ابراهيم احمد الغانمي
لم يكد مؤشر التفاؤل يرتفع قليلا بأنعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب العراقي الجديد بعد ان وصل الى مستويات متدنية وخطيرة، حتى عاد ذلك المؤشر للتراجع والانخفاض، بتراجع وانحسار فرص نجاح الكتل السياسية بالتوصل الى حلول سريعة للنقاط والمسائل الخلافية.وبينما تمر الايام تباعا وبسرعة تسير المفاوضات والمباحثات بين الفرقاء السياسيين ببطء كبير جدل، بل ان حالة الجمود السياسي عادت من جديد، واصبح الجميع يتحدثون عن توقف المفاوضات والمباحثات التي تمثل قضية رئاسة الوزراء العقدة الرئيسية فيها.واذا احتكمنا الى الدستور فأنه لم يتبق امام البرلمان الجديد الا ثمانية عشر يوما لينتخب رئيسا للجمهورية، وهذا لايمكن ان يتم الا بأنتخاب رئيس البرلمان ونائبيه. وبما ان البرلمان معطل، وان بدعة الجلسة الاولى المفتوحة اصبحت المهرب من مواجهة الاستحقاقات، وان الكرة في ملعب الكتل السياسية الفائزة وزعاماتها الكبيرة، فذلك يعني ان لابوادر في الافق العام للبلاد لقرب التوصل الى مخرج وحل مناسب للازمة التي يمكن ان تلد منها ازمات اخرى اذا لم يصار الى حلها ومعالجتها بأقرب وقت ممكن.الاجتماعات واللقاءات الثنائية والثلاثية بين وفود ولجان من اطراف سياسية مختلفة لم تفلح في حلحلة الامور والتقدم الى الامام، ربما على العكس، فأنها في ظل اصرار مختلف الاطراف على سقف مطاليبها وشروطها، تعمقت اجواء عدم الثقة واتسعت مساحة الهواجس والمخاوف، وكبرت الهوة، والدليل على ذلك انه بعد حوالي اربعة شهور من اجراء الانتخابات لم تفلح مسيرة الحوارات والمباحثات عن شيء ذي قيمة، وحتى التحالف الوطني الذي انبثق من الائتلاف الوطني العراق وائتلاف دولة القانون لم يغير الواقع السياسي بصورة فعلية وملموسة.فالتحالف الوطني يمثل حاليا الكتلة البرلمانية الاكبر، لذلك فأنه من المفترض ان يختار مرشحه لمنصب رئاسة الوزراء، ولكن مازال التباين في المواقف بين الائتلافين غير قليل بخصوص الية اختيار مرشح واحد من بين المرشحين الثلاثة، وهذا يمثل احد معوقات وعقد حسم الازمة. والمسألة الاخرى هي ان القائمة العراقية مازالت تعتبر نفسها الكتلة البرلمانية الاكبر وترى انها الاحق بأن تكلف ببتشكيل الحكومة وترفض تفسيرات المحكمة الاتحادية العليا للمادة 76، ولديها حججها في ذلك، وهي ترفض الدخول في مفاوضات حقيقية حول تشكيل الحكومة الا في حال تكليفها بهذه المهمة.وهذه عقدة اخرى ومعوق اخر، يقلل ويقلص فرص الحسم.والمعوق الاخر مطاليب ودعوات اطراف عديدة من بينها القائئمة العراقية، وبعد التحالف الكردستاني وقوى سياسية اخرى بتدويل الازمة بعد استعصاء حلها داخليا، وذلك بأشراك منظمة الامم المتحدة وجهات دولية اخرى واعطاء زمام المبادرة بيدها، وهذا في الواقع لبس توجها صحيحا وحقيقيا للحل بقدر ماهو خلط اكبر للاوراق، وتشتيت للجهود والمواقف. والمعوق الرابع هو عدم استعداد زعماء وقادة وممثلي القوى والكيانات السياسية المخلتفة وجها لوجه وطرح كل الاشكاليات بصورة واضحة وصريحة وشفافة، تجنبا لخيارات وقرارات قد لاتأتي في صالحهم، وهذا يعني الهروب من مواجهة الازمة وحلها، وان جاءت الحلول غير منسجمة مع الحسابات والمصالح والاهداف الخاصة.وليست المعوقات والعقدة الانفة الذكر هي الوحيدة، وانما هناك معوقات وعقد اخرى فرعية او ثانوية.وكل ذلك يدركه ويفهمه المعنيين بأوضاع البلد، الامر الذي يعني ان الحلول والمعالجات العملية والواقعية متيسرة، ولكنها تحتاج الى مقدار كبير من الشجاعة والاقدام ونكران الذات والاقرار بالواقع السياسي للبلد الذي يحتم ان يكون هناك توافق وطني وشراكة وطنية حقيقية، وتقديم ماهو عام على ماهو خاص.والمدخل لكل ذلك هو الحوار الشامل بين الجميع ليس عبر وسائل الاعلام والمنابر السياسية والقوى الخارجية، انما من على طاولة واحدة يلتئم حولها الجميع، وهذا مادعا اليه واكد عليه العقلاء منذ البداية والذي ستثبت الايام صحة تلك الدعوات وستثبت ايضا خطأ من عارضها وعرقلها لاي سبب كان.
https://telegram.me/buratha