حسن الهاشمي
ألا يعلم المسؤول في الدولة العراقية الديمقراطية إن مسألة الكهرباء باتت اليوم تشكل عصب الحياة؟! وإنها الأولى في الخدمات ويجب أن تقدم على ما سواها، وإن صلحت صلح ما سواها وإن فسدت فسد ما سواها، لاسيما أن العراق بلد غني وبلد نفطي تفوق ميزانيته السنوية ميزانيات ومخصصات الكهرباء لدول جوار عديدة. والمسؤول نسمعه منذ عدة سنوات يبرر عدم تحسن وضع الكهرباء تارة بضرب أبراج الطاقة الكهربائية ومحطات الكهرباء من قبل الجماعات الإرهابية وتارة أخرى بنقص الوقود وتارة ثالثة بأعمال الصيانة .. ويبقى المواطن وسط هذه التبريرات المستمرة تزداد معاناته يوماً بعد يوم، وفي الواقع فان بقاء هذه المشكلة وعدم اكتراث المسؤولين بوضع حلّ لها وعدم اهتمامهم الكافي والمطلوب سيفقد الثقة بهم، وإن المعاناة في الجانب الكهربائي إذا ما استمرت على هذا المنوال ربما تتفاقم الأمور وتصل إلى ما لا تحمد عقباها. وإذا ما عزمت الحكومة على تقديم الأهم على المهم، وإذا ما كانت لديها همة ومصداقية في انجاز هذا الملف الشائك وطنيا أم استثماريا لكان بمقدورها ذلك، ولكننا وحسبما يقول الخبراء الاقتصاديون إن ما ينقصنا هو التخطيط السليم والبرنامج الواضح والقوانين المساندة للاستثمار وتشجيع الشركات الأجنبية على المجيء للعراق والمباشرة بنصب المحطات ولاسيما في المحافظات الآمنة، إضافة إلى حالات الفساد والروتين التي بحاجة إلى وقفة جادة من قبل المسؤول لمعالجتها والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه اللعب بمقدرات الشعب العراقي الصابر إرهابا أو تخريبا أو اختلاسا لا فرق في ذلك. ولترسيخ الثقة بين المسؤول والمواطن في النظام الديمقراطي الذي نعيش جميعا في كنفه المبارك، فإن وزارة الكهرباء مطالبة بالعمل الجاد لرفع معاناة المواطن جراء ما يعانيه من تردي خدمة الكهرباء، وبلغت معاناة المواطنين حداً لم يعد يطاق مع استمرار الوعود من المسؤول بتحسين خدمة الكهرباء من دون أن يجد الناس لها أي مصداقية وتحقق!! والمواطن قبل التحرك الجماهيري السلمي المكفول دستوريا كان يتم إعطاؤه في الحر اللاهب خمس ساعات قطع وساعة ونصف مقطعة تزويد، ولكن هذه الزيادة الطفيفة ترقيعية وجاءت على حساب بعض الدوائر والمصانع المهمة، والفرصة ما زالت سانحة حاليا لإزالة المعرقلات وانجاز ما يمكن انجازه في الفترة المقبلة، ولكننا بحاجة إلى همة مضاعفة وتضافر جميع الجهود للتغلب على هذه المشكلة.وكان الأولى بالحكومة المنتخبة إن لم تغط مخصصات الكهرباء احتياجات الشبكة الكهربائية المتهالكة بالرغم من ضخامتها، أن تهتم خلال السنوات المنصرمة بدعم الاستثمار وتهيئة الأرضية المناسبة لمشاريعه مثلما هو حاصل في إقليم كردستان، حيث أنه استطاع أن يوفر للمواطن الكردستاني 22 ساعة تزويد يوميا وأعلن المسؤولون هناك أن نهاية العام الحالي سوف يشهد التغلب على مشكلة أسمها الكهرباء في الإقليم نهائيا، ولو اتبعت الحكومة الاتحادية هذه السياسة في المحافظات الآمنة وهي كثيرة، لاستطاعت أن تتغلب على مشكلة الكهرباء وتوفير الطاقة للمواطن بمبالغ أقل بكثير من المبالغ المصروفة على مولدات الوزارات والدوائر والمناطق والبيوت وما يعقبها من ضجيج وصرفيات إزاء ما تحتاجه من الوقود والتصليح وما شابهها.بالرغم مما قيل فإن مشكلة الكهرباء تبقى معقدة ونحن نثمن الجهود المخلصة التي صبت في اتجاه إبرام العقود مع الشركات العالمية لنصب محطات ضخمة تغطي احتياجات العراق من الطاقة وإن كانت تجرى ببطأ، ولا ندري ما هو سبب ذلك هل إن ملف الكهرباء بيد دول كبرى أو تتأرجح بين تجاذبات سياسية بين الكتل، وإنها بالضد من إصلاحه مادامت لها أجندات ترغب بتنفيذها على يد المنقذ المدّخر الذي على يديه تنفرج الأزمة حتى يصبح بطلا وطنيا في أعين الناس ولو كان ذلك على حساب معاناة المواطن!!! وإذا كان كذلك ولتبرئة ساحة المسؤول المنتخب والوطني الشريف، عليه أن يعلن للملأ حقيقة ما يجري من ضغوطات في هذا الشأن، إلا إذا كان ذلك يؤثر على حياته!! فليستقيل إذن المسؤول المعني بالأزمة - طبعا - ولا يتحمل وزر أمر مهم كهذا ليس له فيه ناقة ولا جمل... وذلك أضعف الإيمان، وليفسح المجال أمام وطني آخر - وما أكثرهم في عراقنا الحبيب - قادرا على حفظ المكتسبات الديمقراطية وفي الوقت نفسه ملبيا لطموحات المواطن بتوفير الخدمات وعلى رأسها الكهرباء.
https://telegram.me/buratha