حافظ آل بشارة
الأزمة التي يمر بها العراق فيها اختبار لجميع الاطراف السياسية والاعلامية والشعب ووعيه ومعرفته لحقوقه ، كل الاطراف يمكن ان تخرج بنتيجة من هذا الاختبار الا الاعلام لأن البعض يتهمونه مقدما بانه يشعل الفتنة ، في كل ازمة عادة هناك طرف يوصف بأنه هو السبب في اثارتها وهو الاخ المنحرف الدنيوي المستبد الذي يجب ان يرجم ، وطرف يوصف بأنه رمز التسامح و الاصلاح ومن أراد النجاة من الفتنة فليلتحق به ومن دخل دار ابي سفيان فهو آمن ، وطرف سياسي آخر يشعر بأنه يدفع الثمن ظلما وعلى الآخرين ان يشاركوه البكاء واللطم حتى الصباح ومن لا يلطم فهو خائن ، أما الطرف المنسي في هذه المعادلة فهو الشعب العراقي ويفترض ان يكون كغيره من شعوب الانظمة الديمقراطية سيد نفسه وسيد الحاكمين الذين ينتخبهم ويضعهم مواضعهم وان شاء أنزلهم من كراسيهم وجاء بقوم آخرين ، هذا الشعب رأيه العام وقوله وفعله تشريع ومعيار لصلاح الحاكمين وفسادهم ومن رفضه الناس فهو مرفوض ولو جاء بنزاهة وكفاءة الثقلين ، الشعب عندنا متهم مذموم مطعون في دينه موصوف بالغدر والجهل ، بربكم هل هذه ديمقراطية ؟ أما الطرف المتهم الآخر فهو الاعلام عندما يكون مهنيا ومستقلا وموضوعيا ، فهو بهذا الاعتبار وكما يقول الاجانب سلطة رابعة ، ويكون للسلطة الرابعة مصداق عندما تكون السلطات الثلاث الاخرى حقيقية وتمارس دورها. فكيف اذا كانت تلك السلطات مشلولة أو نائمة أو خائفة فمن أين تأتي السلطة الرابعة ، الاعلام العراقي يعيش اوضاعا مضحكة ، فاذا انحاز الى الحكومة وقال انها منتخبة وناجحة وتحتاج الى دعم قالوا انه اعلام بلاط والله اعلم كم اعطوه ليقول هذا الكلام ، واذا قال ان الحزب الفلاني لديه برنامج جيد أو رؤية صحيحة ويجب مساندته قيل انه تابع للاحزاب ومرتزق وغير محايد ، واذا قال ان الناس مساكين ولهم حق المطالبة والاحتجاج ويجب تقديم مصلحتهم على كل شيء ومحاسبة المقصرين ، قالوا انه اعلام تحريضي يصب الزيت على النار ومتآمر فيجب وقفه عند حده ، واذا قال الاعلامي ان الوضع في هذه البلاد لا يطاق ، ارهاب وخوف وفقر وتراجع وفشل ولا بد من حل لهذه الازمات قيل له : اتق الله ما هذا التشاؤم والسوداوية وكم اعطتك المخابرات الاجنبية ولماذا تسب الامة العربية ؟ لماذا تكون كلمة الاعلامي ثقيلة الى هذا الحد ولماذا يتحدث السياسيون اشكالا والوانا ولا يحاسبهم أحد ؟ من الذي يمكن ان يثير الفتن ويريق الدماء ويضرم الحرائق بتصريحاته هل هو الاعلامي المستضعف المغلوب على أمره أم هو السياسي صاحب القرار والقوة والاموال ؟ اذا تحدث الصحفي ضمن خبر او تحليل او تعليق اشرأبت الاعناق واكفهرت الوجوه واستعدت القوات للانقضاض ، وأخيرا اذا قتل السياسي وجد الف باكية ترثيه والف محام يطالب يالقصاص من قاتليه ، اما الاعلامي فدمه ضائع بين القبائل ، ويجد الف موظف نزيه مستعد لسرقة منحة ايتامه الضائعين
https://telegram.me/buratha