية احتلت جبل لبنان في بداية القرن التاسع عشر وإقامة كيان مسيحي وبفضل التدخل الفرنسي تم حماية ماتبقى من الشيعة والدروز، وايضا بريطانيا احتلت مصر قبيل الحرب العالمية واحتلوا سواحل الجزيرة العربية وجندوا قادة وزعماء العرب السنة لمقاتلة الدولة العثمانية واسقاطها بحجة إعطاء العرب مملكة يكون الملك مفتي السنة العرب شريف مكة شريف حسين، وتم نشر مراسلات حسين مع الجنرال البريطاني وبيعت في المكتبات في أسواق دول الشرق الأوسط ودرست في مناهج بعض الدول العربية القومية ومنها العراق.
لذلك عندما اندلعنت الحرب العالمية الأولى شريف مكة ارسل أبنائه واحفادة ومعهم غالبية الضباط والجنود العرب السنة الذين كانوا بالجيش العثماني وانشقوا لاحتلال دمشق وقتل الجنود الأتراك وتسليمها للقوات المحتلة الفرنسية، ما أشبه اليوم بالبارحة، القوم نفس القوم والعملاء هم ابناء واحفاد العملاء والخونة السابقين.
فرنسا رسمت حدود لبنان وشرعت دستور ضمن مشاركة كل المكونات في الرىاسات الثلاثة بغض النظر عن عدم وجود عدالة في تمثيل بعض المكونات بشكل حقيقي.
عدم استقرار لبنان كان ولازال نتيجة طبيعية لخلافات الدول العربية، عندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية كانت بسبب قادة حزب الكتائب الذين وقفوا ضد الوجود الفلسطيني المسلح والغير مسلح في لبنان وفي اسم هيبة الدولة ولا سلاح فوق السلاح اللبناني، عندما اندلعت الحرب دبر البعثيين الموالين لبعث العراق بدعم من منظمات فلسطينية وقوات الجبهة الوطنية في اقتحام قصر بعبدا وهروب الرئيس اللبناني الماروني سليمان فرنسية، هرب فرجنية عن طريق زورق إلى ميناء طرطوس وذهب إلى دمشق، الأسد ارسل قواته إلى إعادة فرنجية للسلطة ليس حبا ولكن ضد وصول البعث العراقي للسلطة، خطوة الأسد دعمت من غالبية الدول وعلى رأسها فرنسا، وبمباركة مارونية من عائلة البير جميل، بسبب صراعات البعثيين ودخول الدول القومية ودول الرجعية العربية دارت حارب طاحنة صبت بمصلحة إسرائيل انتهت بطرد عرفات وقواته المسلحة من بيروت إلى تونس، ورغم الحرب الأهلية لكن بقيت الحكومات تشكل وفق تثبيت حصص المكونات، بيت الجميل رغم دعم الأسد لهم لكن بقيت عيونهم ترنو تجاه إسرائيل وتعاون حزب الكتائب بغزو إسرائيل للجنوب عام ١٩٧٨ وفي عام ١٩٨٢ وصل التعاون تم تسليم بيروت الشرقية إلى ارييل شارون، وتم التصويت إلى بشير الجميل كرئيسا للجمهورية بدعم من الجنرال شارون وفي منتصف بيروت تقف القوات الاسرائيلية، النتيجة القوى اللبنانية من التيارات اليسارية والقومية اغتالت بشر الجميل بمفخخة، شارون حرض حبيقة وسمير جعجع إلى ارتكاب جريمة صبرا وشاتيلا.
وعندما أوشك المعسكر الشرقي على الانهيار وضعف السوفيت واحتلال صدام الجرذ للكويت إنتهت الحرب الأهلية في لبنان بهزيمة القوى الكتائبية وهروب واعتقال معظم مجرمي الحرب وايداعهم السجون، وبقيت تتشكل الحكومات اللبنانية وفق المحاصصة واصبح عرف وتقليد دائم في تشكيل كل الحكومات اللبنانية.
بعد سقوط نظام البعث بالعراق وانفراد أمريكا بالسيطرة الواضحة ولمعسكرها تم تدبير عملية اغتيال رفيق الحريري من خلال تنظيم القاعدة بسبب استقباله إلى إياد علاوي وترحيبه بسقوط نظام صدام جرذ العوجة الهالك، اكيد عملية الاغتيال كانت تستهدف الوجود العسكري السوري وفعلا إنتهت بمغادرة القوات السورية لبنان، ورغم خروج سوريا وقوة قوى المقاومة اللبنانية أيضا بقيت لبنان تحكم بنفس الدستور وبنفس الحصص والموازنات، حاولت إسرائيل والمعسكر الغربي ألصاق تهمة اغتيال الحريري ببشار الأسد لعلمهم وجود خلاف بسيط مابين الحريري والسوريين النتيجة تحقق ماخطط لعملية الاغتيال ااذ انسحبت القوات السورية من لبنان إلى غير رجعة بظل التغيرات الدولية، ورغم سيطرة المقاومة في لبنان لكن أيضا بقيت التوازنات بتشكيل الحكومات وكل مايقال بسيطرة مكون معين في لبنان فهو كذبة كبرى، الوضع المذهبي والديني اللبناني لايسمح لمكون معين السيطرة على كل لبنان، رغم كل التدخلات الدولية لاشعال حرب أهلية جديدة في لبنان فقد بائت بالفشل، بقي لبنان بلد متنوع ليبيرالي منفتح، عجزت القوى الدولية اشعال خرب أهلية لذلك بدأوا في حروبهم الاقتصادية لكن أيضا هذه الحرب الاقتصادية لم توصل البلد إلى حرب أهلية، وضع لبنان يشبه الوضع العراقي الحالي كل المكونات لها تمثيل في الحكومات العراقية، خلال زيارتي الأخيرة للعراق لبيت دعوة لدى أصدقاء سنة في حزام بغداد وذهبت لهم ونحروا لنا خراف ودار حديث صريح داخل المجلس، سألتهم وضعكم المادي الحالي مثل عهد صدام، كان ردهم في ابتسامات عريضة قالوا لي هو راتب ٣٠٠٠ دينار للمعلم ماتستطيع شراء حذاء، وضعنا الحالي انت ترى بعينك سياراتنا الفاخرة ونمتلك مئات ملايين الدنانير، قالوا لي الخلاف والإرهاب أسبابه سياسية في اسم المذهب السني وتهميش السنة والحل الامثل نحتاج حلول دائمة تنهي الصراع القومي والمذهبي ويعيش الجميع بسلام، في الختام لا لبنان ولا العراق تستطيع طائفة تحكم دون الطوائف والمكونات الاخرى، كل مانراه من صراعات ليست بسبب العراقيين واللبنانيين وإنما مشاكل وافدة من خارج العراق لكن للاسف في أدوات عراقية ولبنانية حقيرة ونتنة، ولولا سلاح المقاومة الشيعية اللبنانية لما بقي مسيحي ودورزي وشيعي في فتنة داعش ولولا سلاح المقاومة لما حصل لبنان على كامل ثرواته البترولية والغازية في مياهه الإقليمية.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
23/9/2022
https://telegram.me/buratha