ويؤكد وجود تلك الذخيرة بين قتلى المتمردين بوادي كورانغال- وهي منطقة قريبة من الحدود الأفغانية الباكستانية، التي غالبًا ما يحتدم فيها القتال- على أن ذخيرة حصل عليها البنتاغون جرى تسريبها من القوات الأفغانية ليتم استخدامها بعد ذلك ضد القوات الأميركية.
وما زال مدى هذا الأمر غير معلوم، كما أن خزائن الذخيرة الثلاثين لم تمثل إلا عينة وحيدة لما يقل عن 1000 رصاصة. ومع ذلك، يقول ضباط الجيش ومحللو وتجار أسلحة، إن هذا الأمر يشير إلى وجود احتمالية من شأنها أن تبعث على القلق: فمع الرقابة الأميركية والأفغانية المتقطعة على المخزون الضخم للأسلحة والذخيرة التي تم إرسالها إلى أفغانستان طوال الحرب الدائرة على مدار ثمانية أعوام، ربما ساعد ضعف النظام والفساد المتفشي بين القوات الأفغانية على استمرار وصول الأسلحة والإمدادات إلى أيدي المتمردين.
وظهرت تقارير تفيد وقوع هذه الأسلحة بين أيدي المتمردين، ومنها أسلحة تم استخدامها في معركة دارت العام الماضي، ووقع فيها 9 قتلى من بين صفوف الأميركيين. وفي المقابل، أوضحت القيادة الانتقالية الأمنية المشتركة لأفغانستان- وهي الوحدة التي تقودها الولايات المتحدة والمنوط بها تدريب وإمداد القوات الأفغانية، أنها جعلت محاسبة كل ممتلكات قوات الشرطة والجيش الأفغاني على رأس أولوياتها، فضلاً عن أنها شرعت في اتخاذ خطوات لتحديد أماكن البنادق والرشاشات التي تم إصدارها حتى ولو كان ذلك منذ سنوات ماضية. وبالمثل، شرع البنتاغون في إنشاء قاعدة بيانات للأسلحة الصغيرة التي تم إصدارها للوحدات الأفغانية.
ولا يوجد نظام محاسبي شامل يتعلق بالذخيرة، وذلك على أساس صعوبة تعقبها، علاوة على أنها أكثر قابلية للتسرب مقارنة بالأسلحة النارية، إذ تتبادلها الأيدي نتيجة للفساد، والمبيعات غير القانونية، والسرقة، وفقدانها في ميادين المعارك.
وأشار ضباط الجيش إلى أن الولايات المتحدة لا تفحص كل الأسلحة والذخيرة المصادرة من المتمردين لمعرفة كيف وقعت في أيديهم، أو إذا ما كانت الحكومة الأفغانية تعد بصورة مباشرة أو غير مباشرة مصدر إمداد مهما لحركة طالبان. وتعود الأسباب في هذا إلى الموارد والتسجيل المؤسسي المحدودين، بالإضافة إلى غياب التعاون بين الوحدات الميدانية، التي تجمع مثل هذه الأسلحة، والمحققين والمشرفين الموجودين في كابل الذين بإمكانهم تعقب هذه الأسلحة. وفي هذه الحالة، صادرت خزانات بنادق فصيلة تابعة للسرية (ب)، من الكتيبة الأولى، الفرقة 26 مشاة- وهي الفصيلة التي قتلت 13 متمردًا على الأقل في كمين ليلي شرق أفغانستان. وفتش الجنود بقايا المتمردين، وجمعوا منهم 10 بنادق، وقاذفة قنابل يدوية، بالإضافة إلى 30 خزانة بنادق فضلاً عن بعض العتاد الآخر. ومن غير المعتاد أن يتم السماح بالوصول إلى معدات طالبان، إلا أنه وبعد هذا الكمين، سمحت السرية لمراسل الصحيفة بفحص العتاد العسكري. وقام المراسل بالتقاط صور للأرقام المتسلسلة والعلامات المدموغة أسفل الخراطيش، وهي العلامات الدامغة التي يمكن من خلالها معرفة متى وأين تم تصنيع هذه الذخيرة. وتم بعد ذلك مقارنة هذه العلامات بالذخيرة الموجودة في نشرة الحكومة، وسجلات المراسل الصحافي الخاصة بالذخيرة. ونوع الذخيرة الموجودة في لب القضية هو عيار 7.62×39 مليمتر، وهي من أكثر فئات رصاص الأسلحة العسكرية الصغيرة المتوفرة عالميًا، ويمكن أن تأتي من عشرات الموردين المحتملين حول العالم. وتُستخدم هذه الذخائر في بنادق الكلاشينكوف والأنواع المحاكية لها، ويتم صناعتها في العديد من الدول، ومنها روسيا والصين وأوكرانيا وكوريا الشمالية وكوبا والهند وباكستان والولايات المتحدة ودول معاهدة وارسو السابقة بالإضافة إلى العديد من الدول الأفريقية. ويوجد في العديد من الدول الكثير من المصانع، كل منها لديه علامة تجارية محددة.
وأوضح الفحص الذي أُجري على الرصاص الذي وُجد بحوزة عناصر طالبان على الانحراف، إذ احتوت 17 خزينة منها على ذخيرة حملت نوعين من العلامات، وهما: إما الكلمة «WOLF» والمكتوبة بحروف كبيرة، أو كلمة «bxn» المكتوبة بحروف صغيرة.
وترجع كلمة «WOLF» إلى شركة «وولف بيرفورمانس أميونيشن» للذخيرة، والموجودة في كاليفورنيا، وتقوم الشركة ببيع رصاصات روسية الصنع لأصحاب الأسلحة الأميركية. وتوفر الشركة أيضًا الرصاصات إلى الجنود وضباط الشرطة الأفغان، ويتم تزويدهم بها عبر وسطاء. ويمكن العثور على ذخائر هذه الشركة في مخازن الحكومة الأفغانية. أما علامة «bxn» فكان يتم استخدامها سابقًا في مصنع تشيكي خلال الحرب الباردة. وفي عام 2004، تبرعت الحكومة التشيكية بفائض الذخيرة والعتاد الموجود لديها إلى أفغانستان. وحسبما أورد الجيش الأميركي، فقد شحنت شركة «إيه. إي. واي»- التي كانت تزود البنتاغون سابقًا بالأسلحة- فوائض الأسلحة التشيكية إلى أفغانستان، بما فيها الرصاصات التي تحمل علامة «bxn». وكانت أغلب الذخائر التشيكية والذخيرة التي تعود إلى شركة «وولف» التي عثر عليها في خزائن الذخيرة التي كانت بحوزة طالبان، في حال جيدة ولم يبدو عليها سوى القليل من التآكل، أو العطب، مما يوضح أنها تم إخراجها أخيرًا من الصناديق الحاوية لها. ولا يوجد أي دليل يفيد أن شركة «وولف»، أو الحكومة التشيكية، أو شركة «إيه. إي. واي» قد شحنت أي ذخيرة إلى متمردي أفغانستان.ويقول جيمس بيفان، وهو باحث متخصص في الذخيرة يعمل لصالح مجموعة «سمول أرمز سيرفاي» البحثية المستقلة، إن تركز ذخيرة طالبان المتطابقة من ناحية العلامات الموجودة عليها والظروف لتلك الذخيرة التي تستخدمها الوحدات الأفغانية، يوضح أنه في الأغلب تم تسريب الذخيرة من مكان حكومي. وقال إن هناك تفسيرا محتملا هو أن المترجمين الفوريين أو الجنود أو رجال الشرطة باعوا الذخيرة لتحقيق أرباح أو قاموا بتسريبها لأسباب أخرى، منها تقديم الدعم للمتمردين.
https://telegram.me/buratha