عماد الاخرس
إن سبب إطلاق تسمية كارثة على محنة تشكيل الحكومة العراقية وليس أزمة كما يسميها الجميع هو إن الأزمة عادة لن تكون بها خسائر أما الكارثة فتعنى بان هناك موت ودمار وهذا هو حقيقة ما يرافق المحنه الجارية حاليا.ومن إحصاء عدد الشهداء والجرحى خلال ما يقارب الأربعة شهور من هذه الكارثة والتي تلت انتخابات آذار 2010 نجد إنها تتجاوز الآلاف.. وهذا العدد كان بالإمكان أن يكون اقل بكثير لو تم تشكيل الحكومة في شهرها الأول .وبما إن موت عراقي واحد ضحية فقدان الأمن والإرهاب في نظر كل إنسان شريف بأنه كارثة.. لذا فليس هناك أي شك في صحة إطلاق هذه التسمية على محنه تشكيل الحكومة العراقية . لقد مرت هذه الشهور الأربع والعراقيون يناشدون ربهم في كل ساعة منها بالفرج سرا وعلنا ويدندنون مع أنفسهم أنغام الأغنية العراقية القديمة ( يمته الفرج يا ربى ) والتي أصبحت مسجله في ذهنهم ويتم ترديدها صباح مساء بانتظار خبر انفراج هذه الكارثة.مائه وستة عشر يوما منذ عرس آذار الانتخابي ولغاية اليوم ووسائل الإعلام المقروءة والمكتوبة تنقل أخبار مفصله ومملة عن الحراك السياسي لقادة الكتل والأحزاب الفائزة وتنشر آلاف المقالات التي تحتوى على مختلف الآراء و التحاليل السياسية وتعقد ألوف أخرى من الندوات واللقاءات على قنواتها الفضائية وفى الصحف .. ولابد من الاعتراف بان هذه التحركات والتفسيرات والمواقف المتشابكة سببت للمواطن العراقي الصداع والشقيقة ومختلف الأمراض النفسية .أما الساسة العراقيون فأصيبوا بولع الظهور على شاشات القنوات الفضائية ويتبادلون الأدوار بين الرافع والكابس.. وبتعبير آخر بين التهديدات والتصريحات النارية والتهدئة بقرب ساعة الفرج .. والحصيلة النهائية الضياع وعدم الاستقرار والدوران في حلقه مفرغه والاستمرار في جهلهم بساعة الفرج !! .. أما نتائج اجتماعاتهم ولقاءاتهم فأصبحت روتينيه معروفه و لا تتعدى الاتفاق على تشكيل اللجان !!الدكتور ( علاوى ) يهدد بان تشكيل الحكومة هو حق دستوري لقائمته و الأستاذ ( المالكي ) متمسك بتفسير المحكمة الاتحادية ومصمم على إن الكتلة البرلمانية الأكبر هي المسئولة عن ذلك ولم نسلمها أبدا .. أما الدكتور (عمار) فيسعى للحلول الوسطية ولقاء الطاولة المستديرة بينما الصدريين ليس لهم أي هم سوى إقصاء مرشح الدعوة ( المالكي ).. ولم يبقى سوى رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي هو الآخر اشتبكت عليه الأمور وبدأ يطلق تفسيرات غير مستقره لنقاط الخلاف تبعا لقوة الجهات التي تضغط عليه بعضها بأثر رجعى وأخرى يتم ترحيلها إلى البرلمان القادم !!والكارثة الكبرى هي أن الساسة العراقيون يتصارعون على حصة الأسد من هذه الجولة الانتخابية والحصول على أعلى سقف من المطالب وكأنها الأخيرة التي ستتوقف الحياة بعدها مع أن اغلبهم شارك في صياغة الدستور الذي ورد فيه إجراء الانتخابات البرلمانية كل أربعة أعوام والحقيقة إنهم غير واثقون من الأيام ويتسابقون لبناء قواعد لهم ولحاشيتهم قبل الآخر ولم يسألوا أنفسهم ولو مره عن مصير القواعد والحاشية التي تم بنائها من قبل غيرهم لأكثر من ثلاثة عقود ! وبالطبع نتيجة هذا الحال المضطرب من الحراك السياسي أصبح الوطن الجريح منسيا وبؤره لتزايد النشاط الإرهابى الذي استهدف بكل جسارة بناه التحتية من ( فنادق ومصارف ووزارات وجسور .. الخ ) وتم تعطيل كل مؤسساته الإنتاجية وضياع كل قيمه الجمالية . أما المواطن فهو الآخر منسيا وواقع تحت نار تردى الخدمات والبطالة والفقر والفساد المالي والإداري وفقدان الأمن والموت الذي يطارده بين الخطف والاغتيال والتفجير العشوائي.وبسبب هذا الوضع المؤلم للوطن والمواطن تم تصنيف بغداد ضمن أسوأ المدن في العالم !!واختم مقالي بتوجيه الأسئلة التالية إلى قادة الكتل السياسية الفائزة.. الأول.. هل هناك فرج لكارثة تشكيل الحكومة العراقية على الأفق المنظور؟ ..الثاني.. هل سيستمر صراعكم السلطوي إلى الأزل ؟.. الثالث.. ألا تحزنكم نتيجة المسح البريطاني التي وضعت بغداد ضمن أسوا المدن في العالم ؟ ..الرابع .. ألا يثير فيكم هذا التصنيف الغيرة العراقية لتقديم التنازلات والإسراع بتشكيل الحكومة ؟ الخامس والأخير .. ألا يصيبكم الغضب والاستياء وانتم تسمعون المواطن العراقي يدندن مع نفسه يوميا.. يمته الفرررررررررررررررررج يا ربى !!
https://telegram.me/buratha