الصفحة الإسلامية

الامام الحسين ( عليه السلام) مَلِكا على القلوب


د. سعد سادر الدراجي

• باحث

S_saad72@yahoo.com

(المَلِك (بفتح الميم وكسر اللام، هو لقب يحمله شخص يمارس سلطة على أرض ومجموعة من البشر، وهنا لا اتكلم عن الملك بصفته المادية التي عرفناها سابقا، ولكني اتكلم عن الملك بصفته المعنوية والروحية والفكرية التي تملك جوارح الانسان واحاسيسه ومشاعره، فالامام الحسين(عليه السلام) وان لم يتحقق له الحصول على حقه الطبيعي في خلافة وقيادة المسلمين – وهذا بحث يمكن تناوله في كتابات قادمة – الا انه استطاع من خلال ما يمتلكه من شخصية فريدة ان يتملك القلوب، ويكون عرشه على الارواح والمشاعر لعشرات بل مئات الملايين من البشر منذ يوم العاشر من المحرم سنة 61 هجرية الى يومنا هذا، -والى قيام الساعة- ويبسط مبادئه وقيمه واثاره وعنفوانه على العالم باسره.

يقول عباس محمود العقاد في كتابه ( الحسين عليه السلام .. ابو الشهداء) :" فليس في العالم اُسرة أنجبت من الشهداء ما أنجبتهم اسرة الحسين عدة وقدرة وذكرة، وحسبه أنه وحده في تاريخ هذه الدنيا الشهيد ابن الشهيد أبو الشهداء في مئات السنين، وأيسر شيء على الضعفاء الهازلين أن يذكروا هنا طلب الملك ليغمروا به شهادة الحسين وذويه . . . فهؤلاء واهمون ضالون مغرقون في الوهم والضلال؛ لأن طلب الملك لا يمنع الشهادة، وقد يطلب الرجل الملك شهيدا قديسا ويطلبه وهو مجرم بريء من القداسة، وإنما هو طلب وطلب، وإنما هي غاية وغاية، وإنما المعول في هذا الأمر على الطلب لا على المطلوب، فمن طلب الملك بكل ثمن، وتوسل له بكل وسيلة، وسوى فيه بين الغصب والحق وبين الخداع والصدق وبين مصلحة الرعية ومفسدتها، ففي سبيل الدنيا يعمل لا في سبيل الشهادة، ومن طلب الملك وأباه بالثمن المعيب، وطلب الملك حقا ولم يطلبه؛ لأنه شهوة وكفى، وطلب الملك وهو يعلم أنه سيموت دونه لا محالة، وطلب الملك وهو يعت بنصر الإيمان ولا يعتز بنصر الجند والسلاح، وطلب الملك دفعا للمظلمة وجلبا للمصلحة كما وضحت له بنور إيمانه وتقواه، فليس ذلك بالعامل الذي يخدم نفسه بعمله، ولكنه الشهيد الذي يلبي داعي المروءة والأريحية، ويطيع وحي الإيمان والعقيدة، ويضرب للناس مثلا يتجاوز حياة الفرد الواحد وحياة الأجيال الكثيرة، من ثم يقيم الآية على حقيقة الحقائق في أمثال هذا الصراع بين الخلقين أو بين المزاجين والتاريخين، وهي أن الشهادة خصم ضعيف مغلوب في اليوم والأسبوع والعام، ولكنها أقوى الخصوم الغالبين في الجيل والأجيال ومدى الأيام، وهي حقيقة تؤيدها كل نتيجة نظرت إليها بعين الأرض أو بعين السماء على أن تنظر إليها في نهاية المطاف" ، ويتوضح مما تقدم ان سيد الشهداء او – ابو الشهداء – كما يسميه العقاد كان لديه هدفان رئيسيان من خلال نهضته المباركة : الاول هو طلبه لحقه في خلافة ابيه واخيه – وهو حقه الطبيعي كما نص بذلك النبي الاكرم( صلى الله عليه واله) في كثير من الروايات الموثوقة- وهذا الهدف وان لم يتحقق بسبب المعادلة العسكرية الغير متكافئة، وخذلان الناس عن نصرة الحسين(عليه السلام)، ومنع انصاره ومواليه من نصرته والخروج معه بسبب زج الكثير منهم في سجون ابن زياد، ومطاردة وتهجير وقتل الاخرين، الا ان الامام الحسين ( عليه السلام) استطاع من تحقيق الهدف الثاني وبنجاح كبير، الا وهو اقامة الشريعة الاسلامية والحفاظ عليها من الزيغ والاهواء، وتمكنت مبادئ واهداف وقيم ثورة سيد الشهداء(عليه السلام) ان تكون منارا ومنهجا ونبراسا لكل الثوار في العالم، ولكل من ينشد الحرية والمساواة والعدالة ونبذ الظلم، وطريقا للوصول الى الكمالات في جميع جوانب الحياة الانسانية، ومن خلال ذلك اخذ الحسين(عليه السلام) بلب العقول، واستحوذ على المشاعر والقلوب، وتملكها، فاصبح حب الحسين علامة فارقة لدى من ينشد القيم الانسانية، واصبح الحسين ملكا على قلوب ومشاعر هؤلاء الذين امنوا به وبنهضته المقدسة في كل زمان ومكان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك