ميثم الثوري
ثمة حقيقة لا غبار عليها ولا نقاش فيها وهي ان عملية البناء اصعب واعقد بكثير من عملية الهدم وخطورة التأسيس تفوق في الغالب خطورة التخريب. كما يحتاج البناء والتأسيس الى وعي استراتيجي بعيد المدى قد لا نحصد ثماره في القريب العاجل ولكن في المحصلة النهائية وتقادم السنين والتجربة نكسب ثماره جميعاً وان كان بعضنا يدفع ثمنه في بداياته التأسيسية.ومن هنا فان التريث والتأني في كسب النتائج لكل مشروع يحتاج الى زمن لنضجه واستحكامه امر مفروض واما التعجل في استحصال المكاسب والمنجزاب للمشاريع الكبرى فقد يعرض التجربة والمشروع الى الانهيار والخطر.وبناء التجربة الديمقراطية في العراق وان جاء على اثر ركام النظام السابق واكوام الاخطاء الهائلة التي ارتكبها هذا النظام وما استدعته تلك الاخطاء القاتلة من حرب مدمرة عرضت البلاد للاحتلال والسلب والنهب وانهيار كافة مؤسساته لكنها تجربة كبيرة وفريدة في المنطقة وربما تكون النموذج الافضل في العراق والمنطقة.هذه التحولات الكبيرة على مستوى الدولة العراقية الجديدة قد تحتاج الى المزيد من التضحيات والتحديات الداخلية والخارجية وربما تعرض اصحابها الى الكثير من الاهتزازات والاتهامات ولكنها تبقى هي التجربة النموذجية التي انهت ظاهرة الانقلابات وعقلية الاستئثار بالسلطة والقرار عن طريق القوة والعسكر واصبح المعيار الحقيقي لادارة السلطة هو صناديق الانتخابات التي لا يمكن تجاوزها او القفز عليها.وتبقى الدولة في كل هذه المخاضات هي فوق كل التوجهات والمزاجات وهي الاطار الجامع لكل الانتماءات والخصوصيات الدينية والمذهبية والعرقية وهي كذلك فوق كل التصورات الشخصية والفئوية والحزبية.لا احد يمكنه الادعاء والزعم بانه الاولى والاجدى لادارة الدولة في بلد متعدد الاطياف والطوائف وان كان من حق الجميع التفكير بادارة مفاصل الدولة ضمن السياقات الدستورية الشرعية ومن خلال ما تفرزه صناديق الانتخابات والاجماع الوطني.ولابد ان نعي جميعاً ان ثمة عرفاً سياسياً واجتماعياً اصبح واقعاً وقائماً في العراق لا يمكن تجاوزه او القفز عليه وان لم يشر اليه الدستور بصراحة ووضوح وهذا العرف يتمظهر باساس الحكم في العراق على اساس الشراكة الوطنية وادارته من قبل الجميع وان يكون الدور الاكبر في ادارته لممثلي الاغلبية في العراق وهو جزء من الاستلزام الديمقراطي الذي يمنح الاغلبية حقهم في الحكم كما لا يغمط الاخرين حقهم في هذا الواقع وضمن الاستحقاق الانتخابي والوطني.
https://telegram.me/buratha