حافظ آل بشارة
يبدو ان عملية تشكيل الحكومة تتطلب دعاية وتلميع ذاتي تشبه الدعاية التي تسبق الانتخابات ، ولا بأس أن يقوم البعض بتسويق انفسهم ولكن عليهم مراعاة الامانة والمحددات الاخلاقية والقانونية ، فمن العيب ان يواصل بعض الطامحين توجيه الذم والافتراءات الكبيرة الى شركاءهم الوطنيين ويقدموا أنفسهم على انهم الملاك الابيض الطاهر مقابل الشياطين الزرقاء ، هذا ما تطلقه وسائل اعلام ماجورة من لهيب في اجواء البلد التي لا تحتاج الى مزيد من الشرر لكي تحترق ، منهج مريض مبني على تشويه سمعة الآخرين واسقاطهم والصعود على اشلاءهم نحو امتيازات وهمية يتصورونها خالصة لهم دون الآخرين ، فيصفون الدورة السابقة وحكومتها على انها مسجلة بأسم مكون معين وجماعة محددة ويقولون ان الجماعة الفلانية حكمت البلد طيلة تلك المدة وانها فشلت واوصلت الامور الى هذا المستوى من الازمات ولابد من ان نتقدم كمنقذين ، كما يقولون ان الشعب العراقي اراد في الانتخابات اختيار الطرف الذي ينقذه من هذه الكارثة وقد وقع الاختيار على الحزب الفلاني لانقاذ العباد من الحزب الفلاني . والحقيقة ان الامور لم تكن سائرة بهذا الاتجاه خلال الانتخابات ، فالنتائج عبرت عن فرز طبيعي ورتيب حيث التف كل أناس حول من يمثلهم على اساس اعتبارات عرقية ودينية ومناطقية وهذه هي عناصر الولاء التي تحكم حركة الشعوب في الانتخابات خاصة في بلد مثل العراق ولا توجد عناصر اخرى بديلة ، واذا كان طرف ما يرى نفسه قد حقق قفزة غير متوقعة فالاسباب واضحة وقد (طمطمها) الاخوة خدمة للمصلحة الوطنية . ان محاولة تسجيل حكومة الدورة الماضية باسم مكون سياسي او مذهبي معين والقاء اللوم عليه واعتباره المسؤول عن حالات الفشل محاولة مكشوفة لا يمكن ان تنطلي على احد وفيها مخالفة صارخة لمعطيات الواقع الميداني فالمعروف أن الحكومة كانت حكومة محاصصة ، وكانت في شكلها ومضمونها واداءها تقدم للملحدين افضل دليل على وجود الخالق تعالى وكونه القوة الوحيدة المتصرفة بهذا الوجود فقد كان استمرار تلك الحكومة قد تم بلطف الهي خاص ومعجزة غيبية ، كانت تلك الحكومة فلتة وقى الله شرها فهي خليط من المتدينين والمجتثين واللصوص والمطلوبين ومجهولي الحال ، وهي مقسمة من الوزير الى الكناس على الاحزاب تقسيما عادلا ، كيف يمكن لهذه التوليفة المتناقضة ان توصف بأنها حكومة تابعة لجهة أو مكون ؟ من يتجاهل هذه الحقيقة فهو مغرض و غير نزيه في توجيه الرأي العام ، ولو أن هذه الدولة الفتية قررت الآن استخدام آليات سليمة في تشكيل الحكومة المقبلة وتطبيق معايير الكفاءة والنزاهة والسابقة السياسية لوجد كثير من اصحاب هذه الدعاية الساذجة انفسهم خارج دائرة الثقة وخارج دائرة النزاهة ومطلوبين للقضاء .
https://telegram.me/buratha