حافظ آل بشارة
الجميع يريدون تشكيل الحكومة لكن العراق يحتاج رئيس وزراء واحدا ونائبين له وحوالي 30 وزيرا لذا فهؤلاء فقط هم الذين سيكونون اصحاب السلطة أما عداهم من سكان البلاد فهم رعية ، ومن المؤكد أن القوم الذين يتنازعون على هذه المواقع يحز في نفس كل منهم ان يكون من الرعية أو من مواقع سلطة ادنى ، وهم في قرارة أنفسهم يشعرون أنهم خلقوا لأجل السلطة ، وبما ان هذه المشكلة من الناحية النفسية تعتبر صعبة جدا لذا يبدو أن الانتحار هو الحل الافضل لمن يخسر السلطة ولكن ليس على طريقة الانتحاريين المفخخين ، بينما يبدو للكثيرين أن الحياة مليئة بالمناصب ولا داعي للانتحار فبأمكان الذين لايحالفهم الحظ ان يتسنموا موقعا آخر اشد خطرا وهو موقع المعارضة ، معارضة واسعة الانتشار داخل البرلمان وخارج البرلمان وفي الشارع ووسط الاحياء الوسخة والقرى المتهالكة وفي البر والبحر ، عليهم اللجوء الى احضان الجماهير خاصة وان أي محاولة لتعبئة الجماهير الآن ضد الفساد والتقصير والمحسوبية هي حملة ناجحة ومشروع لصناعة قادة جدد ، ليس الحكومة وحدها سلطة فرئاسة الجمهورية والبرلمان والقضاء والقوات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني والاعلام الوطني كلها مواقع سلطة اذا اراد اصحابها ذلك بالتفعيل والتشغيل والمبادرة والاستقطاب وتحمل المسؤولية ، الكتلة التي تخسر تشكيل الحكومة يمكن ان تكون رقيبا عتيدا على عمل الحكومة ، فالمعروف ان من يشكل الحكومة يلجأ الى التشاور مع الكتل الاخرى لتحقيق اغلبية وقد درج الآخرون على المطالبة بمواقع وزارية ثمنا للتعاون ، ونقترح ان يغيروا طريقتهم ويطالبوا باصلاحات بدل المواقع ويفرضوا شروطهم الاصلاحية على من يشكل الحكومة وعندما يصبحون في وضع من يملي شروطه ثم يجلسون متربصين في مجلس النواب يكونون قد دخلوا سلطة المعارضة وسلطة الرقابة من اوسع ابوابها ، أما الشروط التي نتمنى ان يفرضها المنافسون على من يشكل الحكومة فيمكن ادراجها في عشر وصايا تاريخية :
1- توزيع المواقع التنفيذية على اساس معيار الكفاءة والنزاهة والاختصاص وليس المعيار الحزبي .
2- مطالبة الحكومة بتقديم برنامج عمل على شكل خطة استراتيجية لاربع سنوات مع الاسقف الزمنية والاهداف والسياسات والقواعد والاجراءات وحجم العنصر البشري والتكاليف .
3- يجب ان تتضمن الخطة اولويات العمل حسب الحاجة الاجتماعية الحقيقية وتقديم الأمن والخدمات على غيرهما
4- الزام الحكومة بدعم الدور الرقابي لمجلس النواب وعدم التنصل من مسؤولية المثول امامه او اعاقة آليات الرقابة .
5- تتعهد الحكومة بوضع مخطط مستقل لمعالجة الفساد مع وضع قواعد لتنفيذ المخطط مع الالتزام بجدول زمني .
6- تطبيق سياسة تنفيذية تعتمد زيادة صلاحيات المحافظات واعطاءها دورا تنفيذيا اوسع في الاعمار والتنمية وتوزيع حصتها من الموازنة بعدالة .
7- الاهتمام باستقلال المؤسسة الاعلامية وعدم السيطرة على شبكة الاعلام باعتبارها مؤسسة مستقلة تابعة للدولة ولايس للحكومة .
8- الالتزام بالوضوح والشفافية في الاداء اليومي واطلاع الرأي العام على جميع التطورات الحاصلة في اروقة الحكومة وتمكين الاعلام من الوصول الى الحقيقة .
9- عدم احتكار الوظائف في دوائر الحكومة الاقرب لصالح الحزب الحاكم واشراك الجميع فيها بعدالة.
10- المضي في تحسين علاقات العراق الدولية وعدم التعامل مع الابتزاز الاقليمي من موقع الضعف خاصة مع عواصم اعتادت على احترام المدفعية والدبابات واحتقار الحوار والمحادثات. كل طرف يستطيع فرض هذه الشروط على الحكومة قبل التعاون معها فسيكون صاحب سلطة حقيقية ، وسوف ينجح في تأسيسس رؤية ثقافية جديدة حول مفهوم السلطة وعدم تسييسها وجعلها اداة لخدمة الفرد والمجتمع .
https://telegram.me/buratha