ميثم المبرقع
ثمة حقيقة لا غبار عليها ولا نقاش فيها وهي ان الاشخاص مهما عظموا فهم لا يؤثرون على المسيرة بشكل مصيري فلا تنهار المسيرة برحيلهم وغيابهم فالمؤسسون يرحلون ويستبدلون وتبقى المؤسسة فاعلة ومستمرة.فالدولة هي الاطار الثابت والدائم وما دونها من اشخاص وعناصر فهي طارئة ولا يرتهن مصير الدولة بوجودهم الا اذا اختزلوا كل كيان الدولة بشخصهم فحينئذ ينهار هذا الكيان بغيابهم.ثقافة عدم البديل وغياب البدائل وحسر الخيارات العديدة بخيار واحد ثقافة خطيرة تستبطن نزعة فردية مستبدة وتؤكد قناعات خطيرة في قبول الامر الواقع وهي ما يتقاطع تماماً مع المشروع والممارسة الديمقراطية التي تعني فتح افاق الاختيار على اوسع ابوابها لاختيار القيادات من داخل الشعب الذين يكتنز في اعماقه ويحتضن في صفوفه الخيارات العديدة والبدائل الكثيرة فليست من الصحيح تكريس مثل هذه القناعات الخطيرة واستعارة ثقافة عدم البديل من النظام السابق الذي اختزل العراق كله بشخص الرجل الواحد والحزب الواحد والجميع قد شهد وشاهد تداعيات هذه الثقافة الخطيرة على واقع العراق في المرحلة السابقة.ان قناعتنا الاكيدة والمرتكزة بوعينا هي ان العراق بلد ولود ولديه من الطاقات والقدرات البشرية القادرة على ادارة البلد ومواجهة الازمات والصعوبات وتجاوز العقبات والتحديات.وليس من الصحيح الايحاء باننا لا نمتلك خيارات وبدائل لاي منصب مهم وخطير كموقع رئاسة الوزراء وان تأكيد هذه القناعات بعدم البديل اساءة واضحة لهذا الشعب واشارة خطيرة لاستعارة الخطاب البعثي السابق الذي كان يضخ في مرتكزات الوعي العراقي والعربي الرسمي بغياب البديل المناسب لادارة البلاد.وبعد التغيير الكبير سنة 2003 اصبح العراق حافلاً في كشف القدرات والقيادات الاستثنائية واستنبات الطاقات الفاعلة ولدينا خيارات عديدة في اختيار القيادات والبدائل لهذا الموقع او ذاك فالمؤسسة والدولة فوق الاشخاص فالقادة يرحلون وتبقى المؤسسة واطارها العام الذي لا ينهار بغياب قادته ولدينا تجربة كبيرة في التأريخ المعاصر وفي صدر الاسلام فقد اشار وحي السماء الى هذه الرؤية بقوله تعالى "وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افأئن مات او قتل انقلبت على اعقابكم..) وغياب الرجال الكبار قد يترك فراغاً من الصعب سده ولكنه لم يؤثر على مصير المسيرة واركانها.وقد اثار بعض الشركاء اشكالية على المجلس الاعلى الاسلامي العراقي مفادها بان ابراز قائد ورئيس للمجلس الاعلى في مرحلة المعارضة كان مغامرة وخلل امني قد يعرض القائد والمسيرة الى الخطر في حال اغتيال هذا القائد او رحيله بموت فجائي وكنا نؤكد لهم بان غياب القائد لا يعني غياب المسيرة وانهيارها لاننا نعتقد بان الامة لا تخلو من الرجال القادرين على سد الفراغ القيادي.وكان هؤلاء يثيرون اكثر من علامة استفهام على وجود قائد لمسيرة المعارضة الاسلامية في العهد البائد وكانوا يميلون الى القيادة السرية لتفادي اي محاولة للاغتيال او التصفية وكانوا يؤكدون بحسن قصد او بسوء نية بان غياب القائد سيعرضكم الى الضياع والتشرذم والانهيار.وعند غياب القائد الكبير اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم شهيد المحراب (قدس) واختيار القيادة المناسبة لسد هذا الفراغ والنجاح الملحوظ على قدرة البديل اثبتنا خطل الرهان على ما كانوا يتصورون ويؤكدون.والمفارقة ان نفس الايحاءات السابقة التي كانوا يؤكدونها اثاروها على غياب عزيز العراق وما يشكله من فراغ خطير على مسيرة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وبرحيله عوضنا الله بقائد فذ يمتلك من القدرات الاستثنائية ما نالت اعجاب الجميع واثبتت بان القائد مهما كان تأثيره وقدرته فهو جزء من هذه الامة التي انجبته وهي قادرة على انجاب امثاله.
https://telegram.me/buratha