المقالات

التكافل مسؤولية الجميع

673 15:26:00 2010-06-19

حسن الهاشمي

"طـوبـى لمـن انفق القصـد وبذل الفضل". هذه المقولة التي أطلقها رسول الله صلى الله عليه وآله بحد ذاتها نظرية متكاملة ومتماسكة تجذر فينا روح القناعة والتكافل والتكامل الإنساني، القناعة بالإقتصاد والإعتدال في الصرف على النفس والعيال بعيدا عن الإسراف والتبذير، والتكافل بمعناه بذل الفاضل والزائد من المال وتقسيمه بين المعوزين، وهي تولد فيما إذا تم تقمصها مجتمعا متماسكا يعطف بعضه على بعض ويشد بعضه وزر بعض ويتعاون الجميع على البر والتقوى ويتحركون باتجاه ردم كل ما من شأنه تلويث بيئتهم من مخاطر الفقر والإثم والعدوان. حالة الفقر والأمراض التي تعاني منها قطاعات واسعة من الشعب العراقي، بحاجة إلى جهود متواصلة ومن قبل الجميع لحلها والتغلب عليها، والحال إن الشعب العراقي شعب عجنته التجارب وصقلته الحوادث وصيرت منه شعب أبي وشعب فيه من الشهامة يمكن الاتكال عليه بأمور مهمة لا يمكن للدولة وحدها أن تنوء بها، وما أحلى التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع المسلم، الذي هو عنوان يراد منه التحام الأفراد فيما بينهم في إطار من الود والرحمة، كما يقول الحديث الشريف: "المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضة بعضاً". إن الكثير من موارد عيشنا فيها فضول المعاش والمقصود من فضول المعاش هي الأمور الكمالية التي يتم صرفها على الإنسان وعائلته، ولكن لو تم تقليصها ستوفر بعض المال يمكن الاستعانة به لخدمة الآخرين .. والحاجة إلى المشاعر الجماعية خصلة إنسانية نحن بأمس الحاجة إليها في الظرف الراهن.. فالإنسان المحتاج سيُسَر طبعاً إذا طرق بابه محسن وأعطاه بعض المال .. هذه النماذج من البشر كثيرة وهم الذين يطبقون قول الرسول في الصرف المعتدل على النفس والعيال ودفع الفائض على المحتاجين. ولا يستهان بالفائض مهما كان قليلا، فالبحر يتكون عادة من قطرات والجبال من ذرات .. ومن بين صور التكافل تتألق صورة الإنفاق في سبيل الله بشقيها الواجب كالزكاة والخمس والنذور والكفارات والمستحب كالصدقات والتبرعات وسائر أعمال البر والإحسان، وليعلم الجميع إن مد يد العون إلى الضعفاء والمعوزين والإيعاز بأنه يوجد ثمة شرائح ميسورة في المجتمع من يحنو عليهم، ومن ينتشلهم من براثن الفقر، ويبعد عنهم صوره المرعبة وبذلك تتوازن القوى، ويتجه كلهم نحو بناء مجتمع مثالي في كل عصر ومع كل جيل.إن الحياة الاجتماعية ليست بالإمكان أن تنتظم بجهود الفرد كفرد بل بجهود الفرد منظماً إلى المجموعة ليصل الجميع إلى هدفهم المنشود، والتكافل الذي يريده الإسلام، ويحث عليه لأنه صورة شفافة يعبر عن الرحمة والحنو والعطف والشفقة، وقد أراد الله ذلك لعباده لأنه سبحانه المنبع الحقيقي للرحمة والشفقة والسماحة، فهو رحيم ويحب الرحمة، ويوصي بالرحمة. وتوزيع المال الفائض بطبيعة الحال يؤمن للغني غناءه باعتبار ما استفاض من الأحاديث باستنزال الرزق بالصدقة، ويؤمن في الوقت نفسه للفقير حقه في الحياة واقتناء ضروريات المعيشة، وهذه العملية تعد من القواعد الأساس لعملية التكافل والترابط الاجتماعي، لذلك رتب الإسلام نظاماً للإنفاق لئلا يسرف الإنسان في ذلك أو يقتر. "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط ". (سورة الإسراء | آية : 29) . ولكي نثبت للعالم إننا شعب متماسك ولكي نثبت للجميع إننا على وئام ووحدة وتماسك وتواصي بالخير والبر والإحسان ولكي نكون من طلاب الآخرة ونستغل فرص الخير السانحة، علينا جميعا إن نمد يد العون والمساعدة لكل من يعاني من شظف العيش ويتلوى تحت سياط مرض عضال أعياه عن ممارسة حقه في الحياة بصورة طبيعية، لعل أعمال الخير المتبناة من المحسنين توقظ في المجتمع من هو في سكرة وهو لا يدري.. حيث أن الإنفاق آلة وطريق لخدمة الناس الذين هم بأمس الحاجة إلى تلك اليد النظيفة التي تحاول دائما أن ترسم الأمل في النفوس والبهجة في الصدور وتترك بصماتها الندية على زهور ذابلة هي بأمس الحاجة إلى من يضخ فيها نفحات النضارة والوداعة والحياة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك