احمد عبد الرحمن
لايستغرب المرء حينما يسمع عن مقتل شخص او اثنين او عشرة او حتى مائة في بلد يحكمه نظام ديكتاتوري استبدادي بالحديد والنار، ولاوجود ولا احترام فيه لقوانين حقوق الانسان ولا اهتمام بمطاليبه، لاسيما اذا كانت مشروعة ومعقولة ومقبولة، ولكن الامر يكون مختلفا تماما في بلد يمتاز بوجود نظام ديمقراطي، ويخضع لدستور يحدد حقوق الافراد وواجباتهم، وكذلك واجبات ومهام الدولة سواء كانت متمثلة بالحكومة -المركزية او الاتحادية او تسمية اخرى، او متمثلة بالحكومات او الادارات المحلية.ومن المستحيل ان نعثر على نص دستوري واحد في دستور دولة ديمقراطية ومتحضرة يجيز قتل -او حتى الاعتداء على-مواطن مدني اعزل لم يفعل شيئا سوى انه طالب بأبسط حقوقه بطريقة سلمية، واذا حدث ان قتل هذا المواطن، فأن ذلك سيكون بحد ذاته قضية كبرى تستدعي مساءلة الجهات المسؤولة العليا في الدولة، ويمكن ان تؤدي الى استقالة او اعفاء مسؤولين كبار في الدولة او حتى محاكمتهم. وعندنا-في ظل النظام الديمقراطي المؤسساتي-يبدو ان الامور تسير بطريقة غير صحيحة تشبه السياقات المعمول بها في الانظمة الديكتاتورية الاستبدادية، والا كيف يمكن تفسير ازهاق ارواح بريئة وسفك دماء طاهرة لاشخاص خرجوا الى الشارع يطالبون بالكهرباء ويدعون الى استقالة المتسببين بمعاناتهم التي امتدت لعد سنين، ويدعون كذلك الى محاسبة ومساءلة المتسبيين بهدر المال العام دون جدوى؟. ان ما هو طبيعي ومتوقع ان يؤدي تفاقم المشاكل والازمات وعدم ايجاد الحلول والمعالجات الواقعية لها، الى تراكمات واحتقانات خطيرة من شأنها ان تفتح الابواب واسعة لفوضى واضطراب في الشارع العراقي يصعب السيطرة عليه والتحكم به اذا بلغ مستويات كبيرة.والدولة -وبالتحديد الحكومة بأجهزتها التنفيذية-وكذلك الحكومات المحلية تتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية ان لم يكن المسؤولية بكاملها.اذ انه من غير المعقول ان يبقى المواطن يتلقى الوعود الوردية من الماسكين بزمام الامور ولايحصل على اي شيء من الناحية الواقعية، ولايسمح له بالكلام واذا تكلم فمصيره الموت لاغير.
https://telegram.me/buratha