المقالات

(الشخصنة) أمة تعيش بالمقلوب /

917 15:32:00 2010-07-03

حافظ آل بشارة

كلما اندلع حريق في صريفة التفاهم الوطني سمع المتفرجون على الحريق بكاء وشكاوى تدور على السنة الضحايا وهم يقولون : انها الشخصنة ، انها الشخصنة ، ثم يظهر رجال من ذوي القمصان النظيفة على الشاشات ليقولوا : نعم ، نعم ، كل الذي يصيبنا سببه الشخصنة ، فيبادر احد المتحاورين وقد انتفخ في رقبته وريد بلون ازرق فاتح فيشير الى المتحاور الآخر بيد مرتعشة غضبا ليقول له : انتم اهل الشخصنة ولسنا نحن ، فيرد عليه الآخر وهو متوتر : احترم نفسك انتم اهل الشخصنة ، كثير من الناس يتفرجون على هذا الحوار وهم لايفهمون بدقة ماذا تعني (الشخصنة) وبسبب مشكلة الكهرباء ربما يتصور البعض ان الشخصنة محولة عاطلة ، أو بارجة لتوليد الكهرباء مشتراة بصفقة فساد وهي لا تعمل ، لكن في الحقيقة هذا المصطلح يعني مصائب اكبر من مصيبة الكهرباء والماء والفساد والبطالة والارهاب والفقر والكفر ، انه يعني تنشيط العادات الاستبدادية للساسة تحت مضلات ديمقراطية ، وفي العالم العربي يتواصل الفشل في معظم مجالات الحياة بسبب الشخصنة اي هيمنة الحاكم الفرد المغلفة بالشعارات ، كان العرب يتصورون ان اطلاق حرية تشكيل الاحزاب وتنافس الاحزاب على السلطة والتعددية والانتخاب ستؤدي الى اختفاء مرض الشخصنة ، ولكن التجربة الديمقراطية في لبنان والعراق افرزت حقائق محزنة فقد اتضح ان الالتفاف حول الشخص هو من تقاليد المجتمع العربي ، وهو وباء مستوطن مثل اسهال الزحار ، أو مثل بقعة زفت تحت شمس تموز كلما القيت عليها مزيدا من التراب ساحت وانبثقت من جانب آخر ، الاحزاب في العالم العربي تعمل في البداية بشكل جماعي ثم ينحني مسارها يوما بعد آخر لتقع في فخ الشخصنة فيتحول الحزب الى حاشية لتقديس الامين العام ، فبدلا من استخدام الآليات الحزبية في الانفتاح على الشعب وتعزيز الديمقراطية يصبح الحزب وسيلة للشخصنة وحمايتها والترويج لها ، التاريخ الشرقي تغلب عليه سيرة الملوك وليس سيرة الامة ، وقراءة التاريخ بوعي تثبت ان جميع القرارات المدمرة في التاريخ هي قرارات فردية وليست جماعية ولأنقاذ الامة من الشخصنة ينبغي التفكير بحل جذري وهو جعل الامة تشعر بأن سلب شخصيتها اهانة ومخالفة صريحة لنظرية الحقوق الانسانية وهي قادرة على تجاوزها ، واذا قبلها الناس عن طيب خاطر ستكون الشخصنة نتيجة وليست سببا في المعضلات ، هناك منهج يحاول تقسيم الشخصنة الى شخصنة ايجابية وأخرى سلبية خلافا لمعطيات الواقع الدالة على خطرها في الحالين وكونها نهجا متخلفا غابرا لا يمكن معه تحقيق أي هدف ، تزداد المشكلة تعقيدا عندما تأتي الديمقراطية معلبة ويتم تطبيق آلياتها خالية من روحها ، فتسفر التجربة عن سلم معكوس يسير بالمقلوب : اختصار الأمة في حزب ، ثم اختصار الحزب في شخص ، ثم يصبح قرار الشخص كارثة على الأمة يجب ان تتقبلها بصمت .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد العراقي
2010-07-03
كلام جميل
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك