ميثم الثوري
اثير الجدل مؤخراً حول القوة والضعف في رجالات الدولة في العراق الجديد واتسعت مديات هذا الجدل ليمس اصعب واعقد منصب وهو منصب رئيس مجلس الوزراء فاختلف الرؤى والقراءات حول قوة الشخص ام قوة المؤسسة؟ ثم اختلفنا في معايير ومحددات هذه القوة ومواضع الضعف فاصبحت المفاهيم متفاوتة ومشككة فلم يتضح مدلول القوة والضعف في الواقع في الاذهان فقد يتبادر الى بعضها قوة الرجل الذي يستطيع القفز على الدستور وحقوق الانسان ويستخدم ادواة السلطة التنفيذية بطريقة مفرطة في الاقصاء والالغاء بنفس التبادر المرتكز في اذهان الكثيرين حول الطاغية صدام المقبور وسرعة قراراته في السلم والحرب وجعل الدستور رهن خطة قلم كما كان يصرح.ازمة الفهم وتحديد المتبادر من مفهوم القوي او الضعيف هي التي ارتكزت في الذهن والذاكرة فلا تكاد ان تجد اثنين يتفقان على معنى واحد من معاني هذه المفاهيم وربما المتبادر المؤسف هو ارتكاز مفهوم القوي بممارسات الطاغية صدام التي جلبت العار والانكسار والاندحار للعراق واهله.• لو عدنا قليلاً الى ما نريد تأكيده في هذا السياق حول مفهوم القوي بالتبادر الظاهري المقبول حول هذا المفهوم لاستطعنا ان نجد مداليل مخالفة لسياقات الواقع السائدة ولعل ما اشرن اليه بنات شعيب في الخطاب الالهي "يا أبت استأجره ان خير ما استأجرت القوي الامين" لايعني بالضرورة ما يشير اليه المعنى السائد لمفهوم القوة، فقد ارتبطت القوة بالامانة وتلك القوة لا تعني القمع والقهر والردع فان النبي الاكرم قد قال " ليس الشديد بالصرعة بل الشديد من يمتلك نفسه عند الغضب" ووصف مولى المتقين علي بن ابي طالب (ع) المتقين في نهج البلاغة بقوله " انك تجد في أحدهم قوة في لين وحزم في يقين". ومن هنا فان المقصود بالقوي القراني ليس هو نفس المقصود بالقوي السائد في اذهان الاخرين فقد نضع تساؤلات حول هذا المفهوم واستفهامات بشكل محدد وموجز ونشير اليها بشكل اجمالي وهي هل القوى من يتراجع عن قتل خصمه في حالات الغضب عندما يبصق بوجهه ذلك الخصم لكي يقتله غضباً لله لا لنفسه؟ وهل القوى من يتقي ضربة علي بن ابي طالب ويكشف سؤته في رابعة النهار عندما يشعر بوقوع سيف ذي الفقار على رأسه أم من يمتنع من ضربه ترفعاً ونبلاً لكي لا يشوه وجه التأريخ بنفس طريقة ابن العاص المشوهة؟وهل القوي من يخاطب اصحابه عشية المنازلة العنيدة مع جيش يزيد بن معاوية في رمضاء كربلاء "ان الليل قد غشيكم فأتخذوه جملاً" ام من يحرق سفنه ويخاطب جنده "ان البحر من وراءكم والعدو امامكم" ليضع جنده امام مواجهة الامر الواقع ويمنع عنهم كل مجال للاعتذار او الخيار او الرغبة الاكيدة في المنازلة عن قناعة واختيار وليس اجباراً واضطراراً؟في النظم الديمقراطية السائدة يتمظهر ويتمحور مفهوم القوي بخلاف ما يتبادر بالنظم الديكتاتورية والاستبدادية فالقوة الحقيقة في النظام الديمقراطي النظام البرلماني تحديداً فقد يكسب الفرد (المسؤول) قوته من قوة البرلمان باعتباره هو المسؤول عنه وهو الذي ينتخبه لهذا الموقع او ذاك وكذلك العكس فقد يضفي البرلمان الضعيف على المسؤول الضعف والتراجع والتردد واذا كان البرلمان قوياً فتتحقق القوة بالضرورة للرجل القوي بينما لو كان البرلمان ضعيفاً فقد ينزاح هذا الضعف على من يترشح عنه بينما الرجل القوى بالمعنى السائد قد يريد برلماناً ضعيفاً ومؤسسات دستورية اضعف لكي يمرر ما يشاء من خلالها بينما لو كانت تلك المؤسسات قوية فان النظام سيكون قوياً بالضرورة.
https://telegram.me/buratha