كريم الوائلي
اثبتت التجربة التاريخية والعملية ان التجربة السياسية ، حيث ما كانت ، لا تشكل على الدوام وصفة جاهزة لعلاج امراض مثيلاتها من التجارب السياسية سواء كانت في نفس بيئتها او بغيرها ولكن التجارب السياسية بمجملها هي تجارب انسانية وان تهعددت اشكالها وتطبيقاتها وهي في الوقت ذاته ملك مشاع للبشرية جمعاء ، وما وصل الينا من التجارب القريبة العهد ان البطاطة كادت ان تطيح بحكومة المانيا الشرقية السابقة التي انفصلت عن المانيا الحالية كنتيجة من نتائج الحرب العالمية الثانية وهتفت الجماهير المحتشدة امام مقر الحكومة بوجوب توفير البطاطة التي تشكل غذاء اساسيا لشعوب اوربا وطالبت الحشود السلطة الحاكمة بالبحث عن شعب آخر تحكمه غير الشعب الالماني واذا كانت البطاطة سببا في طرد سلطة لم تستطع توفرها فما بالك بالطاقة والخبز والمياه والامن والسيادة ترى فمن الاولى بالرحيل ، في حالت العراق هذه ، السلطة ام الشعب ، ومن الاولى بالبحث . . سلطة يتعين عليها ان تبحث عن شعب تحكمه ام شعب يبحث عن وطن آخر يسكنه ، سلطة نكلت بقسمها وتنصلت عن وعودها وعجزت عن مهامها ، ام شعب منح السلطة ثقته وصوته وحق تمثيله ، قد تبدو المعادلة فيها شيئ من الحديّة ورب قائل يقول ان حالة العراق تشف عن حقيقة وواقع اثبت ان السلطة محشوة بعوامل اجهاضها وملغومة بعناصر مائلة عنها تعمل على تغيير الاتجاه الديمقراطي في الحكم والتداول السلمي للسلطة وان القادة والشعب في زورق واحد يمخر في عباب بحر تسكنه حيتان الارهاب والجريمة السياسية وعصابات الفساد والافساد وتواجهه تحديات - داخلية وخارجية - لا حصر لها ولا مثيل وهذا واقع معيش حقا وقد لا يختلف عليه اثنان ولكن الذي لا يبدو منطقبا ولا منسجما مع الواقع ان تأخذ الفرص في قيادة الحكم اخذا والاستغراق في التجريب وتحميل الشركاء الذين اجبروا في الوقوف على التل تبعيات فشل التجربة وتعميق الازمات ومنح الفرص المناسبة لاعداء المسار الديمقراطي للبلاد في الاجهاز دفعة واحدة على كل ما حققه العراقيون من انتصارات على الدكتاتورية وحكم الحزب الواحد . ومن المثير للقلق ان يتجاهل المسؤلون عن الازمات الخطيرة الحالية كل المقترحات والبرامج التي قدمت لهم والتي من شأنها وضع حد لازمات الشعب العراقي ومعاناته ولا سيما برامج الاستثمار في مجال الطاقة الكهربائية ووامكانية تقديم افضل الخدمات للشعب العراقي وتوفير المزيد من الاموال التي يحتاجها العراق في مجالات اخرى والتخلص من الفساد المالي المستشري في اجهزة الحكومة والذي اجهز على برامج البناء والاعمارعلى الرغم من الوعود والعهود التي اطلقتها الحكومة والزمت بها نفسها في ملاحقة الفساد والفاسدين وكشف الحقائق امام الرأي العام العراقي ، وعلى العكس من ذلك تماما فقد مارست الحكومة التستر على المتهمين بالفساد وحالت دون كشف الحقيقة والاكثر مرارة من ذلك ان يلام الشعب العراقي ويعنف على ممارست حقه في الاعتراض على سياسة الحكومة الاقتصادية والاحتجاج على تبذير اموال الشعب دون تخطيط محكم ورؤية استراتيجية ، ولم يفعل المحتجون العراقيون ما فعله نظرائم اليونانيون او الفلبينيون في احتجاجاتهم الاخيرة ، ومن باب النصح فان على الحكومة ان ترفع شعار يفيد بأن المواطن دائما على حق ، ومن باب التذكير والتحذير لابد من الاشارة الى ان الشعب العراقي يختزن طاقة احتجاجية وتسقيطية هائلة اشبه ما تكون بأعصار كاسح ومخيف لم تصده اكبر عجلة قمعية عرفها التاريخ كتلك التي كان يملكها النظام البائد وقد ادرك رأس النظام المنهار تلك الحقيقة واعترف بها عندما قال بمرارة انه لمن الصعب استمالة الشعب العراقي او ترويضه ، واذا كانت الاعتراضات والاحتجاجات الشعبية لا تروق للسلطة - اية سلطة - فيتعين عليها البحث عن شعب تحكمه غير الشعب العراقي الذي تقبلت ذائقة مذاق الحرية ونكهة الديمقراطية وبحكم ارثه الحضاري تعاطى معها بسهولة وتقبلها بأنضباط على الرغم من شحة التقاليد الديمقراطية التي رافقت منظومة الحكم في الدولة العراقية منذ تأسيسها .
https://telegram.me/buratha